حلحلة عقد اللجنة الدستورية السورية تمهيداً لإعلانها الثلاثاء

16 ديسمبر 2018
يغادر دي ميستورا مع نهاية العام الحالي(فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -

من الواضح أن المسار الطويل لتشكيل اللجنة الدستورية السورية برعاية أممية، والذي اعترضته عقباتٌ كثيرة، وصل إلى مرحلة مفصلية، إذ كشف مصدر تركي مطّلع على تفاصيل المشاورات بشأن اللجنة، لـ"العربي الجديد"، أن "موعد الإعلان عن تشكيلها سيكون الثلاثاء المقبل، في مدينة جنيف السويسرية، بحضور وزراء خارجية الدول الضامنة، تركيا وروسيا وإيران"، وذلك قبل يومين من الموعد المحدد لتقديم المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، تقريره بشأن اللجنة إلى مجلس الأمن، وقبيل أن ينهي مهامه مبعوثاً أممياً، تاركاً مكانه للنرويجي غير بيدرسون، اعتباراً من مطلع العام المقبل.

ولا تنفصل الانفراجة في ملف اللجنة الدستورية عن سلسلة الاتصالات المكثفة التي جرت في الآونة الأخيرة لحلحلة العقد، والتي تكثفت بعد تهديد المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، جيمس جيفري، قبل نحو أسبوع، بأن "بلاده ستُنهي مسار أستانة، إذا لم يحصل تقدّم في تشكيل اللجنة الدستورية"، مؤكداً أن "واشنطن ستنتظر تقديم دي ميستورا تقريره إلى مجلس الأمن في هذا الشأن، والذي كان مقرراً يوم الجمعة الماضي، قبل أن يؤجل الموعد إلى الخميس المقبل". وهو ما رأت فيه المعارضة السورية رضوخاً من نظام الأسد وروسيا للتهديدات الأميركية.

وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "الإعلان عن اللجنة الدستورية سيكون في 18 ديسمبر/كانون الأول الحالي، بحضور وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، ونظيريه الروسي سيرغي لافروف، والإيراني جواد ظريف، بعد تجاوز العقبات التي كان تعترض تشكيل اللجنة، من دون الكشف عن الشكل النهائي لها".

وكانت مصادر تركية مطّلعة أكدت، قبل أيام، قرب التوافق بين الدول الضامنة على إعلان تشكيل اللجنة الدستورية حول سورية "بعد تذليل كثيرٍ من العقبات التي اعترضت تشكيلها، على أن يتمّ الإعلان عنها قريباً"، وأن "التوافق أصبح قريباً جداً، وسيجري الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية في جنيف قبل يوم 20 ديسمبر الحالي، في اجتماع يُحضّر له بين وزارات خارجية الدول المعنية".

ويبدو أن الدول الضامنة استشعرت فقدان المجتمع الدولي الثقة في مسار أستانة، عقب فشل اجتماعاتها الأخيرة قبل أسبوعين في تشكيل اللجنة الدستورية، رغم قرار إنشائها قبل عشرة أشهر، والمهلة الدولية لتشكيل اللجنة قبل نهاية العام الحالي، تطبيقاً لمخرجات القمة الرباعية التركية الروسية الألمانية الفرنسية في إسطنبول قبل شهرين.

وتقاطعت معطيات عدة أكدت وجود انفراجة في هذا الملف، بما في ذلك كلام وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قبل أيام، من خلال تأكيده أن "تشكيل اللجنة الدستورية قد أصبح شبه كامل، وأنه تم التوافق على تسمية جميع الأعضاء تقريباً".



تصريحات الوزير الروسي، لوسائل إعلامٍ روسية، جاء فيها أن "قائمة أعضاء اللجنة شبه جاهزة"، متوقعاً أن "تجتمع اللجنة مطلع العام المقبل". وتحدّث عن أن "مسؤولين روسا زاروا أنقرة ودمشق، وتوجهوا إلى طهران، لبحث هذا الشأن". كما أنه ناقش مسألة اللجنة الدستورية مع نظيره التركي مولود جاووش أوغلو، وفي مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف.

وكان مسار تشكيل اللجنة الدستورية اصطدم بعقباتٍ كثيرة، آخرها تمثل في اعتراض موسكو على مسألة القائمة الثالثة في اللجنة، وهي القائمة التي يسمي فيها دي ميستورا، شخصيات سورية من المجتمع المدني، وهي شخصيات "مستقلة وحيادية" وقانونية، لتكون إلى جانب قائمتي النظام والمعارضة، والتي تتألف كل منها من 50 شخصاً، رُفعت فعلاً إلى دي ميستورا.

وكان أحد اعتراضات موسكو، هو نقطة الخلاف، فيما يتعلق بطلبها أن يكون في القائمة الثالثة نحو ستة أسماء إضافية لها، فضلاً عن منصب رئيس اللجنة، وأن هذا الطلب ينمّ عن رغبة لديها بالاستحواذ على قرارات اللجنة لصالح النظام، إلا أن المساعي الروسية اصطدمت برفضٍ تركي حازم، بحسب مصادر تركية.

وفيما لم يصدر تعليقٌ رسمي من قبل مسؤولي النظام السوري، حيال التطورات الحاصلة، و"الانفراجة المتوقعة" في مسألة تشكيل اللجنة الدستورية، فإن بعض أطياف المعارضة السورية، تجد أن تشكيل اللجنة الدستورية يعتبر بمثابة إنجازٍ أولي، على اعتبار أن النظام يرضخ بالمحصلة للانخراط في هذه اللجنة الدستورية، التي كان يسعى لعرقلة تشكيلها، كونها تجرّه إلى خطوةٍ جدية في عملية الحل السياسي الرافض لها فعلياً.

وذهب المتحدث الرسمي باسم "هيئة المفاوضات" السورية، يحيى العريضي، في هذا الاتجاه، حين اعتبر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "التقدم الذي قد يحصل في مسألة تشكيل اللجنة الدستورية، خلال الأيام الثلاثة المقبلة، خطوة مهمة، لأن ذلك يعني أن النظام رضخ مرغماً لهذه العملية، التي كان يتجنب الدخول فيها، ويخشى أن تتحقق". لكنه استدرك في نفس الوقت سائلاً "هل تقدم أو تؤخر هذه اللجنة؟ هذا موضوع مهم. فاللجنة جابهت عقبات كثيرة جداً قبل أن يتم تشكيلها، وستواجه أيضاً عقبات كثيرة بعد التشكيل"، مؤكداً أن "تشكيل اللجنة الدستورية، هو خطوة يتوجب أن تتبعها خطوات أخرى، تحديداً فيما يتعلق بتنفيذ باقي بنود القرار الدولي 2254".

واعتبر العريضي، أن "جولة أستانة الأخيرة، في 28 و29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كان من الممكن أن يُحرز بها تقدم في مسألة اللجنة الدستورية، ولكن موسكو ماطلت مجدداً، وأضاعت الفرصة، والتي تبعتها تهديدات واشنطن بإنهاء مسار أستانة".

ورأى العريضي أن "الضغط الأميركي، ورفع واشنطن نبرتها، وتهديدها بإنهاء مسار أستانة، ما لم يتم إحراز تقدم في مسألة تشكيل اللجنة الدستورية، قبل عرض دي ميسورا تقريره، في مجلس الأمن، دفع موسكو إلى القول إن اللجنة الدستورية باتت شبه كاملة، بعد أن كانت تماطل وتعرقل تشكيل هذه اللجنة". واعتبر أن "ضغوط واشنطن وضعت حداً للمماطلة الروسية في هذا الشأن، وأن خطوة إنجاز اللجنة الدستورية مهمة وأرضخت النظام للدخول في عملية كان يخشاها ويتجنبها".


المساهمون