يعد اتساع رقعة الدمار في سورية أحد التحديات المهمة أمام ملف إعادة الإعمار، حيث لا تتركز تأثيرات الحرب على مناطق دون غيرها، بل تتوزع في معظم المحافظات والقرى. وكان لجميع القطاعات الاقتصادية ومنها الزراعة والصناعة والنفط نصيب من الخراب.
وتجاوز عدد المنازل التي تهدمت في سورية أكثر من مليوني منزل حسب تقارير غير رسمية. في حين قدرت دراسة سابقة "للإسكوا" عدد المنازل المهدمة بنحو 1.7 مليون منزل.
الأكثر دمارا
واحتلت حلب المرتبة الأولى بلا منافس لجهة التدمير، وابتلعت الحرب نصف منازلها، التي تقدر بنحو 424 ألف منزل، وتحتاج إلى إعادة بنائها أو ترميمها لنحو 187 مليار ليرة (1.2 مليار دولار. ثم جاء ريف دمشق ثانياً بعدد منازل مهدمة بلغت 303 آلاف منزل، تحتاج إعادة بنائها لـ145 مليار ليرة (950 مليون دولار).
وحمص ثالثاً بعدد منازل بلغت 200 ألف منزل، تحتاج إعادة بنائها لنحو 97 مليار ليرة (630 مليون دولار). تلتها إدلب بحوالى 156 ألف منزل، ودرعا 105 آلاف منزل، ودير الزور 82 ألف منزل، وحماة 78 ألف منزل، والرقة 59 ألف منزل.
كما تعرضت القطاعات الأخرى إلى عمليات تخريب منظمة، ومنها النفط الذي كان في مقدمة القطاعات المتضررة من الحرب. وحسب بيانات نظام الأسد، فإن خسائر القطاع هي الأعلى، فالبلد الذي وصل إنتاجه النفطي مطلع 2011 إلى ما يقارب 380 ألف برميل يومياً، لم تعد الحكومة تسيطر -وفق تصريحات سابقة لوزير النفط والثروة المعدنية، سليمان العباس -إلا على نحو 15 ألف برميل يومياً شرق مدينة حمص وسط سورية، بعدما سيطرت المعارضة وتنظيم "داعش" على الآبار، قبل أن يأتي التحالف الدولي بقيادة القوات الأميركية ليقصفها.
وبحسب دراسة موثقة أصدرتها جامعة دمشق قبل الثورة، يبلغ احتياطي سورية غير المكتشف من النفط نحو 315 مليار برميل.
حظ الزراعة
لم تنج الزراعة من عمليات القصف والتدمير وقتل وتهجير المزارعين. وتوقع خبراء انخفاضاً قياسياً للمحاصيل الزراعية في سورية، مقارنة بالفترة التي سبقت الثورة عام 2011، حيث تواجه جميع المحاور المتعلقة بالمنظومة الزراعية مشاكل عديدة، الأمر الذي سيؤدي إلى تحول سورية من دولة مصدّرة للغذاء إلى مستوردة له.
وحسب متخصصين، فإن هناك عقبات تواجه الزراعة السورية، منها تخصيب التربة، والحصاد، والنقل والتسويق، بعدما دبّت الفوضى في كل شيء بسبب المعارك الضارية.
وتزايدت صعوبة متابعة أحوال المزارعين في هذا القطاع الحيوي من قبل المسؤولين الزراعيين في بلد فقدت فيه أجهزة الدولة سيطرتها الإدارية فعلياً على أجزاء كبيرة من الأراضي، وبالتالي يزداد تدهور القطاع وجميع المحاصيل التي تعدّ من أهم مصادر الرزق للسوريين.
ولجأ البعض إلى استخدام المياه الجوفية لتعويض ضعف الأمطار، لكن ارتفاع سعر وقود الديزل حدّ من هذا الخيار لمزارعين في مناطق أخرى.
ومن المحاصيل التي تضررت من الحرب، الزيتون، الذي وصل إنتاجه للمركز الخامس عالمياً في عام 2011، بعد إسبانيا وإيطاليا واليونان وتركيا، والأول عربياً، إثر بلوغه أكثر من مليون طن، قبل أن تتراجع سورية في التصنيف، وينخفض إنتاجها هذا العام بشكل حاد أفقدها الترتيب العالمي والعربي.
ومع توزيع الخراب على جميع القطاعات والمناطق، توزع أيضاً النازحون على العديد من الدول بسبب الحرب والدمار، وحسب الأمم المتحدة، استضاف لبنان مليونا و17 ألف سوري، فيما تستضيف تركيا 830 ألفا، والأردن 613 ألفا، والعراق 215 ألفا.