بعد نصف ولاية على الحكومة المغربية، التي يقودها حزب "العدالة والتنمية" الإسلامية، برئاسة عبد الإله بنكيران، للمرة الأولى في التاريخ، بدأ الحديث يدور حول مصيرها، ومدى تشابهها بحكومة "التناوب" بقيادة الزعيم الاشتراكي، عبد الرحمن اليوسفي.
ويرى مراقبون أن "التشابه موجود بين الحكومة الحالية، التي عُينت رسمياً في 3 يناير/كانون الثاني 2012، وحكومة اليوسفي، 1998 - 2002، باعتبار أن الظروف التي أدت الى ولادتهما متطابقة، خصوصاً في السياق السياسي الظرفي، كما اشتكيا من جيوب التغيير بتعبير اليوسفي، ومن التماسيح والعفاريت بتعبير بنكيران".
وشُكّلت حكومة "التناوب" التوافقية، بزعامة اليوسفي في 1998، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، بعدما انطلق النقاش السياسي العام بالمغرب، في 1992، وتمحور حول إرساء إصلاحات سياسية، ومنها إطلاق الحريات العامة، وإشراك المعارضة في الحكم، ودامت الحكومة الى العام 2002.
ويفنّد الباحث في العلوم السياسية، عبد الرحيم العلام، لـ"العربي الجديد"، مسيرة الحكومتين، مشيرا إلى أن "الحزبين المعارضين ترأساهما، ولم يسبق لهما المشاركة في الحكم، ولديهما ماضٍ زاخر بالصراع مع السلطة".
ويُلفت إلى أن "الحكومتين تتشابهان أيضاً في تأليفهما إبّان أزمنة الظروف الصعبة التي مرّت بها البلاد، فاليوسفي دُعي إلى ترؤس حكومة التناوب، بعد أن كادت البلاد تُصاب "بسكتة قلبية"، أثناء محاولة الملك الراحل الحسن الثاني تمرير الحكم إلى خلفه، محمد السادس، في أجواء يطبعها التوافق".
ويُضيف "كما جاءت حكومة بنكيران في سياق الحراك الثوري (حركة 20 فبراير)، بعد اضمحلال الخطوط الحمراء التي كانت ترسمها الدولة للإسلاميين، في محاولة من المؤسسة الملكية لتمرير الحِراك بأقل الخسائر، فكان التعويل في هذا السياق على العدالة والتنمية".
ويوضح "تختلف تجربتا الحكومتين الإسلامية والاشتراكية، في المدرستين الأيديولوجيتين اللتين ينتميان إليهما، كما أن حزب الاتحاد الاشتراكي راكم عقوداً طويلة من معارضة قوية للحكم، أما العدالة والتنمية فلم تكن تجربته طويلة في المعارضة".
ويعتبر العلام أن "الإسلاميين غنموا الظروف السياسية الجديدة، التي أتاحتها رياح الربيع العربي، ففازوا في الانتخابات التشريعية في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، فيما أتت حكومة اليوسفي في وقت انهارت فيه الأيديولوجيات، وانحسر المدّ الاشتراكي، مستفيداً من تاريخه النضالي الكبير".
ويُشدّد بالقول "لأن للتجربتين الحكوميتين الإسلامية الحالية والاشتراكية السابقة، العديد من نقط التشابه، أمكن الحديث عن احتمال أن تسلك تجربة حكومة بنكيران الإسلامية، المسار عينه الذي انتهت إليه تجربة حكومة اليوسفي الاشتراكية".
ويعتبر أن "كلا التجربتين الحكوميتين تم استدعاؤهما، أو صرف النظر عنهما لضرورات وسياقات سياسية ظرفية، وهو ما يعني أن نفس الأحوال التي أنتجت التجربتين تساهم في انتهائهما، خصوصاً في خضم اتهامهما الدولة العميقة بمقاومة الإصلاح".
لكن العلام يردف بالقول "هناك أيضاً إمكانية كي لا تكون النهاية متشابهة، بعد الأخذ بعين الاعتبار الاختلاف الأيديولوجي بين الحكومتين، التي قد تكون في صالح التجربة الحالية، لتركيزها على البعد الأخلاقي، وبعض السياسات التي قد تلقى تجاوباً من قِبل المجتمع المغربي المحافظ".
ويرى أن من اهم العوامل التي يمكن أن تجنّب الحكومة الحالية مصير سابقتها، بحسب العلام، هو أن "هناك المزيد من الوقت كي يقيّم حزب العدالة والتنمية، المدة التي أمضاها في الحكومة، من أجل إعادة التموضع قبل فوات الأوان، خصوصاً وأن أجواء الحراك ما زالت قائمة في أكثر من مكان".