وعلى عكس رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، فإن عبد المهدي لم يغادر البلاد حتى الآن رغم دعوات وجهتها له 24 دولة غربية وعربية مختلفة، أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا.
ويضم برنامج عبد المهدي الحكومي الذي وافق عليه البرلمان، 48 فقرة مختلفة، وحددها بجداول زمنية تبدأ بثلاثة أشهر، ثم ستة أشهر، وصولاً إلى 48 شهراً مدة دورته الحكومية.
ورغم عدم اكتمال حكومته حتى الآن، إذ لا تزال ثلاث من أهم الوزارات السيادية شاغرة بسبب الخلافات بين الكتل، وهي الدفاع والداخلية والعدل، وتعمل حالياً بالوكالة، إلا أن الحكومة أنجزت أول وعودها، وهو فتح طرق بغداد المغلقة منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، ومنها فتح المنطقة الخضراء، إضافة إلى إطلاقه مجلساً أعلى للفساد، وهو تشكيل يضاف إلى سلسلة تشكيلات ولجان وهيئات سابقة شكلت لهذا الغرض، مثل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ولجنة النزاهة بأمانة مجلس الوزراء، ومكاتب المفتشين العامّين في الوزارات، وعددهم حتى الآن 41 مكتباً بصلاحيات واسعة.
كما نجحت حكومة عبد المهدي في تليين العلاقات مع إربيل، والتوصل لاتفاق نفطي سمح بإعادة التصدير عبر أنبوب الإقليم إلى ميناء جيهان التركي، واعتماد نظام داخلي لأول مرة لمجلس الوزراء، وإلغاء بعض الحلقات الزائدة بقطاع التبادل التجاري بين العراق وجيرانه، التي كانت أحد وجوه الفساد وسبباً مباشراً في ارتفاع أسعار الموادّ المستوردة على المستهلك، وإلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة، وإقالة ضباط عسكريين عرف عنهم الفساد والتدخل بالجانب السياسي والولاء لحزب الدعوة الإسلامية.
مقابل ذلك، لا يزال مؤشر الفقر والبطالة مرتفعاً، كما أن الخدمات الأساسية في المدن المحررة شمال وغرب البلاد دون أي تقدم، وتعتمد بشكل مباشر على منح وبرامج مساعدة تقوم بها منظمات دولية وأممية، إضافة إلى جمعيات إنسانية عربية، أبرزها كويتية وقطرية.
وبشأن ذلك قال عضو الحزب الشيوعي العراقي، الذي يشارك في البرلمان عبر تحالف "سائرون" ماجد الهلالي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة العراقية الجديدة لم تحقق الكثير حتى الآن، لكن الخطوات التي اتخذتها وإن كانت بسيطة، جيدة رغم المؤاخذات التي عليها، ومنها محاباة فصائل مسلحة والحرص الواضح على عدم الاصطدام بها".
وأضاف الهلالي أن "الحكومة ينتظرها الكثير، لكن الكتل السياسية تعتبر أبرز معوقاتها، ويمكن القول إن ثلاثي الإرهاب والفساد والكتل السياسية هو من يعوق عمل الحكومة العراقية الحالية".
بدوره، أوضح حسام الحسني، عضو تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، أن "المائة يوم لا يمكن أن تعطي تقييماً موضوعياً، لأن الحكومة غير مكتملة، لكن هناك مؤشرات على أن عبد المهدي يسير في الطريق الصحيح".
وأضاف الحسني، في تصريحات أوردتها صحيفة محلية عراقية: "نحن راضون عن إدارته للسياسة الخارجية في التزام الحياد الإيجابي، وبحث فرص الاستثمار مع دول مختلفة في المجال الاقتصادي، والمستوى الجيد للأمن في المدن العراقية"، مبيناً أنه "لو استكملت الحكومة ونجح المجلس الأعلى للفساد، وشكل مجلس الإعمار، وانتهت المناصب بالوكالة، فإن هناك نقلة نوعية ستحدث في هذه الحكومة".
وقال عبد المهدي أثناء قراءة برنامجه الحكومي، أمام البرلمان قبل أكثر من 3 أشهر: "إننا ننوي عدم السفر خارج البلاد، قبل التأكد من إنجاز المراحل الأولى للمهامّ السريعة للمنهاج على الأقل، كما ننوي الحضور في ميادين العمل والمحافظات المختلفة لنشارك أبناء شعبنا أفراحهم".
وبحسب مسؤول عراقي بارز في بغداد، فإن رئيس الوزراء ينوي إنهاء أزمة استكمال الحكومة خلال الشهر الجاري، بجولة مباحثات جديدة مع الكتل السياسية المختلفة.
وأكد المصدر ذاته لـ"العربي الجديد"، أن الخطوة الجديدة للحكومة على المستوى الخدمي ستكون تفعيل مقررات مؤتمر مانحي الكويت والحصول على أموال لإعمار المدن العراقية المدمرة، وعددها 48 مدينة وبلدة كبيرة شمال وغرب العراق، إضافة إلى منح البصرة أولوية في حل مشاكلها قبل الصيف، وخاصة الماء والكهرباء.
وأكد أنه "يجب ألا ينتظر تغيير سياسي من الحكومة على المستوى الخارجي، وكذلك الداخلي، فالحكومة الحالية هي حكومة خدمات بالدرجة الأولى، ونأمل أن تتفهم تلك الكتل السياسية هذا الموضوع، فالشارع لم يعد يحتمل مهاترات أخرى لأربع سنوات إضافية".
عضو لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج النائب عن تحالف "سائرون" ثورة الحلفي، كشفت لصحيفة المدى العراقية الصادرة الأحد في بغداد، أن اللجنة "قررت إعطاء مهلة ثانية 100 يوم أخرى لحكومة عبد المهدي، بسبب عدم اكتمال التشكيلة الوزارية".
وهددت الحلفي خلال الـ100 يوم المقبلة بأن التقييم سيكون "صارماً"، وربما ستصل العقوبات به إلى إقالة وزراء بعد استجوابهم في البرلمان.
فيما أكدت لجنة التخطيط البرلمانية وجود عراقيل أمام تنفيذ هذه البرامج، خلال الـ100 يوم الأولى من عمر الحكومة.
وقال عضو اللجنة ناصر تركي، إن "100 يوم انتهت على بدء الحكومة عملها، ولكن لا يمكن الحديث عن أنها ستقوم بتنفيذ برنامجها الحكومي خلال هذه المدة"، مشيراً إلى أن "هناك عدة عراقيل تمنع ذلك، ومنها عدم اكتمال التشكيلة الوزارية، وتأخر التصويت على مشروع قانون الموازنة".