حكومة السيسي تستنجد بـ"صكوك" مرسي لإنقاذ الاقتصاد المتعثر

07 مايو 2015
الحكومة المصرية لجأت للاقتراض عبر الصكوك (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

في حادثة ليست الأولى من نوعها، يلجأ النظام الحالي في مصر، إلى مشروعات وقوانين أقرها الرئيس المعزول محمد مرسي وقوبلت بالرفض التام وقتها، إذ قالت وزارة المالية إنها بصدد إحياء قانون الصكوك الإسلامية، الذي تم تجميده بعد الانقلاب العسكري.

أثارت التصريحات الأخيرة لوزير المالية المصري، قبل نحو أسبوع، عزم بلاده إصدار الصكوك الإسلامية مطلع العام المالي المقبل الذي يبدأ في يوليو/تموز 2015، جدلاً واسعاً حول استعانة النظام الحالي بالمشروعات التي كانت تتبناها حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي.

إحياء الصكوك

وكان وزير المالية المصري هاني قدري دميان، قال الأسبوع الماضي، إن الحكومة ستطرح

صكوكاً إسلامية في السوق المحلية، مشيراً إلى أن قانون الصكوك، الذي أقره الرئيس المعزول، قائم ولكنه بحاجة لتعديل، للحفاظ على أصول مصر.

ويفرض نقص بدائل التمويل لدى نظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الاستعانة بأدوات كثيرا ما عارضها محسوبون على التيار الليبرالي في مصر، ومن أهمها مشروع الصكوك الذي واجه رفضا شرسا إبان حكم الرئيس مرسي، لكن ثمة أمور غير واضحة غيّبت النقد اللاذع لهذا المشروع في طبعته المستنسخة من القديمة، من قبل النظام القائم.

واتخذ النظام الحالي تدابير تقشفية قال إن الهدف منها هو تقليص العجز في الموازنة العامة للدولة، وتوفير جزء من النفقات العامة لصالح المشروعات القومية التي تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد الراكد. لكنّ المراقبين يرون أن الأجواء السياسية المعكرة والإدارة الاقتصادية غير السليمة، حالت دون استفادة النظام من الوفر الذي حققه من خفض دعم الوقود والكهرباء والمواد التموينية، وكذا الإيرادات الإضافية التي تم تحصيلها من زيادة الوعاء الضريبي وفرض ضرائب جديدة مثل العقارية وأرباح البورصة.

وكانت حكومة رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل، قد أقرت قانون الصكوك في مايو/أيار 2013، فيما كان مقرراً إصدار أول صك بعد أغسطس/آب من نفس العام.

ووافق مجلس الشورى وقتها على مشروع القانون الذي نظم إصدار الصكوك لأول مرة في مصر، بعد الأخذ بملاحظات أبداها الأزهر.

بدورها جهزت الحكومة وقتها لإصدار اللائحة التنفيذية للقانون، وتشكيل الهيئة الشرعية المشرفة على إصدار الصكوك، وكان توجه حكومة قنديل وقتها الاعتماد على الصكوك في تمويل عديد من المشروعات، ومنها مشروع تنمية إقليم قناة السويس، وكذلك الحصول على تمويل من خلال الصكوك لسد عجز الموازنة.

وقوبل المشروع بجدل واسع، اتُهم فيه أنه يعرّض أصول الدولة المصرية وعلى رأسها قناة السويس للخطر، وذلك بتمليكها للأجانب؛ ما أدى لتجميد المشروع بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح حكم الرئيس مرسي وحكومته برئاسة قنديل في يوليو/تموز 2013.

نفي المزاعم

وفي تصريحاته، قال وزير المالية هاني دميان، إن قانون الصكوك يحتاج إلى تعديل جديد لأن التعديل السابق في عام 2012 فرّط في حق مصر، على حد تعبيره. وهي ذات الذريعة التي

قوبل مشروع القانون بسببها بالرفض قبل عامين.

اقرأ أيضاً: حكومة مصر تفتح ملف الصكوك الإسلامية مجدداً

غير أن أحمد النجار مستشار وزير المالية والمسؤول عن ملف الصكوك إبان حكم مرسي، قال وقتها وتحديدا في يناير/كانون الثاني 2013، إن ما يثار حول إمكانية رهن أو بيع أو التفريط

في قناة السويس ليس له أي أساس من الصحة، موضحا أن أصول الدولة الثابتة ذات الملكية العامة يحظر مشروع قانون الصكوك طرحها بشكل تام، أما الأصول المنقولة ذات الملكية الخاصة، فقد أباح القانون طرح صكوك في مقابلها لحق الانتفاع فقط.

استنساخ القانون القديم
 
وانتقد الرئيس السابق للبنك الوطني المصري، أحمد قورة، استمرار اتجاه الحكومة المصرية نحو الاقتراض سواء بآلية الصكوك أو غيرها، مؤكدا ضرورة أن تبحث الحكومة الحالية عن سبل زيادة الإنتاجية لأن كل هذه القروض تشكل عبئاً على اقتصاد الدولة المنهك بالأساس.
 
وعن أسباب رفض المشروع وقت إعلان حكومة قنديل وعودته الآن مرة أخرى دون صوت لأي معارضة، قال قورة في تصريحات لـ "العربي الجديد": إن رفض الأزهر الشريف وقتها للمشروع بدعوى أن به أسعار فائدة ربما تكون متغيرة أو ثابتة كان أحد هذه الأسباب، مشيرا إلى أن هذا الأمر تم حله وقبله الأزهر الآن، بفضل الفتوى الحديثة لمفتي الجمهورية والتي تبيح صراحة التعامل مع المصارف.

ووصف قورة، المزاعم السابقة حول تعريض القانون وقت حكومة قنديل، أصول الدولة للخطر، بـ "كلام فاضي"، قائلا: إن من سيمتلك الصكوك هي الحكومة وقتها أو قناة السويس؛ وهو ما يعني أن أيا من هاتين الجهتين هي المدينة، فهي ليست كالأسهم تعطي للشخص أحقية أن يتملك في رأسمال الشركة.

ويبرر بعض المراقبين المحسوبين على النظام القائم، عدم رفضهم لإحياء مشروع الصكوك مثلما فعلوا مع المشروع السابق، بأن توقيت إعلان المشروع حاليا، أفضل مما كان إبان حكومة قنديل. لكن قورة يرى أن "التوقيت واحد، والظروف الاقتصادية كما هي بل تزداد سوءا".

وقال رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، الدكتور محمد البلتاجي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن الصكوك هي أدوات مالية ولها آليات محددة وواضحة لا تختلف مهما اختلف صيغ القوانين المنظمة.

ونفى البلتاجي، أن يكون هناك جديد بين المشروع الذي سيتم طرحه وما طُرح في السابق،

قائلا: "هي أداة مالية دولية وليس بها جديد".

وفسر البلتاجي قرار تجميد مشروع الصكوك بعد الانقلاب العسكري، بأن "المشروع القديم تم

ربطه بالعراك السياسي، وهذا هو السبب الحقيقي لتجميده".

سرقة مشروعات

ولم يكن مشروع الصكوك، هو الأول الذي يستمده النظام الحالي من مشروعات أقرها الرئيس المعزول مرسي، إذ سبق ذلك مشروع توزيع المواد البترولية باستخدام الكروت الذكية، وهو المشروع الذي انتهت حكومة قنديل من المرحلة الأولى له وكان من المتوقع أن تبدأ المرحلة الثانية له، أول شهر يوليو/تموز 2014.

وكذا مشروع قناة السويس؛ والذي يتميز ببعض الاختلافات بين ما طرحته حكومة قنديل وقتها والنظام المصري الحالي، بالإضافة لمشروع توزيع الخبز بنظام بطاقات التموين.


اقرأ أيضاً: السطو على مشروعات مرسي
اقرأ أيضاً: خبير: الجيش يسيطر على الاقتصاد المصري

المساهمون