لوكا قرّر صنع مصباح، ليتدفّأ. هكذا فعل لأنه كان يعيش في منزل جبلي شديد البرودة لم يكن فيه موقد، وكان الحل الوحيد هو صنع ذلك المصباح.
كان مصباحاً قوامه الطباشير والرمل، وكان لا بدّ أن صنعه سيستلزم جمع الكثير من الجص والرمال لوضعها في المصباح وجعله يعمل.
كان عليه إذن طلب المساعدة من رجل عثر عليه وهو يغادر بيته.
كان باسكوالي في تلك اللحظة يمرّ بمنزل لوكا وهو متجه للعمل في "فيات"، وفي طريق العودة لم يجد نفسه إلا وهو يُستدعى من شاب لم يسبق له رؤيته من قبل.
كان لوكا بحاجة إلى سلّم يصعد به عالياً لتجريب مصباحه الجديد، ولم يكن لديه شيء يوصله إلى السقف. ولأن السيد باسكوالي الذي مر به كان طوله مترين، ارتأى أنه يمكن أن ينفع للمهمة.
وهكذا خرج لوكا من المنزل على عجل لمناداته، ونسي الباب وراءه مفتوحاً، إلا أنه سرعان ما أتت هبّة ريح كانت كافية لإقفال الباب، وتركِ لوكا خارجاً. وهكذا لم يعد بإمكانه دخول المنزل، فطلب المساعدة من باسكوالي على الفور.
ـ لقد حُبست خارج المنزل. هل تستطيع لُطفاً أن تدخل من نافذتي التي هي في الطابق الأول ومنها إلى المنزل، ذلك لأنني قصير جدّاً ولا يمكنني الوصول إليها.
ـ بكل سرور.
صعد باسكوالي نحو النافذة المفتوحة مادّاً ساقه اليمنى أولاً ثم ساقه اليسرى. تسلق النافذة وولج غرفة النوم، ثم عبر الممر ووصل إلى باب المدخل، بحث عن المفتاح الذي كان يستريح على طاولة المدخل، تناوله وفتح الباب للسماح للوكا بالدخول.
شرح لوكا بعدها لباسكوالي أنه يود أن يخترع مصباحاً، فهو يعرف بالفعل ما يلزم لصنعه ولكنه يفتقر إلى الجص والرمال، ولا يعرف مكان العثور عليها هناك في الجبل.
أبدى باسكوالي اهتمامه الشديد بالمشاركة في هذا الاختراع الجديد، خصوصاً أنه يعرف مكان العثور على الرمال، فقد كانت هناك في شاطئ يقع بجوار منزل لوكا، وقد كان يكفي تجاوز منزل المحقق مونتالبانو ـ الذي كانت تعرض القناة الوطنية مسلسله البوليسي ـ لإيجاد رمال جميلة لأنها رمادية وناعمة وتعكس أشعة الشمس.
حمل الاثنان دلواً ومجرفة وذهبا لجمع تلك الرمال، وفي طريق العودة، تذكّرا أنه يتعيّن عليهما أيضاً الحصول على الجص الذي كان باسكوالي يعلم بأنه يمكنهما إيجاده على السبورة المستطيلة في مدرسة البلدة المجاورة.
لدى وصولهما إلى هناك، كانت المدرسة مفتوحة والتلاميذ في الصف للدراسة. سأل باسكوالي ولوكا بواباً عمّا إذا كان بإمكانهما الدخول إلى فصلٍ ما للحصول على الجص من الغبار العالق على الممسحة المستخدمة لتنظيف السبورة. البوّاب الذي بدا غير مقتنع بالأمر سأل عن سبب بحثهما عن الجص، ولدى فهمه للدافع أبدى تعاونه وأتى على الفور بحوض. جمع كل المماسح ونفضها ببعضها البعض من أجل تحصيل مسحوق الطباشير الذي هرهر كله في الحوض.
نظر لوكا وباسكوالي برضا للحوض الممتلئ عن آخره بالجص، شكرا البوّاب على مساعدته الكريمة وتعاونه، وبعد تحصيل كل ما هو ضروري لاختراع ذلك المصباح همّا بالعودة إلى الديار.
هناك صبّا الجص على شكل مصباح وملآه بالرمل العاكس لأشعة الشمس وبعد ثلاثة أسابيع، عاد باسكوالي ولوكا للتحقق مما إذا كان المصباح قد تبلور وإن كان يعمل.
ناول لوكا المصباح لباسكوالي، الذي مد ذراعه ببساطة نحو السقف وثبته. مباشرة أضاءت الغرفة بالكامل. المصباح يشتغل. آن للوكا أن يشعر بالدفء في منزله الجبلي.
* كَتبت هذا العمل - المترجم هنا عن الإيطالية - مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة في مركز "زينزيرو" بتورينو. وقد قدّمت المسؤولة عن المركز كيارا بيكيس Chiara Bechis، النص كمؤلف جماعي حاز على جائزة لجنة التحكيم في "مسابقة Enel الوطنية للقصة القصيرة" خلال الصالون الدولي للكتاب بتورينو عام 2018، وصدر ضمن مجموعة قصصية بعنوان "طاقة الكلمات".