حفتر أو "تفكك ليبيا"

31 يوليو 2019
يعاني الليبيون من احتدام المعارك أخيراً (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

كان واضحاً أن القضية الليبية دخلت حيّز التدويل منذ أول أيام الثورة ضد الاستبداد، تحديداً منذ يوم صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1970 عام 2011، لكن اللافت في محطات مسار الأزمة طيلة السنوات الثماني الماضية هو الحديث الذي يطفو بين الحين والآخر عن خطر التقسيم. يوم الإثنين الماضي، وبينما كانت القذائف والرصاص تتداخل في ثنايا وتفاصيل حياة الليبي أينما كان، وآلام حرب طرابلس في نفوس كل الليبيين، أكانوا في الشرق أو في الجنوب، وفي وقت كان الجميع يصوّب النظر باتجاه شاشات التلفزة التي كانت تستعد لنقل إحاطة المبعوث الأممي، غسان سلامة، انتظاراً لما يمكن أن يطرحه من شكل جديد للحل السلمي للأزمة استناداً لزياراته ولقاءاته العديدة بقادة طرفي القتال التي سبقت موعد جلسة مجلس الأمن بأيام، طفت وبشكل لافت تلك الكلمة المقيتة عن "التقسيم" مجدداً، لكن الأكثر لفتاً للأنظار أنها جاءت أيضاً على لسان مندوبي واشنطن وموسكو.


وللمرة الأولى حملت إحاطة سلامة ملامح الصدق والواقعية في تشخيص الوضع في ليبيا وتبيان أسباب أزمتها، بتأكيده أن تردي الوضع السياسي والأمني تفاقم بسبب تزايد رقعة الاحتراب لتصل إلى أبواب العاصمة، وسببه "قوى خارجية"، حتى أنه وصف ليبيا بـ"مكان لتجربة الأسلحة الحديثة والقديمة". وفي إطار دعوته لعقد ملتقى دولي حول ليبيا، أكد أن "القوى الخارجية المتدخلة في ليبيا لها دور كبير في تحديد مستقبل البلاد".

في المقابل، حملت مداخلات مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن تجديد الدعوة لحل الأزمة سياسياً ورفض الحلّ العسكري، والمطالبة بوقف "فوري" للحرب على العاصمة طرابلس، لكنها في الوقت نفسه حملت ملامح شكل الأزمة الجديد في ليبيا، من خلال تحذير مندوبي واشنطن وموسكو من "خطر تفكك ليبيا". ولم يكن المندوبان يتحدثان عن خطر "التقسيم" بل "التفكك"، فهل كانا يعنيان فرض واقع خليفة حفتر على الجميع لتجنّب خطر التفكك لا التقسيم فقط، أم أنهما كانا يحذّران من نتائج انكسار حفتر الوشيك، باتساع رقعة القتال، التي قد تُفضي إلى تفكك أجزاء ليبيا بتعدد أطراف القتال؟ كلتا الدولتين لم تعلنا عن موقفهما من غزو حفتر للعاصمة الليبية، ولا دعمتا علناً طموحه العسكري، لكن يجب عدم الإغفال أن كلتيهما عارضتا صدور قرارات أممية ودولية تطالب حفتر بالانسحاب من جنوب العاصمة في أوقات سابقة.

المساهمون