حصرية الوكيل الكردي

15 اغسطس 2016
تفتيش القوات الكردية لأهالي منبج بعد تحريرها(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
تنظر الولايات المتحدة إلى أكراد العراق وسورية كمفتاح حل لمشكلة الإرهاب، من خلال محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). في الوقت نفسه، يمثل الإرهاب إحدى مشاكل المنطقة، لا المشكلة الرئيسية، فيقف بجوار إرهاب الدولة والأنظمة الدكتاتورية، ونار الطائفية. وتجتمع كل هذه الرزايا في نظامَي دمشق وبغداد.

تتداخل في المنطقة كل هذه المشاكل: الإرهاب، والاستبداد، والطائفية، لتنتج هذه الأوضاع التي تدفع السكان إلى الانتحار إرهاباً، أو هجرة عبر البحر، أو فقراً ويأساً واكتئاباً في أماكنهم، أو بانتظار صواريخ تنهمر على رؤوسهم. لكن يبدو أن واشنطن تحاول حلّ مشكلتها في المنطقة، المتمثلة بالإرهاب، من خلال خلق مشكلة أخرى، وهي تأجيج الخصومات العربية ــ الكردية، والتي لم تنطفئ نارها يوماً ما.

يروي الصحافي الألماني، يورغين تدنهوفر، والذي زار الأراضي التي سيطر عليها "داعش" عام 2014، أنه قابل أكراداً من قوات "البشمركة"، واصفاً أوضاعهم الحالية بأنها استثنائية، من دون إخفاء غبطتهم بالأوضاع الحالية. استثنائية أوضاعهم لا من قبيل تهديد "داعش" لهم، بل من ناحية تسليحهم من قبل الأميركيين والأوروبيين، لا سيما الحكومة الألمانية، لمواجهة التنظيم. والصفقة هنا شديدة البساطة: سلاح مجاني وتدريب مقابل محاربة "داعش". لكن النتيجة ليست بهذه البساطة، خصوصاً مع استيلاء القوات الكردية على المناطق المتنازع عليها بين الأكراد والعرب، بعد طرد التنظيم منها.

الخطأ هنا ليس في تسليح الأكراد، فتنظيم "الدولة" يهددهم فعلاً، واستولى على أراضيهم، ولن نتحدث هنا عن مأساة الإيزيديين، والتي أظهرت وسائل الإعلام أن "البشمركة" حررتهم، لأن الأكراد أنفسهم ارتكبوا مجازر أيضاً بحق الطائفة الإيزيدية، تاريخياً. الخطأ بكل بساطة اعتماد الأكراد، مثل قوات "سورية الديمقراطية" و"البشمركة"، كقوى وحيدة مسموح لها أن تنال أفضل التدريب والتسليح لمواجهة "داعش"، في الوقت الذي تمهد فيه هذه الخطوات لانقسامات قومية مستقبلاً، لتضيف مشاكل أخرى لمنطقة لا تنقصها المشاكل. ونرى منذ مدة ليست بالقصيرة، أن بوادر هذه الأزمات بدأت تظهر مع تهديدات قادة "الحشد الشعبي" للأكراد في العراق، والتصريح بأن المناطق الكردية ستكون الهدف التالي لـ"الحشد" بعد الانتهاء من "داعش".