حصاد المحاصيل يكبح جماح الأسعار بتونس

11 مايو 2017
مخاوف من الغلاء مع حلول رمضان (فرانس برس)
+ الخط -
يعوّل التونسيون على موسم جني المحاصيل القادم ليعيد للأسعار رشدها بعد موجة غلاء وصفتها منظمة الدفاع عن المستهلكين في تونس بالجنونية، بعد أن طاولت كل المواد الزراعية من خضر وفواكه.

وغالباً ما تعرف السوق في فترة انتقال الفصول ارتفاعاً في أسعار الخضروات والفواكه، غير أن هذا الارتفاع المؤقت أصبح دائماً، بحسب رئيس غرفة تجار الخضار بسوق الجملة حسين العيساوي.

وقال العيساوي لـ "العربي الجديد" إن فترة تقاطع الفصول تتسم بنقص في بعض المواد، ما يجعل السوق أكثر اعتماداً على الباكورات التي تكون أسعارها أعلى من أسعار المنتجات التي تُحصد في ذلك الفصل، لافتاً إلى أن القواعد التي تحكم السوق تعرف تغيراً متسارعاً أثر على بورصة الأسعار.

ولا يترقب رئيس غرفة تجار الخضار بسوق الجملة تراجعاً قريباً في الأسعار برغم قرب انقضاء فترة تقاطع الفصول ونضوج محاصيل أصناف كثيرة من الخضار، لافتاً إلى أن اقتراب شهر رمضان سيدفع نحو مزيد من ارتفاع الأسعار.

وذكر معهد الإحصاء الحكومي في البيانات التي نشرها بداية مايو/أيار الجاري، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ساهم في ارتفاع نسبة التضخم إلى حدود 5% بعد أن شهدت استقراراً في حدود 4.6% خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار.

وذكر معهد الإحصاء أن الزيادة في أسعار الخضروات قاربت 11.2%، فضلاً عن تسجيل زيادات بحدود 13.6% في زيت الطهو و5.6% في الأسماك، ما يفسر انعكاسها المباشر على معدل التضخم عند الاستهلاك العائلي.

ويقترب المزارعون من جني محاصيل عدة منتجات زراعية، ما سيؤدي إلى ارتفاع العرض وتلبية احتياجات السوق في شهر رمضان الذي يرتفع فيه نسق الاستهلاك بنحو 20%، وفق بيانات معهد الاستهلاك.

ويتوقع عضو اتحاد المزارعين المكلف بالإنتاج النباتي والحيواني شكري الزرقي، أن تساهم وفرة المحاصيل في تعديل الأسعار، مشيراً إلى أن المزارعين لا يتحملون مسؤولية ما آلت إليه بورصة الأسعار في الأسواق.

وذكر الزرقي لـ "العربي الجديد" أن كثرة المتدخلين في مسالك وقنوات التوزيع ألهبت الأسعار، لافتاً إلى أن المزارع الحلقة الأضعف والأقل تحقيقاً للأرباح بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج، فيما يذهب القسط الأوفر من الأرباح إلى جيوب الوسطاء والمضاربين، حسب تأكيده.

وأشار المتحدث إلى أن المزارعين يزودون نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك التي وضعتها وزارة الزراعة لصالح المستهلكين، مؤكداً أن هذه المحلات توفر منتجات بأسعار تقل 30% عن سعر السوق على الأقل.

وقرعت البيانات الأخيرة حول نسب التضخم أجراس الخطر، ما جعل الحكومة تسارع بالإعلان عن برنامج خاص لمكافحة الغلاء خلال شهر رمضان، واعدة التونسيين بالتدخل لكبح الأسعار.

ووقعت وزارة الصناعة والتجارة والغرفة الوطنية للمساحات التجارية الكبرى الإثنين الماضي، اتفاقاً بخصوص التخفيضات في بعض المنتجات الاستهلاكية بمناسبة شهر رمضان.

وتقضي هذه الاتفاقية بإقرار تخفيضات بين 5% و20% في 25 منتجاً أساسياً خلال الفترة المتراوحة بين 20 مايو/أيار و4 يونيو/حزيران 2017، باعتبارها فترة ذروة الاستهلاك حيث يقبل المواطن على شراء احتياجاته الاستهلاكية الأساسية خلال هذه الفترة.

وقال وزير التجارة، زياد العذاري، إن الدولة تتابع تطبيق هذه الاتفاقية على أرض الواقع من خلال تكثيف عمليات المراقبة حتى تصل المنتجات إلى المواطن بالأسعار التي تم إقرارها، مؤكداً أن هذا الإجراء سيمكن من خفض نفقات التونسيين الأسرية بنحو 25%.

ويتذمر التونسيون من غلاء المعيشة وغياب التدخل الحكومي لصالحهم، معتبرين أن التدخلات المرتبطة بشهر رمضان لا تعالج مشاكلهم الحياتية.

وقال رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله، إن عدم تطبيق القانون هو السبب الأول في ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن سكان الأحياء الشعبية وذوي القدرات الإنفاقية الضعيفة لا يشترون احتياجاتهم من المراكز التجارية الكبرى.

وأوضح سعد الله لـ "العربي الجديد" أن نصف المستهلكين في تونس يقتنون من محلات بيع المواد الغذائية وليس من مراكز التسوق الكبرى، مشيراً إلى أن منظمته رفعت إلى وزير الصناعة والتجارة مقترحاً بالضغط على الصناعيين من أجل تخفيض أسعار المواد الغذائية.

ومنذ أكثر من شهرين، تعقد الوزارات المتدخلة اجتماعاتٍ مكثفة للتنسيق بين المهنيين لضمان توفير العرض في شهر الصيام وموسم ذروة الاستهلاك، فضلاً عن إقرار برنامج لتوريد عدد من المواد التي لا يكفي المعروض منها سداد احتياجات السوق المحلية، مثل اللحوم.
دلالات