"أتمنى أكون خدّام مصر.. تحيا مصر"، "علاقتي بمصر مثل علاقة عيني اليمنى باليسرى" .. مثل تلك الجمل الرنانة المؤثرة ستكون بالطبع ذات تأثير رائع على مصريين كثيرين، فهم يرون المطرب الخليجى الودود ذا الشهرة الواسعة والنجاح الكبير يمتدح مصر، يغني لها، يحضر حفل تنصيب رئيسها، لا يفوّت مناسبة إلا ويشيد بمصر وأهلها، وبدل الغنوة هناك غنوتان وثلاث..
لكن، لا تفرح عزيزي المصري كثيراً، ولا تجعل مثل تلك الكلمات تشبع وتدعّم إحساسك بالتميز والتفوق، فـ"الجسمي" يجيد تلك الحكاية، كأنه يمتهنها، كل البلاد بلاده، وكل الشعوب شعبه، وكل الزعماء زعماؤه، ولتكن متأكداً من ادعائي، فإليك قائمة ببعض الأغاني التى غناها "الجسمي".. للبحرين، غنى أغنيتي "شكراً البحرين" و"أمان يالبحرين"، أيضاً هو أحيا منذ أيام الاحتفلات بالعيد الوطني لمملكة البحرين، ولم يفوّت الفرصة ليلقي بعض الجمل الرنانة عن الشعب البحريني الجميل. أما اليمن، فـ" الجسمي" أحيا حفل ختام بطولة "خليجي 20" التي أقيمت في مدينة "عدن" وغنى لليمن "أرض السعيدة"، ولم ينس جارته الكويت التى غنى لها "إماراتي وأحب الكويت" بالإضافة إلى أغنية "لا تلوموني". أما ليبيا فغنى لها "ليبيا يا جنة"، ولـ"قطر" غنى "هذه قطر" و"داري قطر"، ولم ينس تونس بالطبع، فغنى لها "آه يا خليلة" وهي أغنية للمطربة التونسية "صليحة". ومن تونس إلى العراق التى غنى لها "شوف الجيل"، ولـ"عمان" غنى "حلوة عمان"، وكذلك غنى "بلدي الجزائر"، ولم ينس بطبيعة الحال المملكة العربية السعودية، التي غنى لها النشيد االوطنى.
إذن الجسمي لا هو "واقع فى دباديب" مصر على رأي المثل الشعبي الدارج، ولا علاقته بمصر كالعلاقة بين عينيه اليمنى واليسرى، لكنه ببساطة يأكل على موائد كل الشعوب، من المحيط إلى الخليج، يغني للجميع، ويحتفل باستفتاءات وانتخابات الجميع، ويرقّص الجميع على موسيقاه.
و"الجسمي" شخص ودود أمام الكاميرا، مبتسم دائماً، يحب كل الناس، لا يهاجم أحداً ولا ينتقد شيئاً، حتى حين أصبح عضو لجنة تحكيم أحد برامج مسابقات الأغاني الشهيرة، لم يوجّه انتقاداً قاسيّاً إلى أحد من المشتركين، مهما كانت رداءة صوته، ولو لمرة واحدة، حتى أن رأيه أصبح معروفاً سلفاً للمشاهدين بأنه سيقول "جميل، ما شاء الله عليك، وبالتوفيق"، أما خلف الكاميرا فهو يشترط أجوراً فلكية نظير ظهوره الإعلامي القليل بطبيعة الحال، فأجره لقاء غنائه فى الحلقة الأخيرة من برنامج "أرب آيْدَل" بلغ مائة ألف دولار، حسب ما هو متداول.
لكن ماذا عن التجربة الموسيقية لـ"الجسمي"؟ .. "حسين الجسمي" صوت مميز، يملك إحساساً قويّاً، لكن المستمع الجيد لأغنياته سيرهق كثيراً حين يفكر فى اللون الغنائي له، هل يغني إماراتي، خليجي، مصري، مغربي؟، الحقيقة أن "الجسمي" لا يملك لوناً غنائيّاً مميزاً، فتجربته الموسيقية إلى الفن لم تأخذ شكلاً واضحاً ولا لوناً مميزاً، فلا هو غارق فى المحلية، ولا هو يقدم موسيقى مختلفة قادرة على الانتشار بين البلاد، مع اختلاف لهجاتها وثقافاتها، ففي السنوات الأخيرة تحديداً أصبح بامتياز فنان "الأغنية الواحدة الناجحة"، فقط لديه أغنية واحدة كل عام، هي التي تحي صوته طوال العام، حاول أن تتذكر الأغنيات التى حققت نجاحاً كبيراً لـ"الجسمي" لتكتشف أنها لا تتعدى خمس أو ست أغنيات، على رأسها "والله ما يسوى"، "فقدتك"، "بحبك وحشتينى"، "ستة الصبح" وأخيراً "بشرة خير".
*مصر