بين القلاقل السياسية، وتذبذب أسعار النفط، تُثار تساؤلات حول مستقبل اقتصاديات دول المنطقة، وتأثير تلك العوامل على ميزانياتها. للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها، أجرت "العربي الجديد" مقابلة مع د. حسن علي، رئيس منظمة اقتصاديي الشرق الأوسط وعميد كلية الإدارة العامة واقتصادات التنمية بمعهد الدوحة للدراسات العليا.
*بصفتكم على رأس منظمة اقتصاديي الشرق الأوسط. كيف تنظرون إلى اقتصادات دول هذه المنطقة؟
اقتصاديات المنطقة على وجه العموم، تمر بأصعب فتراتها، فالدول التي كانت تسجل فوائض مالية، تحولت إلى الانكماش، وتدنت مستويات مواردها المالية. فيما تعاني الدول التي تتميز بتنوع مواردها الاقتصادية، كتركيا ومصر وإيران، تعاني من قلاقل سياسية، ناهيك عن ثورات الربيع العربي وما أدت إليه من عملية تكسير الدول في المحيط الإقليمي.
*هل أنتم متفائلون بمستقبل اقتصادات هذه الدول رغم الظروف التي تمر بها؟
يجب أن نكون متفائلين بأن الفترة القادمة ستكون أفضل، ويجب العمل على هذا، لكن العامل الأهم في المعادلة هو الاستقرار السياسي، بدونه لن تعرف المنطقة انتعاشاً اقتصادياً.
* لا يوجد استقرار سياسي في كل من مصر وتونس وليبيا وسورية واليمن والعراق، كيف تقيمون اقتصادات هذه الدول؟
مصر وتونس تختلفان قليلاً عن الدول الأخرى، لسبب أن في مصر وتونس القلاقل حدثت فيها بعوامل داخلية يمكن التحكم فيها أو التغلب عليها، بينما ليبيا وسورية واليمن والعراق، القلاقل حدثت بعوامل خارجية يصعب معها التحكم فيها أو التعامل معها.
*اتخذت مصر عدداً من الإجراءات الاقتصادية للتغلب على أزمات السوق، وخاصة سعر صرف العملة المحلية. كيف ترى هذه الإجراءات؟
الوضع في مصر سيئ. الاقتصاد يعاني هناك كثيراً لأنه يعتمد بشكل رئيس على موارد خارجية، مثل السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج، وحل مشكلة مصر الاقتصادية لا بد أن ينبع من الداخل. لا بد من البحث عن كيفية تنمية الموارد عبر زيادة معدلات الإنتاج في الزراعة والصناعة، بدون ذلك ستظل مصر متقلبة.
أما مسألة السياسة النقدية وسوق الصرف في مصر فهي مشكلة ليست بسيطة، وحلها لا يمكن أن يكون بقرارات منفردة، لأن الجنيه المصري انخفض أمام الدولار بسبب نقص العملة الأجنبية وضعف موارد الدولار مقابل زيادة الطلب عليه، وقبل الأزمة، للأسف، كانت المنح والمساعدات هي السبيل لزيادة المعروض الدولاري، وليس الإنتاج، وبالتالي عندما نضبت المنح والمساعدات قل المعروض الدولاري، فتضرر السوق لاختلال التوازن بين العرض والطلب.
*وهل من الحكمة الاقتصادية أو حتى السياسية أن يتم تدشين مشاريع قومية في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب في مصر؟
الحقيقة، لي تحفظات كثيرة على المشروعات القومية التي يتم الإعلان عنها في مصر الآن، خاصة إذا كانت مشروعات بدون دراسات جدوى، فهناك مشروعات مهمة جداً ويمكن أن تحقق نفعاً اقتصادياً كبيراً، لكن المشروعات التي تتم على وجه الاستعجال والسرعة وبدون دراسات جدوى لن تكون نافعة للاقتصاد المصري، بل ستزيد الوضع صعوبة وتعقيداً.
*سيطر الحديث عن أسعار النفط على منصات فعاليات المؤتمر وتساؤلات المشاركين، إلى أين تتجه أسعار النفط خلال الفترة المقبلة؟
من المتوقع أن ترتفع أسعار النفط خلال الفترة الحالية بشكل طفيف، بسبب انخفاض المعروض النفطي، كما أن التقاء دول الأوبك واتفاقها على تثبيت حجم الإنتاج، قد يُسفر عن انخفاض المعروض النفطي، وبالتالي الأسعار ستتوازن نسبياً، أضف إلى ذلك زيادة تكلفة إنتاج النفط الصخري في أميركا وكندا، والتي تتجاوز 50 دولاراً للبرميل، وهناك شركات كثيرة في إنتاج النفط الصخري خرجت من السوق، وهو ما أدى إلى انخفاض المعروض النفطي، مما يشير إلى احتمالية ارتفاع جديد لأسعار النفط خلال السنتين القادمتين.
اقــرأ أيضاً
*ما مدى تأثير ذلك على الدول المنتجة للبترول وخاصة منطقة الخليج؟
بطبيعة الحال سيؤدي انخفاض الإيرادات النفطية لهذه الدول، وخاصة التي لا تمتلك مؤسسات ناجحة، إلى الاتجاه نحو الانكماش الاقتصادي، وتقليص حجم العمالة الوافدة، إلى جانب توقف بعض المشروعات وتخفيض حجم التوسعات في بعض المشاريع الأخرى. تراجع أسعار النفط كان له تأثير واضح على الموارد المالية لدول مجلس التعاون الخليجي، أدى إلى تخفيض النفقات لدى العديد من تلك الدول، وشهدت عجزاً في موازناتها، وهو ما يستدعي اتخاذ تدابير لتغيير الهيكلة الاقتصادية لتتماشى مع الوضع الجديد للاقتصاد، والتي يجب اتخاذها في السياسات الحالية.
*كيف ترى انعكاس ذلك على الوضع في دولة قطر؟
الوضع في قطر أفضل من بلاد أخرى، نظراً لوفرة الاحتياطي النقدي، بخاصة أن اتجاه السياسات الحالية على المسار الصحيح، بفضل الاعتماد أكثر على القطاع الخاص، ودفع رواد الأعمال للمساهمة أكثر في الاقتصاد، وأيضاً من خلال رفع كفاءة القطاع الحكومي.
*نود أن نتعرف على ماهية وأهداف منظمة اقتصاديي الشرق الأوسط التي تتولى رئاستها؟
نحن منظمة تطوعية، لا تهدف إلى الربح، وليس لدينا مورد سوى رسوم الأعضاء السنوية (10 دولارات للفرد المقيم في منطقة الشرق الأوسط و25 دولاراً للفرد المقيم خارج منطقة الشرق الوسط)، وهدفنا نشر الوعي الاقتصادي عن طريق المؤتمرات والأبحاث العلمية المتخصصة، وإنشاء جيل أكاديمي، ونحقق ذلك عبر القيام بمهام عديدة منها عمل ورشات عمل حول أحدث النظريات الاقتصادية لتثقيف الباحثين والدارسين والمهتمين باقتصاديات الشرق الأوسط.
*خرجتم بتوصيات في مؤتمركم السنوي الأخير الذي أنهى فعالياته الأسبوع الماضي في الدوحة.. ما هو مصير تلك التوصيات، وهل يتم الأخذ بها؟
نحن نقدم التوصيات لتوعية القيادات السياسية على الإجراءات السليمة اقتصادياً التي من المفترض اتخاذها لزيادة معدلات النمو وتحقيق التقدم والازدهار لكل دول المنطقة، ومؤتمر هذا العام تقدم له أكثر من 130 باحثاً اختير منهم 74 بحثاً من حوالى 37 دولة مختلفة من اليابان وأستراليا إلى كل الدول العربية، تمت مناقشة كل هذه الأبحاث وتقييمها، وكان النصيب الأكبر في مناقشات هذا العام، حول تأثير أسعار النفط على النمو والتنمية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فأتينا بخبراء عالميين متخصصين في هذا الشأن إلى جانب الموضوعات الاقتصادية الموجودة بصفة دائمة.
أفردنا خمس ندوات مخصصة حول تأثير انخفاض أسعار النفط على النمو والتنمية في اقتصاديات الشرق الأوسط، شارك فيها مجموعة هائلة من الخبراء المختصين على مستوى العالم، أبرزهم الاقتصادي العالمي جيمس روبنسون، الذي تحدث عن موضوع نجاح الأمم وفشلها في سياساتها الاقتصادية، وقام بربط كتابه المشهور "لماذا تفشل الأمم؟" بأسعار النفط، حتى يعطي للدول المصدرة للنفط بعض النصح عما يجب أن تفعله لتجنب هذه الصدمات السعرية.
والندوة الثانية تحدثت عن تأثير أسعار النفط على السياسات النقدية والمالية، والثالثة كانت حول التنويع الاقتصادي، وندوة رابعة عن التنوع والتنمية والخامسة حول تأثير أسعار النفط على الأسواق المالية والبورصة.
*وما هي أبرز تلك التوصيات؟
انتهينا إلى عدد من التوصيات أبرزها تتعلق بضرورة تنويع الاقتصاد، والتأكيد على أنه لا يجب أن ينظر إلى تنويع الاقتصاد على أنه تنويع في السلع أو تنويع في المنتجات والخدمات، فالتنويع الاقتصادي كما أجمع الخبراء يجب أن يبدأ بتنويع الأصول الموجودة في المجتمع، وكيفية تحويل الأصول الناضبة كالنفط الخام أو الغاز، إلى أصول دائمة ومتجددة وأصول رأسمالية.
وتطرقت التوصيات إلى أهمية تطوير التعليم كأحد أهم روافد رأس المال البشري المتجدد، وضرورة التركيز على المؤسسيّة، والتي تطرق لها روبنسون. حيث أكد أنه لن يكون هناك أي تنويع إن لم يكن هناك بيئة مؤسسية صالحة تعتمد على تفعيل القانون وآلياته والحفاظ على الممتلكات والقوانين التي تنظم التعامل بين الأفراد، إلى جانب المؤسسية الانفتاحية، بحيث لا يكون هناك تهميش لبعض القطاعات أو لبعض الأفراد، فلا يكون هناك تهميش مثلاً للزراعة على حساب الصناعة أو التجارة والعكس، ولا يكون هناك تهميش لمنطقة جغرافية معينة مثل منطقة الصعيد في مصر والجهوية في تونس... الخ.
*وماذا عن السياسة النقدية والمالية وتأثرها بتذبذب أسعار النفط أو الموارد الريعية؟
*خرجنا بتوصية أيضاً، حول ضرورة أن تكون السياسات النقدية والمالية فاعلة، تعتمد في رسم سياساتها على ما يسمى بـ "عكس الدورة" عندما تنخفض الأسعار ننفق وعندما ترتفع ندخر جزءاً للمستقبل، ولا تعتمد على سياسة رد الفعل التي تزيد من الإنفاق عندما يرتفع سعر النفط وتنكمش عندما ينخفض السعر، وهنا تمت الإشارة إلى الصناديق السيادية ودورها في هذا المجال واستخدامها فيما هو نافع على المدى الطويل، وليس في شراء أندية رياضية في الخارج لمجرد الدعاية.
*تحدثتم عن ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي. ما هو دور المنظمة في تطوير وتفعيل الأبحاث الاقتصادية النوعية؟
بالفعل، أوصى المشاركون بضرورة الاهتمام بنوعية الأبحاث الاقتصادية، بخاصة أنه لدينا الإمكانيات والعقول البشرية التي يمكن تفعيلها في هذا المجال، ونحن كمنظمة تطوعية ليس لنا موارد لا نستطيع أن ننفق على الأبحاث النوعية.
سيرة ذاتية
اقتصاديات المنطقة على وجه العموم، تمر بأصعب فتراتها، فالدول التي كانت تسجل فوائض مالية، تحولت إلى الانكماش، وتدنت مستويات مواردها المالية. فيما تعاني الدول التي تتميز بتنوع مواردها الاقتصادية، كتركيا ومصر وإيران، تعاني من قلاقل سياسية، ناهيك عن ثورات الربيع العربي وما أدت إليه من عملية تكسير الدول في المحيط الإقليمي.
*هل أنتم متفائلون بمستقبل اقتصادات هذه الدول رغم الظروف التي تمر بها؟
يجب أن نكون متفائلين بأن الفترة القادمة ستكون أفضل، ويجب العمل على هذا، لكن العامل الأهم في المعادلة هو الاستقرار السياسي، بدونه لن تعرف المنطقة انتعاشاً اقتصادياً.
* لا يوجد استقرار سياسي في كل من مصر وتونس وليبيا وسورية واليمن والعراق، كيف تقيمون اقتصادات هذه الدول؟
مصر وتونس تختلفان قليلاً عن الدول الأخرى، لسبب أن في مصر وتونس القلاقل حدثت فيها بعوامل داخلية يمكن التحكم فيها أو التغلب عليها، بينما ليبيا وسورية واليمن والعراق، القلاقل حدثت بعوامل خارجية يصعب معها التحكم فيها أو التعامل معها.
*اتخذت مصر عدداً من الإجراءات الاقتصادية للتغلب على أزمات السوق، وخاصة سعر صرف العملة المحلية. كيف ترى هذه الإجراءات؟
الوضع في مصر سيئ. الاقتصاد يعاني هناك كثيراً لأنه يعتمد بشكل رئيس على موارد خارجية، مثل السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج، وحل مشكلة مصر الاقتصادية لا بد أن ينبع من الداخل. لا بد من البحث عن كيفية تنمية الموارد عبر زيادة معدلات الإنتاج في الزراعة والصناعة، بدون ذلك ستظل مصر متقلبة.
أما مسألة السياسة النقدية وسوق الصرف في مصر فهي مشكلة ليست بسيطة، وحلها لا يمكن أن يكون بقرارات منفردة، لأن الجنيه المصري انخفض أمام الدولار بسبب نقص العملة الأجنبية وضعف موارد الدولار مقابل زيادة الطلب عليه، وقبل الأزمة، للأسف، كانت المنح والمساعدات هي السبيل لزيادة المعروض الدولاري، وليس الإنتاج، وبالتالي عندما نضبت المنح والمساعدات قل المعروض الدولاري، فتضرر السوق لاختلال التوازن بين العرض والطلب.
*وهل من الحكمة الاقتصادية أو حتى السياسية أن يتم تدشين مشاريع قومية في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب في مصر؟
الحقيقة، لي تحفظات كثيرة على المشروعات القومية التي يتم الإعلان عنها في مصر الآن، خاصة إذا كانت مشروعات بدون دراسات جدوى، فهناك مشروعات مهمة جداً ويمكن أن تحقق نفعاً اقتصادياً كبيراً، لكن المشروعات التي تتم على وجه الاستعجال والسرعة وبدون دراسات جدوى لن تكون نافعة للاقتصاد المصري، بل ستزيد الوضع صعوبة وتعقيداً.
*سيطر الحديث عن أسعار النفط على منصات فعاليات المؤتمر وتساؤلات المشاركين، إلى أين تتجه أسعار النفط خلال الفترة المقبلة؟
من المتوقع أن ترتفع أسعار النفط خلال الفترة الحالية بشكل طفيف، بسبب انخفاض المعروض النفطي، كما أن التقاء دول الأوبك واتفاقها على تثبيت حجم الإنتاج، قد يُسفر عن انخفاض المعروض النفطي، وبالتالي الأسعار ستتوازن نسبياً، أضف إلى ذلك زيادة تكلفة إنتاج النفط الصخري في أميركا وكندا، والتي تتجاوز 50 دولاراً للبرميل، وهناك شركات كثيرة في إنتاج النفط الصخري خرجت من السوق، وهو ما أدى إلى انخفاض المعروض النفطي، مما يشير إلى احتمالية ارتفاع جديد لأسعار النفط خلال السنتين القادمتين.
*ما مدى تأثير ذلك على الدول المنتجة للبترول وخاصة منطقة الخليج؟
بطبيعة الحال سيؤدي انخفاض الإيرادات النفطية لهذه الدول، وخاصة التي لا تمتلك مؤسسات ناجحة، إلى الاتجاه نحو الانكماش الاقتصادي، وتقليص حجم العمالة الوافدة، إلى جانب توقف بعض المشروعات وتخفيض حجم التوسعات في بعض المشاريع الأخرى. تراجع أسعار النفط كان له تأثير واضح على الموارد المالية لدول مجلس التعاون الخليجي، أدى إلى تخفيض النفقات لدى العديد من تلك الدول، وشهدت عجزاً في موازناتها، وهو ما يستدعي اتخاذ تدابير لتغيير الهيكلة الاقتصادية لتتماشى مع الوضع الجديد للاقتصاد، والتي يجب اتخاذها في السياسات الحالية.
*كيف ترى انعكاس ذلك على الوضع في دولة قطر؟
الوضع في قطر أفضل من بلاد أخرى، نظراً لوفرة الاحتياطي النقدي، بخاصة أن اتجاه السياسات الحالية على المسار الصحيح، بفضل الاعتماد أكثر على القطاع الخاص، ودفع رواد الأعمال للمساهمة أكثر في الاقتصاد، وأيضاً من خلال رفع كفاءة القطاع الحكومي.
*نود أن نتعرف على ماهية وأهداف منظمة اقتصاديي الشرق الأوسط التي تتولى رئاستها؟
نحن منظمة تطوعية، لا تهدف إلى الربح، وليس لدينا مورد سوى رسوم الأعضاء السنوية (10 دولارات للفرد المقيم في منطقة الشرق الأوسط و25 دولاراً للفرد المقيم خارج منطقة الشرق الوسط)، وهدفنا نشر الوعي الاقتصادي عن طريق المؤتمرات والأبحاث العلمية المتخصصة، وإنشاء جيل أكاديمي، ونحقق ذلك عبر القيام بمهام عديدة منها عمل ورشات عمل حول أحدث النظريات الاقتصادية لتثقيف الباحثين والدارسين والمهتمين باقتصاديات الشرق الأوسط.
*خرجتم بتوصيات في مؤتمركم السنوي الأخير الذي أنهى فعالياته الأسبوع الماضي في الدوحة.. ما هو مصير تلك التوصيات، وهل يتم الأخذ بها؟
نحن نقدم التوصيات لتوعية القيادات السياسية على الإجراءات السليمة اقتصادياً التي من المفترض اتخاذها لزيادة معدلات النمو وتحقيق التقدم والازدهار لكل دول المنطقة، ومؤتمر هذا العام تقدم له أكثر من 130 باحثاً اختير منهم 74 بحثاً من حوالى 37 دولة مختلفة من اليابان وأستراليا إلى كل الدول العربية، تمت مناقشة كل هذه الأبحاث وتقييمها، وكان النصيب الأكبر في مناقشات هذا العام، حول تأثير أسعار النفط على النمو والتنمية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فأتينا بخبراء عالميين متخصصين في هذا الشأن إلى جانب الموضوعات الاقتصادية الموجودة بصفة دائمة.
أفردنا خمس ندوات مخصصة حول تأثير انخفاض أسعار النفط على النمو والتنمية في اقتصاديات الشرق الأوسط، شارك فيها مجموعة هائلة من الخبراء المختصين على مستوى العالم، أبرزهم الاقتصادي العالمي جيمس روبنسون، الذي تحدث عن موضوع نجاح الأمم وفشلها في سياساتها الاقتصادية، وقام بربط كتابه المشهور "لماذا تفشل الأمم؟" بأسعار النفط، حتى يعطي للدول المصدرة للنفط بعض النصح عما يجب أن تفعله لتجنب هذه الصدمات السعرية.
والندوة الثانية تحدثت عن تأثير أسعار النفط على السياسات النقدية والمالية، والثالثة كانت حول التنويع الاقتصادي، وندوة رابعة عن التنوع والتنمية والخامسة حول تأثير أسعار النفط على الأسواق المالية والبورصة.
*وما هي أبرز تلك التوصيات؟
انتهينا إلى عدد من التوصيات أبرزها تتعلق بضرورة تنويع الاقتصاد، والتأكيد على أنه لا يجب أن ينظر إلى تنويع الاقتصاد على أنه تنويع في السلع أو تنويع في المنتجات والخدمات، فالتنويع الاقتصادي كما أجمع الخبراء يجب أن يبدأ بتنويع الأصول الموجودة في المجتمع، وكيفية تحويل الأصول الناضبة كالنفط الخام أو الغاز، إلى أصول دائمة ومتجددة وأصول رأسمالية.
وتطرقت التوصيات إلى أهمية تطوير التعليم كأحد أهم روافد رأس المال البشري المتجدد، وضرورة التركيز على المؤسسيّة، والتي تطرق لها روبنسون. حيث أكد أنه لن يكون هناك أي تنويع إن لم يكن هناك بيئة مؤسسية صالحة تعتمد على تفعيل القانون وآلياته والحفاظ على الممتلكات والقوانين التي تنظم التعامل بين الأفراد، إلى جانب المؤسسية الانفتاحية، بحيث لا يكون هناك تهميش لبعض القطاعات أو لبعض الأفراد، فلا يكون هناك تهميش مثلاً للزراعة على حساب الصناعة أو التجارة والعكس، ولا يكون هناك تهميش لمنطقة جغرافية معينة مثل منطقة الصعيد في مصر والجهوية في تونس... الخ.
*وماذا عن السياسة النقدية والمالية وتأثرها بتذبذب أسعار النفط أو الموارد الريعية؟
*خرجنا بتوصية أيضاً، حول ضرورة أن تكون السياسات النقدية والمالية فاعلة، تعتمد في رسم سياساتها على ما يسمى بـ "عكس الدورة" عندما تنخفض الأسعار ننفق وعندما ترتفع ندخر جزءاً للمستقبل، ولا تعتمد على سياسة رد الفعل التي تزيد من الإنفاق عندما يرتفع سعر النفط وتنكمش عندما ينخفض السعر، وهنا تمت الإشارة إلى الصناديق السيادية ودورها في هذا المجال واستخدامها فيما هو نافع على المدى الطويل، وليس في شراء أندية رياضية في الخارج لمجرد الدعاية.
*تحدثتم عن ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي. ما هو دور المنظمة في تطوير وتفعيل الأبحاث الاقتصادية النوعية؟
بالفعل، أوصى المشاركون بضرورة الاهتمام بنوعية الأبحاث الاقتصادية، بخاصة أنه لدينا الإمكانيات والعقول البشرية التي يمكن تفعيلها في هذا المجال، ونحن كمنظمة تطوعية ليس لنا موارد لا نستطيع أن ننفق على الأبحاث النوعية.
سيرة ذاتية
- الدكتور حسن يوسف علي، هو العميد المؤسس لكلية الإدارة العامة واقتصاديات التنمية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، وهو أيضًا أستاذ فخري للاقتصاد في جامعة ولاية أوهايو بالولايات المتحدة، حيث تدرّج في الوظائف هناك من مدرس (1989) إلى أستاذ مشارك (1997) ثم أستاذ دائم عام (2008).
- عمل مستشارا لوزير التخطيط والتعاون الدولي المصري في العام 2012.
- اقتصادي رائد بالبنك الأفريقي للتنمية (2009-2011)، وكذلك مدير برامج الدراسات العليا بجامعة زايد بالإمارات 2002-2005.