تحاربُ ابنة العاصمة بغداد، الرسامة العراقية، حسناء طبرة، ضعف
الحركة الفنية العراقيَّة على صعيد المادة والتسويق والعرض. ولكنها تستمرُّ، كغالبيّة الفنانين، لطرح ما بوسعها من أعمال تتعلق بالرسم، كتصوير العاصمة بغداد ببهجتها وألوانها وفنونها، متخذة من صالات العرض القليلة، أرضاً صلبة لإثبات إبداعها وفعالياتها الثقافية. تعمل حسناء طبرة بشغف لاستكمال أعمالها، والانطلاق بمعارض جديدة، وذلك عقب المعرض الأخير الذي أقامته في "شارع المتنبي" الشهير ببغداد، والذي حمل عنوان "قصص شهرزاد"، إذْ ضمّ عدداً من اللوحات التي عبرت عن وجوه بغداد وشبانها، وتفاصيل من المدينة.
تقول طبرة لـ"العربي الجديد": "علاقتي مع الرسم لم تنشأ بسبب دراستي. ولكنني عشت في بيت مليء بالكتب و
اللوحات، وورثت الفنون من جدي الرسام العراقي، مصطفى طبرة. والأعمال التي تركها جدي أثرّت كثيراً في نفسي وفي حياتي. وقد بدأت أرسم بسن مبكرة، إذْ لاحظ والداي أنني أرسم على الكتب والدفاتر، بصورة غير منظمة، إلى أن اضطرّا في النهاية، إلى استبدال نوعية الهدايا من ألعاب الأطفال إلى دفاتر وأقلام، وتحديداً أقلام الرصاص، حتى وجدت نفسي مندمجة معها، وباشرت بالرسم على الورق الخشن".
وتكمل طبرة: "وددت لو أنني درست الفنون. ولكنني لم أتمكَّن من ذلك لأسباب خاصة، وأحب أن أتعلم أكثر لأنني لست أكاديمية"، وعن الحياة في بغداد والصراع مع الاضطرابات، تبيَّن أن "الحياة في بغداد ليست إرهابا وطائفية ومشاكل، كما يظهر في نشرات الأخبار. إنما هناك أكثر من فسحة يمكن من خلالها إيجاد حياة طبيعية وحب بين الناس. وأنا أسعى لرسم صورة مشرقة عن بغداد وبلادي عموماً، وأن أمحو الصورة الذهنية لكثير من العرب الذين لا يدركون الوضع جيداً، من خلال
رسم وجوه من العراق، في لوحات تعبر عن الحب والمحبة والتوافق والانسجام بين مكونات الشعب الواحد".
درست طبرة الهندسة، ولكنها لم تستخدم اختصاصها من أجل الحصول على وظيفة، لأنّ "ولعي الأساس هو الرسم، ولا أستطيع الفكاك من الاستمرار بالرسم، والتعبير عما أفكر فيه بأقلام الرصاص. فأنا أرسم بالفطرة، وأحب استخدام الأبيض والأسود، ولا أستخدم الفحم، بل أرسم بأقلام الرصاص المتدرج على ورق خشن، وهي ليست مسألة خوف، بقدر ما هي خامة، أرتاح بالعمل عليها. أفضّل الأبيض والأسود على باقي الألوان حتى في ملابسي، وأفضلهما بالرسم، لجذب انتباه المتلقي لفكرة العمل دون أن يتشتت ذهنه، ويذهب إلى التركيز على الألوان، أنا أحب أن تصل فكرة لوحاتي بسرعة".
وعن أثر مواقع التواصل الاجتماعي على أعمالها وانتشارها، توضح أن "للسوشيال ميديا أثراً إيجابياً، كونها تساهم في إيصال صوتنا وأعمالنا لأبعد مكان، وبأقصر وقت ممكن، وأعتبر أن جيلنا محظوظ بهذه المواقع"، لافتة إلى أنها "تحاول أن تفصل بين أعمالها الفنية والرسوم وما يحصل من اضطرابات في العراق". وتمكّنت، حسناء طبرة، من إقامة معرضين للوحاتها، الأول كان بعنوان "خصلات بلون الكحل" عام 2015، والأخير بعنوان "قصص شهرزاد".
وتلفت طبرة إلى أنها "شاركت في معارض مشتركة داخل العراق وخارجه، ومنها في معارض دولية في إنكلترا وإسبانيا وهولندا، إضافة إلى عرض أعمالها الفنية في لبنان. وتم اقتناء الأعمال في العراق والأردن ومصر والإمارات وتركيا وكندا". وتؤكد طبرة أن "النساء العراقيات من الفنانات بحاجة إلى المزيد من الدعم والتشجيع وتحسين الأحوال العامة، وتطوير المؤسسات الفنية، للارتقاء بمستوى الإنتاج الفني، وتطوير المواهب من خلال فتح دورات تدريبية فنية وصيانة القاعات المهجورة لعرض الأعمال. وعلى النساء الموهوبات من وجهة نظري، الاهتمام بمواهبهن وعدم تركها، وتوفير الوقت لها، والإصرار على ذلك ليصل صوتهن وفنهن لكل مكان".