لم يفلح الرئيس التونسي، باجي قايد السبسي، مؤسس حزب نداء تونس في تغيير آراء النواب المهددين بالاستقالة بشكل جذري، وجاءت أغلب المواقف والتصريحات، بعد لقاء اليوم السبت، مؤكدة عزم عدد هام من المجموعة مواصلة نفس الموقف الانفصالي عن الكتلة والحزب.
وانعقد، صباح اليوم، اجتماع جمع السبسي بـ27 نائباً مما يسمى بكتلة الـ32 الغاضبة، التي غادرتها نائبة، وانضم إليها آخرون يفضلون عدم الانسلاخ عن الحزب.
وبحسب مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد" فإن اللقاء دام قرابة الساعتين، وكان صريحاً جداً، وطرح فيه الجميع أفكارهم ومخاوفهم بشكل مباشر، و تمحورت المداخلات حول المال الفاسد والتقارب مع النهضة وهياكل الحزب وتمثيلية القيادة لكل الأطراف بمن فيهم المجموعة الغاضبة وسبل حلّ الأزمة الحالية.
وأكدت هذه المصادر أن السبسي حاول تبديد هذه المخاوف وتبرير خياراته الجوهرية ومن بينها تقاربه بعد الانتخابات مع حركة النهضة، ولكنه رفض في المقابل أن يتدخل في خريطة الطريق التي يُفترض أن تعرض، غداً، على المكتب التنفيذي، وشدّد في المقابل على أن لقاءه المجموعة كان لتوضيح هذه المسائل، وليس لثنيهم على الاستقالة، وقال للمجموعة "من يرد البقاء في الحزب فليبق، ومن يرد أن يغادر فليغادر، ولكن لنحافظ على الاحترام المتبادل".
اقرأ أيضاً: تونس: حزب المرزوقي يعلن عن مكتبه التنفيذي
وحال انتهاء لقائها بالسبسي، سارعت المجموعة إلى عقد لقاء بضاحية قمرت السياحية للتباحث في نتائجه ومحاولة اتخاذ قراراتها الجديدة، وبحسب ما بلغ من معلومات فإن المجموعة ليست على نفس الرأي، بين تفعيل الاستقالة من كتلة الحركة وبين باحث عن صيغ لإنقاذ الحزب، وتشير بعض التسريبات إلى أن عدد المصرين على الاستقالة قد يبلغ حوالي 17 نائباً إلى حد الآن، في حين لم تتحدد مواقف البقية بشكل واضح إلى غاية اليوم، ولكن في المقابل ترفض المجموعة حضور اجتماع المكتب التنفيذي، غداً الأحد، للتباحث في خريطة الطريق التي تتمحور أساساً حول مؤتمر توافقي بداية يناير والإعداد لمؤتمر انتخابي بداية الصيف.
غير أن موقفاً جديداً طفا على السطح، اليوم السبت، إذ أعلن رجل الأعمال المعروف والقيادي بالحزب، فوزي اللومي، عن رفضه حضور اجتماع الغد بدوره، و قال في تصريحات صحافية، إنه يعتزم القيام بحملة لمقاطعة المؤتمر الانتخابي المزمع القيام به يوم 10 يناير لوجود "شكوك بأن يكون مؤتمراً مغشوشاً لأنه سيقوم على الولاءات والإقصاء لا على قاعدة الديمقراطية"، بحسب قوله.
وأضاف اللومي، أن لجنة 13 قامت أساساً على خلق التوافقات بين جميع الأطراف وعلى أساس تنظيم مؤتمر انتخابي على قاعدة الديمقراطية، لكن الدعوة لاجتماع المكتب التنفيذي تمت دون حصول أي توافقات وهو ما اعتبره عملية إقصائية".
وتقول بعض المصادر الرافضة لموقف اللومي، إن موقفه الحالي جاء بعد رفض إدراجه في قائمة القيادة المقترحة لقيادة الحزب بعد المؤتمر التوافقي القادم، لأنه لا يمكن أن يكون موجوداً في القيادة مع شقيقته سلوى اللومي وزيرة السياحة الحالية، وهو ما أغضبه واعتبره إقصاء، بحسب هذه المصادر.
اقرأ أيضاً: السبسي في السعودية... طي صفحة سوداء من إرث المخلوع
وأيّ نتائج يسفر عنها هذا اليوم الصعب على الندائيين، فإن المؤكد هو أن مجموعة من النواب ستنفصل عن الكتلة وستؤسس كتلة جديدة داخل المجلس، غير أن السؤال الحقيقي يبقى متعلقاً بعدد أعضاء المستقيلين، وربما تكون هذه اللقاءات المتتالية محاولات أخيرة لإضعافها قدر الإمكان والتقليص من قوتها وحجمها، ويبدو أن الأمر ينجح نسبياً ولكنه لا يغير جوهرياً من طبيعة المشهد داخل نداء تونس.
وأصدر، اليوم، بعض أعضاء المكتب التنفيذي بياناً، يؤكد مقاطعتهم اجتماع الغد الأحد، لافتين إلى أن ما حصل في الأيام الأخيرة من تحركات موازية لعمل لجنة الـ13 وما صدر عن بعض أعضائها من تصريحات بوسائل الإعلام عبروا فيها عن مواقفهم الشخصية وانحيازهم لوجهة نظر دون أخرى، وما تم من تلاعب بقوائم النواب وبقوائم الهياكل الوطنية والجهوية والمحلية للحزب من الذين سيقع دعوتهم لحضور المؤتمر"التوافقي" من طرف ما سمي بإدارة الهياكل وما شاب تركيبة اللجان التحضيرية لهذا المؤتمر من انحياز في تعيين أعضائها يعتبر ضرباً لحيادية اللجنة وتعدياً صارخاً على صلاحياتها، وبالتالي إفشالاً لمهمتها الأساسية المتمثلة في الوصول إلى حل توافقي يجمع كافة المناضلين دون انحياز لأي طرف.
وأكدت المجموعة، أنه اعتباراً لهذه الخروقات الجسيمة "فإننا نعتبر دعوة المكتب التنفيذي إلى الانعقاد يوم الأحد 27 ديسمبر 2015 للمصادقة على خريطة الطريق المعدة من لجنة 13 بمثابة صك على بياض دون حصول أي توافق حقيقي على تفاصيل خريطة الطريق المذكورة".
ونددوا بما سموه" بالتصرف الإقصائي الذي شمل عدداً هاماً من أعضاء المكتب التنفيذي بعدم دعوتهم لحضور هذا الاجتماع بتبريرات واهية وغير مقبولة مما يؤكد انحياز لجنة 13 وانحرافها عن الدور التوافقي الذي بعثت من أجله.
ودعا أصحاب البيان إلى التصدي للانحراف عن المشروع الأصلي لنداء تونس الذي وعد به ناخبيه، معتبرين أنهم "غير معنيين بما سمي بالمؤتمر التوافقي وبما سيفرزه من نتائج لانعدام أسس هذا التوافق".
اقرأ أيضاً: مشروع تعديل وزاري "جذري" بتونس:حكومة سياسيين تخلف فريق الكفاءات