نجت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من محاولة انقلاب حزبية جديدة للإطاحة بها من زعامة المحافظين، بعد أن رفض مسؤولو الحزب الاستجابة لمطالب المتمردين من نوابه بتغيير قوانينه الداخلية.
ووسط شلل سياسي مستمر في وستمنستر، سعى متشددو بريكست في حزب المحافظين إلى تحويل الضغط في قواعد الحزب لتطبيق بريكست إلى قوة تطيح بتيريزا ماي.
وكانت ماي قد نجت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي من تصويت حزبي داخلي على الثقة في زعامتها للمحافظين، وهو ما منحها حصانة في منصبها لمدة عام كامل، وفقاً لقوانين الحزب الداخلية.
إلا أن متشددي بريكست تعهدوا بالاستمرار بمحاولاتهم لاستبدال ماي بزعيم جديد للحزب، قد يكون من بين صفوفهم، حيث يتمتع بوريس جونسون بالشعبية الكبرى بين قادة المحافظين. ويزيد من قوة مطالبهم تدهور مسار بريكست، وتأجيل موعده مرتين، إضافة إلى احتمال انعقاد الانتخابات الأوروبية الشهر المقبل.
إلا أن لجنة 1922 البرلمانية، والتي تضم نواب المحافظين في ويستمنستر، رفضت تعديل قوانين الحزب الداخلية للسماح بالتصويت على الثقة في ماي، وذلك بعد اجتماعين مطولين عقدا يومي الثلاثاء والأربعاء.
ولكن زعيم اللجنة، غراهام برادي، قال مساء أمس إن نواب المحافظين يرغبون برؤية خطة واضحة من رئيسة الوزراء لمغادرة منصبها في حال فشل البرلمان في دعم صفقة بريكست في الأسابيع المقبلة. "بعد أن أعلنت رئيسة الوزراء عن قرارها بوضع جدول زمني لتنحيها من منصبها في زعامة الحزب في حال مرور صفقة بريكست في البرلمان، فإننا نسعى لتوضيحات مماثلة منها في الظروف الأخرى. يجب أن يكون لدينا خارطة طريق واضحة إلى الأمام."
وكانت ماي قد تعهدت بالتنحي فوراً في حال وافق البرلمان على خطتها لبريكست، لكن تعهدها هذا فشل في كسب دعم ما يكفي من نواب حزبها، وهو ما أدى إلى فشل خطتها للمرة الثالثة في البرلمان الشهر الماضي.
الانتخابات الأوروبية
ومن جهة أخرى، يرفض حزب المحافظين التعليق على موعد انطلاق حملة الحزب الانتخابية الخاصة بالبرلمان الأوروبي، حيث لا يزال الموقف الرسمي آملاً بتصديق اتفاق بريكست قبل موعد الانتخابات، وبالتالي انعدام الحاجة لتنظيمها.
ولكن الوقت ينفد أمام المحافظين، والذين يواجهون احتمال هزيمة نكراء في الانتخابات المقبلة، وخاصة أن حزب بريكست الجديد، والذي يرأسه نايجل فاراج، ينمو بشكل مطرد على حساب قواعد المحافظين.
وكان فاراج، وهو الزعيم السابق لحزب استقلال بريطانيا، وأحد أبرز مؤيدي بريكست، قد تعهد يوم أمس بأن تكون الانتخابات الأوروبية بداية الإطاحة "بالبرلمان المؤيد للاتحاد الأوروبي" في ويستمنستر.
واستعاد فاراج اللغة الشعبوية التي مكنته من الوصول إلى البرلمان الأوروبي عام 2014، ودعمت تصويت بريكست عام 2016، حيث وجه لكماته إلى "الطبقة السياسية" الحالية التي تخون الشعب البريطاني، محذراً من أن الخطر لا يحدق فقط ببريكست بل بالديمقراطية البريطانية ككل.
وألقى فاراج كلمته في بلدة كلاكتون أون سي، في إيسكس، جنوب شرق إنكلترا. ولهذه البلدة أهميتها الخاصة، حيث كانت أول مقعد انتخابي يحصده حزب استقلال بريطانيا في الانتخابات الأوروبية عام 2014، عندما انشق نائب المنطقة عن حزب المحافظين لصالح حزب الاستقلال. كما أنها تعد مثالاً على المناطق المهمشة والفقيرة في بريطانيا، والتي تعد القاعدة الشعبية للتصويت الاحتجاجي الذي شهدته بريطانيا عام 2016.
وكان فاراج تعهد أيضاً باستغلال فرصة الانتخابات الأوروبية لسحب البساط من تحت حزب العمال أيضاً، حيث يستعد لاستهداف معاقله في شمالي إنكلترا وويلز.
وقال لـ "ذا غارديان": "سابقاً في الفترة بين 2013 و2014 وحتى 2015، أساء الجميع فهم التصويت لصالح حزب الاستقلال البريطاني. لقد افترضوا أنه سيضر فقط بالمحافظين من دون العمال. ولكن في انتخابات 2015 ألحقنا الضرر بإد ميليباند (زعيم العمال السابق) بشكل أكبر وتمكن كاميرون (زعيم المحافظين السابق) من حصد الأغلبية بسبب تصويت حزب الاستقلال." وأضاف "أعتقد أن الأمر ذاته سيحدث مع حزب بريكست".
الاستقلال الاسكتلندي
أما الحزب القومي الاسكتلندي، فتعهد على لسان زعيمته نيكولا ستورجون، بالتقدم بتشريع جديد يهدف إلى طرح استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا، محدداً مايو/ أيار 2021 كموعد محتمل في حال خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقالت ستورجون إن بريكست سيحمل تبعات كارثية على الاقتصاد الاسكتلندي وإن مقاربة الحكومة في لندن اتسمت بالفوضوية، وهو ما يبرر منح الناخبين الاسكتلنديين حق التصويت من جديد على الاستقلال عن بريطانيا.
إلا أن مثل هذا الاستفتاء لا يمكن أن يتم بمبادرة من البرلمان الاستكلندي، بل يجب أن يحصل على موافقة برلمان ويستمنستر، ليمنح إدنبرة حق تنظيمه.
ولكن المتحدث باسم تيريزا ماي رفض الفكرة كلياً قائلاً "لقد كنا واضحين جداً، لقد صوتت اسكتلندا على استفتاء على الاستقلال عام 2014، وصوتت بشكل أكيد لصالح البقاء في المملكة المتحدة. يجب احترام ذلك."
إلا أن تصويت اسكتلندا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، وبخلاف الأغلبية في بريطانيا، دفع ستورجون إلى الإعلان عن نيتها تنظيم استفتاء ثان على الاستقلال، بعيد استفتاء بريكست عام 2016.
وقالت ستورجون إن قرار ويستمنستر تطبيق بريكست رغم الأغلبية الاسكتلندية التي صوتت لصالح البقاء في أوروبا، ما هو إلا دليل على فشل النظام السياسي الحالي.
ولكن استطلاعات الرأي المتكررة تعكس أغلبية بسيطة بين الأسكتلنديين معارضة للاستقلال عن بريطانيا، بوجود أقلية تدعم إجراء استفتاء على الاستقلال في العامين المقبلين.