حرِّر عقلك من القيود

03 ابريل 2018
+ الخط -
هل لديك قناعات تؤمن بها؟! هل تشعر أحيانا بقوة داخلية تسيطر على عقلك وتتحكم في تصرفاتك؟! لا شك أن لدى كل إنسان قناعات يحملها ويختزنها بداخله ويؤمن بها، وتصبح بالنسبة له بمثابة منظار يرى الحياة من خلالها، وما أن يضع الإنسان قناعة لنفسه ويؤمن بها حتى تصبح تلك القناعة حقيقة ثابتة بالنسبة له، ولا يمكنه تخطيها أو تجاوزها أو تغييرها في الواقع ما لم يتخطها أولًا في داخل نفسه.

وتعد القناعة الداخلية بمثابة قيد عقلي ونفسي يصنعه الإنسان لنفسه وبنفسه حتى يصبح حقيقة وواقعا بالنسبة له ولو لم يكن كذلك فعلًا، كما أن القناعة الداخلية هي ذلك الشعور باليقين تجاه شيء أو أمر معين، فهذا الشعور اليقيني تجاه شيء ما يجعله بالنسبة لك حقيقة واقعة وثابتة، ومن الملاحظ أننا نجد أنفسنا في حياتنا اليومية مقيدين بتلك القناعات ونتصرف بناء عليها، كأن تقول لنفسك مثلًا: أنا لا أستطيع النوم مبكرًا ولا يمكنني تغيير أو التخلي عن هذه العادة السلبية -السهر ليلا- أو غيرها من العادات، وفعلا لا يمكنك التخلص منها أبدا، والسبب وراء ذلك هو أنت..!! لأنك أنك أصبحت مقيدا بقناعاتك التي غلفت عقلك وسيطرت على ردود أفعالك.


ويمكننا أن نقسم القناعات إلى نوعين: النوع الأول وهو تلك القناعات التي تمنحك القوة مثل: قناعاتك بأنك واثق من نفسك وقدراتك ومهاراتك وأنك قادر على تحقيق أهدافك وخططك الحياتية، والنوع الثاني وهو تلك القناعات السلبية أي التي تسلبك القوة وتمنحك اليأس والضعف والتشاؤم وتجعلك إنسانا غير ناجح أو متميز في هذه الحياة، كقولك لنفسك مثلًا: إنك فاشل ولا تستطيع إنجاز شيء في مجال عملك أو في هذه الحياة بشكل عام.

وتتجلى لنا أهمية القناعات الداخلية في الحياة عندما نعلم أن القناعات السلبية تؤدي إلى المشاعر السلبية، وتؤدي بالضرورة إلى اليأس والاكتئاب والخوف والضياع مع فقدان الأمل، فهي تعد بمثابة فلسفة أو مرتكز سلبي تؤثر على نمط حياتك ومدى نجاحك وتحقيقك لأحلامك وطموحاتك في الحياة، كما أن القناعات السلبية تؤدي إلى الشعور بالعجز والضعف وعدم القدرة والاستطاعة وأحيانا عدم التكيف مع الآخرين بصورة سليمة.

والسؤال الأهم الآن: هل كل منا يعيش بالفعل قناعات حقيقية اختارها بكامل حريته وإرادته وهو مؤمن بها، أم أنه يعيش قناعات زائفة وغير حقيقية نتيجة لرغبته في تقمص الأدوار والظهور بمظهر معين لظروف تفرضها عليه الحياة أو لظروف وجدها الأنسب له!! فقد نجد أن هناك بعض الأشخاص ممن نسميهم بأعداء النجاح يتقمصون شخصيات معينة، ويضعون بداخلهم قناعات أملاها عليهم أشخاص آخرون يتحكمون في تفكيرهم وسلوكياتهم وحياتهم الشخصية للأسف الشديد، تحت مظلة المصالح الشخصية أو غيرها، نجدهم يسيئون لغيرهم من الأشخاص الناجحين ممن هم أفضل منهم، ويفعلون غير ذلك من أمور سلبية تجاههم دون وجه حق، وعندما نتحدث إليهم يدعون ويبررون ويتفلسفون ..الخ.

لذلك من الحسن والواجب على كل فرد أن يختلي بنفسه بعض الوقت، ويعيد تقييم شخصيته وذاته، وحتى إن لم يفعل ذلك في السابق فمن الضروري أن يفعله الآن ولا يتوانى أو يتأخر، فتلك العملية من المراجعة وإعادة تقييم الذات تعد نوعا من الرياضات النفسية المرغوب فيها، والتي يمكن للإنسان من خلالها مراجعة ذاته ونقد نفسه بموضوعية وإيجابية كاملتين دون خوف أو وجل، ومهما كانت النتائج بعد ذلك، وذلك لإعادة بوصلة حياته لطريق الصواب والطريق الصحيح خشية الاستمرار في العيش بقناعة زائفة غير سليمة، فقناعاتك ملك لك وحدك، وأنت المسؤول عنها وما ينجم عن إيمانك بها.
C4C65070-0BAB-43F9-ADFD-8F4E24BDF802
محمود إبراهيم سعد

معلم لغة عربية ومدرب ومستشار معتمد في التدريب والتطوير وجودة التعليم.