07 نوفمبر 2024
حرية الفكر الغائب الأكبر في ثقافتنا
يضعنا مفهوم حرية الفكر في قلب سؤالٍ يرتبط بمجال الحريات، كما تبلور في الفلسفات السياسية الحديثة، ثم في الخطابات السياسية المتصلة بمجال حقوق الإنسان، وأجياله المتعاقبة بعد ذلك، حيث تصبح مستويات حضوره مرتبطةً بالمساعي المطلبية، الرامية إلى تعزيز قيم المواطنة في المجتمعات المعاصرة. وضمن هذا السياق، سيبرز المفهوم ضمن حزمةٍ من المفاهيم المتصلة ببعضها، والمرادفة لبعضها الآخر، من قَبِيل حرية الرأي والتعبير، وحرية الإبداع ثم حرية الضمير.
يَرِدُ المفهوم في الأدبيات الحقوقية في سياق الحديث المطلبي عن مجموع الحريات الفردية، وهو يرد، في الأغلب الأعم، باعتباره من شروط التحديث والدمقرطة، وبحكم أنه يُعَدُّ مكوِّناً مركزياً من مكوِّنات حقوق المواطنة في المجتمع الحديث.
نفترض أن التداوُل الجاري للمفهوم في سجالاتنا السياسية والثقافية يرتبط بمطلب توطينه في مجتمعنا، لنضمن إمكانية التجديد والإبداع في المجال الفكري، ونتخلص من الأوثان التي تقيد تطلعاتنا الرامية إلى التخلُّص من التقليد وثقافته المتحجِّرة.
يمكننا أن نَنْسُب إلى منظمات المجتمع المدني العربية، ومنها الجمعيات الحقوقية، وما يرتبط بها من تنظيماتٍ متصلةٍ بمجالات حقوق الإنسان، التحوُّل الذي عرفه مفهوم الحرية وحزمة الحريات ونظرياتها، في ثقافتنا السياسية المعاصرة في نهاية القرن العشرين، حيث برزت معطياتٌ جديدةٌ في الحديث عن الحرية والحريات، تحت تأثير تحولات القيم في عالمٍ يتغير بإيقاع سريع.
ساهمت النصوص والمواثيق الحقوقية، كما ساهم العاملون في الميدان الحقوقي في عمليات تَبْيِئَةِ جملة من القيم والمبادئ والقوانين، بهدف تطوير المجتمع العربي، وذلك بتهييء الأرضية الاجتماعية والمرجعية القانونية، المساعدتين في مسألة إعداد الوسائل المُسَاعِدَة في ترسيخ الديمقراطية ودولة القانون. وضمن هذا الأفق، تبلور الحديث عن حرية الفكر، وما يُرادِفُها من مفرداتٍ تتوخى، في نهاية الأمر، توسيع مجال الحريات في مجتمعنا.
ارتبط المفهوم، في استعمالاته الأولى في أوروبا، بتاريخ الصراع الديني في أوروبا، بمسألة
حرية العقيدة والعقائد والمعتقدات. نتبيَّن ملامح ذلك، في أدبيات عصر الأنوار في القرن الثامن عشر، حيث تبلورت جملةٌ من المواقف في موضوع الإيمان، وتهذيب الضمير، وكذلك مسألة حرية المعتقد.
تعدّ حاجة مجتمعاتنا وثقافتنا إلى مناخ الحرية وقِيَمِها مسألة ملحة، يعود السبب في ذلك إلى سطوة الفكر التقليدي على أنظمتنا في الثقافة والتعليم والإعلام، من دون أن نتحدث عن أنظمتنا السياسية وأساليب ممارستها للسلطة والتدبير السياسيين، الأمر الذي يدعونا إلى ضرورة العناية بالمفهوم ومرادفاته، لعلنا نساهم في مزيدٍ من إنجاز ما يوسع دوائر الحرية والتحرُّر في مجتمعنا.
يزداد اتساع مجال الرأي والتعبير في العالم تعولماً، وتَعْرِف معارفه وتقنياته إيقاعاً يتضاعف باستمرار، الأمر الذي نَقَلَ وينقُل موضوع حرية الفكر إلى مستوياتٍ أخرى، حيث لم تعد هذه الحرية تنحصر في إبداء الرأي ونشره، بل تزداد اليوم اتساعاً بحكم اتساع فضاءات الفكر والثقافة والإبداع وتنوعها، سواء في المستوى الورقي، أو في الفضاءات الرقمية التي يصعب اليوم ضبط أمكنتها وحدودها. الأمر الذي يفتح الموضوع على إشكالاتٍ أخرى، سياسية وقانونية وفلسفية وأخلاقية.
يمكن أن ندرج تطلعات النخب العربية لتعميم حرية الفكر والتعبير والمواقف، على الرغم من أشكال التضييق الداخلية وأصناف الحصار الخارجية التي تعترضها، ضمن معركتين كبيرتين
قائمتين في أغلب المجتمعات العربية، الإصلاح السياسي الديمقراطي، واستيعاب مآثر حقوق الإنسان، ومن بينها حقه في التعبير والرأي، وبلورة مواقف تخصه في القضايا العامة.
عندما يتأمل المرء درجة سمك التقليد في المجتمعات العربية، يدرك جوانب من صعوبات المواجهات المتواصلة في مجتمعاتنا منذ عقود، بين دعاة الحرية والتحرّر وحُماة التقليد والانكفاء. وفي المعارك التي تتواصل بأشكال عديدة في الحاضر العربي، ما يؤكد حدَّة الممانعة التي تمتلكها قوى التقليد في مجتمعنا، ويدعو القوى المتحرّرة إلى مزيدٍ من العمل الهادف إلى ترسيخ ما يسمح ببناء الدعائم المجتمعية والثقافية، القادرة على إسناد مجتمع الحريات المأمول، مجتمع المعرفة والتقدم.
الإيمان بحتميّة كسر شوكة التقليد والانتصار عليه، قصد فتح الباب أمام مجتمع الحرية والتحرّر في مجتمعاتنا، مجتمع حرية الفكر والإبداع، يَهَبُ المؤمنين به طموحات وقدرات هائلة لمحاصرة جيوب التقليد التي تَتَّجِه اليوم لنشر وتعميم معطيات شبكاتها التواصلية، مستغلةً تقنيات التواصل الجديدة، لتركيب مواقع معادية لمكاسب المعرفة المعاصرة.
ما زال المشهدان، الديني والثقافي، في العالم العربي، يقدِّمان الدليل على صور الحصار الذهني السائد في أغلب المجتمعات العربية. وما زلنا بحاجةٍ إلى بناء مشروع عربي في باب حرية الاجتهاد، ذلك أن تحرير مجتمعاتنا من الانغلاق والجمود لا يحصل إلا بتوسيع مجال الحريات وإسناده بإطلاق مشروع تأسيس مجتمعٍ جديد.
يَرِدُ المفهوم في الأدبيات الحقوقية في سياق الحديث المطلبي عن مجموع الحريات الفردية، وهو يرد، في الأغلب الأعم، باعتباره من شروط التحديث والدمقرطة، وبحكم أنه يُعَدُّ مكوِّناً مركزياً من مكوِّنات حقوق المواطنة في المجتمع الحديث.
نفترض أن التداوُل الجاري للمفهوم في سجالاتنا السياسية والثقافية يرتبط بمطلب توطينه في مجتمعنا، لنضمن إمكانية التجديد والإبداع في المجال الفكري، ونتخلص من الأوثان التي تقيد تطلعاتنا الرامية إلى التخلُّص من التقليد وثقافته المتحجِّرة.
يمكننا أن نَنْسُب إلى منظمات المجتمع المدني العربية، ومنها الجمعيات الحقوقية، وما يرتبط بها من تنظيماتٍ متصلةٍ بمجالات حقوق الإنسان، التحوُّل الذي عرفه مفهوم الحرية وحزمة الحريات ونظرياتها، في ثقافتنا السياسية المعاصرة في نهاية القرن العشرين، حيث برزت معطياتٌ جديدةٌ في الحديث عن الحرية والحريات، تحت تأثير تحولات القيم في عالمٍ يتغير بإيقاع سريع.
ساهمت النصوص والمواثيق الحقوقية، كما ساهم العاملون في الميدان الحقوقي في عمليات تَبْيِئَةِ جملة من القيم والمبادئ والقوانين، بهدف تطوير المجتمع العربي، وذلك بتهييء الأرضية الاجتماعية والمرجعية القانونية، المساعدتين في مسألة إعداد الوسائل المُسَاعِدَة في ترسيخ الديمقراطية ودولة القانون. وضمن هذا الأفق، تبلور الحديث عن حرية الفكر، وما يُرادِفُها من مفرداتٍ تتوخى، في نهاية الأمر، توسيع مجال الحريات في مجتمعنا.
ارتبط المفهوم، في استعمالاته الأولى في أوروبا، بتاريخ الصراع الديني في أوروبا، بمسألة
تعدّ حاجة مجتمعاتنا وثقافتنا إلى مناخ الحرية وقِيَمِها مسألة ملحة، يعود السبب في ذلك إلى سطوة الفكر التقليدي على أنظمتنا في الثقافة والتعليم والإعلام، من دون أن نتحدث عن أنظمتنا السياسية وأساليب ممارستها للسلطة والتدبير السياسيين، الأمر الذي يدعونا إلى ضرورة العناية بالمفهوم ومرادفاته، لعلنا نساهم في مزيدٍ من إنجاز ما يوسع دوائر الحرية والتحرُّر في مجتمعنا.
يزداد اتساع مجال الرأي والتعبير في العالم تعولماً، وتَعْرِف معارفه وتقنياته إيقاعاً يتضاعف باستمرار، الأمر الذي نَقَلَ وينقُل موضوع حرية الفكر إلى مستوياتٍ أخرى، حيث لم تعد هذه الحرية تنحصر في إبداء الرأي ونشره، بل تزداد اليوم اتساعاً بحكم اتساع فضاءات الفكر والثقافة والإبداع وتنوعها، سواء في المستوى الورقي، أو في الفضاءات الرقمية التي يصعب اليوم ضبط أمكنتها وحدودها. الأمر الذي يفتح الموضوع على إشكالاتٍ أخرى، سياسية وقانونية وفلسفية وأخلاقية.
يمكن أن ندرج تطلعات النخب العربية لتعميم حرية الفكر والتعبير والمواقف، على الرغم من أشكال التضييق الداخلية وأصناف الحصار الخارجية التي تعترضها، ضمن معركتين كبيرتين
عندما يتأمل المرء درجة سمك التقليد في المجتمعات العربية، يدرك جوانب من صعوبات المواجهات المتواصلة في مجتمعاتنا منذ عقود، بين دعاة الحرية والتحرّر وحُماة التقليد والانكفاء. وفي المعارك التي تتواصل بأشكال عديدة في الحاضر العربي، ما يؤكد حدَّة الممانعة التي تمتلكها قوى التقليد في مجتمعنا، ويدعو القوى المتحرّرة إلى مزيدٍ من العمل الهادف إلى ترسيخ ما يسمح ببناء الدعائم المجتمعية والثقافية، القادرة على إسناد مجتمع الحريات المأمول، مجتمع المعرفة والتقدم.
الإيمان بحتميّة كسر شوكة التقليد والانتصار عليه، قصد فتح الباب أمام مجتمع الحرية والتحرّر في مجتمعاتنا، مجتمع حرية الفكر والإبداع، يَهَبُ المؤمنين به طموحات وقدرات هائلة لمحاصرة جيوب التقليد التي تَتَّجِه اليوم لنشر وتعميم معطيات شبكاتها التواصلية، مستغلةً تقنيات التواصل الجديدة، لتركيب مواقع معادية لمكاسب المعرفة المعاصرة.
ما زال المشهدان، الديني والثقافي، في العالم العربي، يقدِّمان الدليل على صور الحصار الذهني السائد في أغلب المجتمعات العربية. وما زلنا بحاجةٍ إلى بناء مشروع عربي في باب حرية الاجتهاد، ذلك أن تحرير مجتمعاتنا من الانغلاق والجمود لا يحصل إلا بتوسيع مجال الحريات وإسناده بإطلاق مشروع تأسيس مجتمعٍ جديد.