وفي إطار الحديث عن مستقبل الحراك ومآل التغيير الممكن في المغرب، تقول ملحاف، لـ"العربي الجديد"، إنه لا بد أولاً من التعريج على السياق التاريخي، وخصوصاً ما عرفه المغرب في السنوات الأخيرة على المستوى السياسي. وتشير إلى أنه "لا يمكن أن نرهن الحراك السياسي في المغرب فقط بحركة 20 فبراير، لأن المغرب كان يعرف دائماً انتفاضات من أجل نبذ الظلم، الهيمنة، والفساد، وقد جاءت حركة 20 فبراير كتتويج لهذا المسار النضالي برفعها لمطالب محددة في ثلاثة محاور: سياسية، اجتماعية واقتصادية".
وترد خفوت الحركة إلى ثلاثة أسباب موضوعية، أولها السياق الإقليمي الذي ولدت فيه الحركة، إذ إن الثورتين التونسية والمصرية شكلتا حافزاً للشباب المغاربة من أجل إبداع شكل جديد مغاير لما عرفته هذه الدول من انتفاضات لجهة الشكل، لكن من حيث المضمون هناك نقاط مشتركة في خطوطها العريضة: الكرامة، الحرية، المساواة، العدالة الاجتماعية.
وتضيف: "لكن عندما انتقل الربيع العربي إلى حروب دموية، كما هو الشأن في ليبيا وسورية، فقد أثّر ذلك على فئة واسعة من المواطنين الداعمين لحركة 20 فبراير، إذ ساد الخوف من أن تنتقل المسيرات السلمية إلى سيناريو الحروب نفسه، وبالتالي فضّل هؤلاء الاستقرار على الخروج إلى الشارع ورفع المطالب".
لكن ملحاف ترى أن خطاب الملك محمد السادس، يوم التاسع من مارس/ آذار، أي مباشرة بعد انطلاق التظاهرات، والذي شكل انطلاقة لورش الإصلاح الدستوري بنَفَس إصلاحي جديد، أعطى إشارات إيجابية أولاً للمجتمع الدولي بأن الربيع المغربي سيكون مخالفاً لما عليه الوضع في المنطقة، وثانياً للشارع، إذ إن فئة عريضة منه تميل نحو الإصلاح في وقت يتم قتل المتظاهرين في الدول الأخرى.
وتعتقد ملحاف أن دستور يوليو/ تموز 2011، جعل فئة عريضة من الطبقة السياسية تدعمه بقوة على الرغم من أنه لم يكن في مستوى تطلعات مطالب الشارع، لكن في الوقت نفسه جاء متقدماً عن سابقه، وهذا ما جعل الكثيرين يعتبرونه خطوة إيجابية نحو الإصلاح الجذري.
وتؤكد ملحاف أن محطة 25 نوفمبر/ تشرين الثاني، كانت حاسمة، إذ تم لأول مرة تعيين رئيس حكومة من الحزب الفائز حسب ما ينص عليه الدستور، خلافاً للسابق. يُضاف إلى ذلك أنه لم يكن هناك حديث عن تزوير في ما يخص النتائج.
من جهةٍ ثانية، تشير ملحاف إلى أن رئاسة الحكومة من قبل الإسلاميين لأول مرة في تاريخ البلاد، أدخلت المغاربة في غرفة انتظار آملين أن يتم تنفيذ ما تم إدراجه في البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية، وخصوصاً أن الحزب استلهم شعاره المركزي أثناء الحملة الانتخابية من مطالب الشارع "معاً ضد الفساد والاستبداد"، على الرغم من أنه لم يشارك بشكل رسمي في حركة 20 فبراير.
وتذهب ملحاف إلى أن جذوة الحركة لن تنطفئ، فقد استطاع الشباب أن يكوّنوا مجموعات منفصلة؛ جمعيات سياسية، فرق مسرحية، فرق غنائية، لها جميعها روح حركة 20 فبراير، لكنها تعمل بطرق مختلفة. ووفقاً لملحاف، فإن مستقبلها مفتوح على كل الاحتمالات، إذ قد تلتقي يوماً ما في حركة أكبر وأكثر نضجاً أو قد تستمر في العمل بشكل منفصل مع وجود تنسيق دائم بينها، في ظل وجود فراغ كبير على المستوى السياسي وإفراغ العمل الحزبي من محتواه وعدم وجود ثقة بين المواطن والحزب السياسي. وهو ما قد يؤثر بشكل سلبي على نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة.