تشهد أسواق بيع الهواتف المحمولة في مصر حرقاً للأسعار، نتيجة شح السيولة الناجمة عن ركود المبيعات، تأثرا بتراجع القدرة الشرائية للكثير من المواطنين في سوق يعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وفق مبيعات الشركات العالمية.
وقال هيثم محمد، وهو وكيل معتمد لعدد من شركات هواتف المحمول، إن حرق الأسعار يتضح أكثر في المناطق الواقعة خارج العاصمة القاهرة، مشيرا إلى تعدد أسباب لجوء التجار إلى هذا الأمر، أبرزها شح السيولة نتيجة انخفاض المبيعات.
وأضاف محمد لـ"العربي الجديد": "يضطر التاجر للنزول بالأسعار إلى حد معين لتنشيط حركة المبيعات، على أن يتم تعويضها من مكاسب الإكسسوارات أو أجهزة أخرى".
وفي شارع عبد العزيز بقلب العاصمة القاهرة، المشهور بتجارة الهواتف، يسود الهدوء، الأمر الذي أرجعه محمد إسماعيل، وهو تاجر تجزئة، إلى تغيير الكثير من الأسر لخريطة إنفاقها في ظل الضغوط المعيشية الحالية، حيث تلتهم نفقات الدروس الخصوصية معظم دخل الأسر.
وقال إسماعيل إنه ليس بإمكان تجار شارع عبد العزيز المراوغة كثيرا في الأسعار، لأن هامش الربح لا يتحمل أي حسومات في ظل ارتفاع التكاليف التي يتحملها التاجر.
وتابع: "أحيانًا تأتي إلينا بضاعة محروقة، إما عن طريق حالات فردية، قطعة أو اثنتين اشتراهما صاحبهما بالتقسيط، لكي يبيعهما نقداً من أجل حاجته لسيولة مالية لسبب ما، فيضطر للبيع بأسعار أقل من السعر السوقي، وإما قد تكون هناك صفقة موبايلات يأتي بها أحد التجار من خارج القاهرة لبيعها بأسعار أقل من قيمتها، وربما تكون هناك شبهة غسيل أموال".
ويشكو حمادة محمد، وهو تاجر جملة، من انخفاض المبيعات، التي قدر نسبتها بنحو 70% خلال الفترة الحالية مقارنة مع الفترة المناظرة من العام الماضي، 2018، مرجعا السبب إلى ضعف القدرة الشرائية لغالبية المصريين.
وقال حمادة إن بعض وكلاء الشركات من كبار التجار يلجأون إلى حرق الأسعار لتنشيط مبيعاتهم بهدف توفير سيولة كافية لإدارة أعمالهم، كما أن بعض صغار التجار يضطرون للنهج نفسه في نوعيات معينة من الأجهزة لتدبير السيولة، على أن يعوضوا خسائرهم من نوعيات أخرى.
ووفقًا لبيانات شركة "أي دي إس" المتخصصة في أبحاث السوق، فإن شركة سامسونغ الكورية الجنوبية احتلت خلال الربع الثالث من 2018 الترتيب الأول في السوق بنسبة 20.3%، تلتها هواوي الصينية بنسبة 14.6%، ثم آبل الأميركية 13.2%، وشاومي وأبو الصينيتين بـ9.5%، و8.5% على الترتيب، وماركات أخرى 33.9%.
وتراجع عدد مشتركي الهاتف المحمول إلى 94.59 مليون مشترك بنهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، مقابل 99.4 مليون مشترك بنهاية الشهر نفسه من العام 2017، بانخفاض بلغت نسبته 4.8%.
ولا توجد بيانات رسمية حول حجم مبيعات الهواتف المحمولة، إلا أن محمود خطاب، رئيس مجلس إدارة شركة "بي تك"، إحدى أكبر السلاسل التجارية المتخصصة في بيع الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، قدر في مؤتمر صحافي بالقاهرة في فبراير/ شباط الماضي، حجم المبيعات خلال العام الماضي بنحو 18 مليون هاتف بقيمة تصل إلى 41 مليار جنيه (2.3 مليار دولار).