دخل المشهد التونسي مرحلة صراع سياسي مفتوح يثير المخاوف بشأن مزيد من الانقسام قد يؤدي إلى إضعاف الدولة في مواجهتها لظروف إقليمية متوترة، وظروف اقتصادية واجتماعية معقدة.
وعشية انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، غدا الخميس، بدأت الأحزاب التونسية حرب لوائح برلمانية، تدعو إحداها لسحب الثقة من الحكومة، في حين تدعو الأخرى لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
وليلة أمس، الثلاثاء، قررت حركة النهضة توجيه لائحة لوم للحكومة تمهيدا لسحب الثقة منها.
وقد تم ظهر اليوم الأربعاء إيداع لائحة سحب الثقة من الحكومة لدى مكتب البرلمان بـ105 توقيعات، في حين أنها لا تحتاج إلا إلى 73 توقيعا فقط لإيداعها، ما يرجح حصولها مبدئيا على 109 أصوات في الجلسة العامة التي ستصوت على سحب الثقة.
وأكد القيادي البارز بحركة النهضة ووزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مجلس شورى الحركة قرر تقديم لائحة لوم لسحب الثقة من الحكومة التي يرأسها إلياس الفخفاخ.
يدخل البرلمان بهذا الشكل حرب تجميع أصوات من هذا المعسكر أو ذاك، لأن التوازن بينهما كبير، وسيكون دور النواب غير المنتمين لكتل حاسماً في هذا الاتجاه
وأوضح عبد السلام أن التصويت على القرار داخل مجلس الشورى كان بأغلبية راجحة، وأكدت مصادر أخرى لـ"العربي الجديد"، أن التصويت كان بـ70 صوتا لصالح سحب الثقة، مقابل 20.
وأضاف القيادي في النهضة أن "البلاد لم تعد تحتمل مزيدا من الانتظار، وأن شبهات تضارب المصالح التي تلاحق رئيس الحكومة تعطل الأوضاع، وأن النهضة كانت تنتظر قرارا سياسيا من الشورى لاتخاذ هذا الموقف"، مرجحا أن تتم المصادقة على لائحة اللوم داخل البرلمان وحصولها على الأغلبية الضرورية (109 أصوات).
وفيما بدأت حركة النهضة، الأربعاء، جمع التواقيع الضرورية الأولية لتقديم لائحة اللوم، أعلنت مجموعة من الكتل النيابية، ممثلة بالكتلة الديمقراطية (التيار الديمقراطي وحركة الشعب) وكتلة الإصلاح الوطني، وكتلة تحيا تونس، والكتلة الوطنية، وكتلة الدستوري الحرّ، وبعض المستقلين، أنها وقعت على عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان، وفاق عدد التواقيع الـ74 توقيعا، وستحتاج بدورها إلى 109 أصوات في الجلسة العامة للبرلمان للمصادقة عليها.
ويدخل البرلمان بهذا الشكل حرب تجميع أصوات من هذا المعسكر أو ذاك، لأن التوازن بينهما كبير، وسيكون دور النواب غير المنتمين لكتل حاسما في هذا الاتجاه، إلا إذا حصل اختراق سياسي من هذا الطرف أو ذاك، وهو عملية صعبة في ظل هذا الانقسام الكبير.
وإذا ما صدقت توقعات قياديي النهضة بقدرتهم على جمع 109 أصوات، فإن هذا سيعني بالضرورة إسقاط لائحة اللوم ضد الغنوشي.
ويذهب المشهد إلى حالة من التوتر غير المسبوقة، تستدعي تدخل جهات مستقلة للحد منها ومحاولة توفير مناخ حوار جديد ينتهي بالتوصل إلى معادلة سياسية تنزع فتيل التوتر، وتمكن من التوصل إلى مشهد حكومي وسياسي ولو بالحد الأدنى.
وقال وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية غازي الشواشي (عن التيار الديمقراطي)، إن "الوقت حان ليلعب رئيس الجمهورية دوره التحكيمي حتى لا تتقسم البلاد وتدخل في حالة فوضى".
وأضاف الشواشي، في حوار مع جريدة "الصباح"، الأربعاء، إنه "من حق رئيس الجمهورية دعوة الجميع للجلوس على طاولة الحوار ولعب دور في إيجاد مخرج للأزمة السياسية الراهنة على قاعدة المحافظة على مصلحة البلاد، وأن أمنها فوق مصالح كل الأحزاب".