30 أكتوبر 2014
حرب لإجهاض الثورات
بعد أحداث "11 سبتمبر"، رفعت الإدارة الأميركية شعار الحرب على الإرهاب، وكان ذريعة لإضفاء الشرعية على حروب استباقية بدأتها باحتلالها أفغانستان والعراق، وروج هذه الاستراتيجية مثقفون، ألقوا المسؤولية على قوى الشر المتمثلة بالإسلام الجهادي- السلفي، معتبرين التعصب الديني العامل الرئيسي في حالات النزاع والتوتر والحروب. ومن الطبيعي أن يثير هذا الخطاب الاستعماري-الفوقي -العنصري ردود فعلٍ، تنطلق من مواجهتها الهيمنة الاستعلائية من المواقع الثقافوية نفسها، وتستثمر خطاب الخصوصية الهوياتي، وبذلك يتطابق الخطابان النقيضان-المتماثلان، الاستعماري والثقافوي، ويتم تقسيم العالم على أساس هوياتي –جوهراني، ويصبح الصراع بين أديان وثقافات.
وبعد اندلاع الثورات الشعبية العربية، عاد الغرب ورفع شعار الحرب على الإرهاب، الممثل بداعش، حتى يبرر تدخله الإمبريالي، ويساند الأنظمة بإجهاضها الثورات، وهذا ما يفسر نفخ داعش وتكبيرها، في الإعلام الغربي وخطب القادة الغربيين. وبعدها، تشكل التحالف الدولي لمحاربتها، لكنه لم يساهم بالقضاء عليها، بقدر ما ساهم بتقويتها وتمددها وزيادة سطوتها، إلى درجة أنها أصبحت سلطة في أغلب المناطق التي سيطرت عليها. وبهذا المعنى، كان لا بد من وجود داعش قوة إرهاب حقيقية على الأرض، حتى ترهب وتخيف الشعوب وتمنح شرعية لأنظمة الاستبداد، وهي لا تعدو كونها شكلاً من الطور العولمي البربري الذي ينزع إلى
التفتيت، وضرب ما تبقى من هيكلية دول، لصالح صعود المذهبيات والعرقيات والتلاعب بالدين. وفي المحصلة، تلعب داعش دوراً أداتياً ووظيفياً، غايته تخريب الثورات، والقوى الإمبريالية تغذي هذا النوع من الإرهاب بمغالطات خطابها السياسي الديني.
ومما سبق، يمكن تفسير حادثة "شارلي إيبدو" ومقتل الصحافيين الفرنسيين ضمن هذا السياق التاريخي للسياسة الغربية، ولا يمكن قراءته إلا على أنه إعلان حرب جديدة، ضد الشعوب العربية وثوراتها، ولكن تحت شعار محاربة داعش. وبذلك، يكون الأميركي والفرنسي قد أوجدا مبررات لتمدد جهاديات استقطبت، وسوف تستقطب، أعداداً كبيرة من الشباب المهمش واليائس الذي وجد في هذه القوى خلاصه الفردي، وشكلاً من الاحتجاج السلبي على واقع الظلم والاضطهاد.
ومن الأهداف الاستراتيجية وغير المعلنة للحدث الفرنسي عقد تحالفات جديدة مع قوى رجعية، تضمن إقامة قواعد عسكرية ومحطات دعم لوجستي والقيام بأنشطة استخباراتية، ولا يمكن أن يتكفل بهذه الإجراءات إلا وجود أنظمة مطواعة وتابعة، تضمن للغرب بقاء سيطرته على الموارد والأسواق.
الأخطر إلهاء الشعوب بمقولة الحرب على الإرهاب، وهذا سبب كاف، ليجعلها تعود وتلتف حول أنظمتها، في الغرب كما في الشرق. وبذلك، يكون الغرب قد حول الأنظار عن الخصم الفعلي للشعوب، وهي الطغم المالية المسؤولة عن ازدياد الهوة بين الأغنياء والفقراء، وعن اللامساواة. وكان ممكناً أن تخلق الأسباب الاجتماعية الاقتصادية المتفاقمة نقمة وتململاً بين المتضررين والمهمشين، بسبب السياسات النيوليبرالية، وتسرّع انتفاضات، ولو انتصرت الثورات العربية، وتوقف ضخ الرساميل الى الحواضر الغربية، فذلك كفيل بأن يخلق جبهة شعبية معادية للاحتكارات، وللتوحش المالي. ولذلك، سارعت القوى الإمبريالية، في خطوة استباقية التفافية، ورفعت شعار الحرب على الإرهاب، لتعيد تأهيل وإنتاج أنظمة، ترتبط بالمجمعات العسكرية والمالية، وتستمر بانتهاج سياسات اللبرلة الاقتصادية، وتعمل على إدامة الصراع، لأن وجود بنية غير مستقرة يمكن أن يضمن استثمارات طويلة الأجل.
لا ضير من القول إن الاستراتيجية الجديدة للغرب سوف تقودنا إلى حروب دائمة، وهذا وضع تقتضيه بنية الإمبريالية في طورها العولمي، لأنها تريد أن تلتهم النصيب الأكبر من الفائض، وتستنفد الثروات باستدعاء مزيد من الفاشية. والعالم بعد أيلول الفرنسي، لن يكون كما قبله، سوف يصبح أكثر فاشية وعنصرية وانغلاقاً، ويضيق الخناق على المهاجرين، ويسعى، قدر الإمكان، إلى شيطنتهم، ليسهل تحويلهم إلى جهاديين، عدا عن تقليص الحريات وتراجعها داخل المجتمعات الأوروبية، بعد تدابير أمنية صارمة تم اتخاذها.
زبدة الكلام، مهما حاول الغرب أن يحرف الصراع عن مساره الحقيقي، ويلتف على الثورات، فإن شرارة البوعزيزي في تونس لن تموت.
وبعد اندلاع الثورات الشعبية العربية، عاد الغرب ورفع شعار الحرب على الإرهاب، الممثل بداعش، حتى يبرر تدخله الإمبريالي، ويساند الأنظمة بإجهاضها الثورات، وهذا ما يفسر نفخ داعش وتكبيرها، في الإعلام الغربي وخطب القادة الغربيين. وبعدها، تشكل التحالف الدولي لمحاربتها، لكنه لم يساهم بالقضاء عليها، بقدر ما ساهم بتقويتها وتمددها وزيادة سطوتها، إلى درجة أنها أصبحت سلطة في أغلب المناطق التي سيطرت عليها. وبهذا المعنى، كان لا بد من وجود داعش قوة إرهاب حقيقية على الأرض، حتى ترهب وتخيف الشعوب وتمنح شرعية لأنظمة الاستبداد، وهي لا تعدو كونها شكلاً من الطور العولمي البربري الذي ينزع إلى
ومما سبق، يمكن تفسير حادثة "شارلي إيبدو" ومقتل الصحافيين الفرنسيين ضمن هذا السياق التاريخي للسياسة الغربية، ولا يمكن قراءته إلا على أنه إعلان حرب جديدة، ضد الشعوب العربية وثوراتها، ولكن تحت شعار محاربة داعش. وبذلك، يكون الأميركي والفرنسي قد أوجدا مبررات لتمدد جهاديات استقطبت، وسوف تستقطب، أعداداً كبيرة من الشباب المهمش واليائس الذي وجد في هذه القوى خلاصه الفردي، وشكلاً من الاحتجاج السلبي على واقع الظلم والاضطهاد.
ومن الأهداف الاستراتيجية وغير المعلنة للحدث الفرنسي عقد تحالفات جديدة مع قوى رجعية، تضمن إقامة قواعد عسكرية ومحطات دعم لوجستي والقيام بأنشطة استخباراتية، ولا يمكن أن يتكفل بهذه الإجراءات إلا وجود أنظمة مطواعة وتابعة، تضمن للغرب بقاء سيطرته على الموارد والأسواق.
الأخطر إلهاء الشعوب بمقولة الحرب على الإرهاب، وهذا سبب كاف، ليجعلها تعود وتلتف حول أنظمتها، في الغرب كما في الشرق. وبذلك، يكون الغرب قد حول الأنظار عن الخصم الفعلي للشعوب، وهي الطغم المالية المسؤولة عن ازدياد الهوة بين الأغنياء والفقراء، وعن اللامساواة. وكان ممكناً أن تخلق الأسباب الاجتماعية الاقتصادية المتفاقمة نقمة وتململاً بين المتضررين والمهمشين، بسبب السياسات النيوليبرالية، وتسرّع انتفاضات، ولو انتصرت الثورات العربية، وتوقف ضخ الرساميل الى الحواضر الغربية، فذلك كفيل بأن يخلق جبهة شعبية معادية للاحتكارات، وللتوحش المالي. ولذلك، سارعت القوى الإمبريالية، في خطوة استباقية التفافية، ورفعت شعار الحرب على الإرهاب، لتعيد تأهيل وإنتاج أنظمة، ترتبط بالمجمعات العسكرية والمالية، وتستمر بانتهاج سياسات اللبرلة الاقتصادية، وتعمل على إدامة الصراع، لأن وجود بنية غير مستقرة يمكن أن يضمن استثمارات طويلة الأجل.
لا ضير من القول إن الاستراتيجية الجديدة للغرب سوف تقودنا إلى حروب دائمة، وهذا وضع تقتضيه بنية الإمبريالية في طورها العولمي، لأنها تريد أن تلتهم النصيب الأكبر من الفائض، وتستنفد الثروات باستدعاء مزيد من الفاشية. والعالم بعد أيلول الفرنسي، لن يكون كما قبله، سوف يصبح أكثر فاشية وعنصرية وانغلاقاً، ويضيق الخناق على المهاجرين، ويسعى، قدر الإمكان، إلى شيطنتهم، ليسهل تحويلهم إلى جهاديين، عدا عن تقليص الحريات وتراجعها داخل المجتمعات الأوروبية، بعد تدابير أمنية صارمة تم اتخاذها.
زبدة الكلام، مهما حاول الغرب أن يحرف الصراع عن مساره الحقيقي، ويلتف على الثورات، فإن شرارة البوعزيزي في تونس لن تموت.