لم يكد اقتصاد العالم يتنفّس الصعداء مع توصل واشنطن وبكين إلى هدنة تجارية، حتى اندلعت حرب تجارية من الجبهة الآسيوية هذه المرة، بفرض اليابان اليوم قيوداً على صادرات إلكترونية إلى كوريا الجنوبية.
فقد فرضت اليابان اليوم الإثنين، قيوداً على الصادرات التي تستخدمها شركات تصنيع الشرائح الإلكترونية والهواتف المحمولة في كوريا الجنوبية، ما يزيد من حدة التوتر بين البلدين الحليفين للولايات المتحدة، بشأن مسألة استخدام العمالة القسرية خلال الحرب العالمية الثانية.
وسارعت سيول للرد، واصفة الإجراءات بأنها "غير منصفة وتشكل انتهاكاً للقوانين الدولية".
وتزيد الخطوة من مخاطر اندلاع نزاع طويل الأمد بشأن قرارات محكمة كورية جنوبية، طالبت الشركات اليابانية بتقديم تعويض لضحايا سياسة العمالة القسرية خلال الحرب العالمية.
وتدخل الإجراءات الجديدة حيّز التنفيذ ابتداءً من 4 يوليو/ تموز، وستبطئ بشكل كبير عمليات تصدير عدة موادّ أساسية، تستخدمها شركات كوريا الجنوبية العملاقة في صناعة الشرائح الإلكترونية والهواتف المحمولة.
وأشارت اليابان إلى أنها تأتي نتيجة تراجع الثقة بينها وبين سيول. وأفادت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، بأن "منظومة التصدير مبنية على أساس علاقات الثقة الدولية".
وأضافت أنه "بعد مراجعات من قبل الوزارات المعنية، يجب القول إن علاقات الثقة بين اليابان وكوريا الجنوبية تضررت بشكل كبير".
وتطبق القيود الجديدة على 3 موادّ كيميائية، وعلى نقل تكنولوجيا التصنيع وإزالة سيول من قائمة كانت تسمح بالصادرات المستعجلة.
وتعني أنه سيكون على المصدّرين الآن طلب إذن لكل دفعة ينوون تصديرها إلى كوريا الجنوبية، في عملية تستغرق نحو 90 يوماً في كل مرة، وفق وسائل إعلام محلية.
وبين الموادّ الكيميائية المتأثرة تلك المستخدمة في تصنيع الشاشات، وأخرى لتصنيع وتنظيف الشرائح الإلكترونية.
أما وزير التجارة والصناعة والطاقة في كوريا الجنوبية سونغ يون-مو، فشدد على أن الحكومة ستتخذ "الإجراءات الضرورية على أساس القوانين المحلية والدولية، على غرار رفع القضية إلى منظمة التجارة العالمية".
لكن نائب رئيس الحكومة اليابانية ياسوتوشي نيشيموري، قال للصحافيين إن الخطوة "تتماشى مع قواعد التصدير الدولية وقواعد منظمة التجارة العالمية".
خسائر في البلدين
وتأتي الإجراءات في أعقاب سلسلة أحكام قضائية كورية جنوبية طالبت الشركات اليابانية بتقديم تعويضات لضحايا العمالة القسرية من فترة الحرب العالمية، فيما رفضت طوكيو الأحكام واقترحت الاحتكام في المسألة إلى اتفاق وقعه البلدان لدى تطبيع العلاقات بينهما.
من جهتها، اقترحت كوريا الجنوبية بأن تؤسس الشركات اليابانية صندوق تعويضات وهو ما وصفته طوكيو بأنه "غير مقبول".
ولدى تطبيع العلاقات، وافقت طوكيو على حزمة منح كتعويضات وقروض زهيدة لضحايا عدة سياسات طبّقت في فترة الحرب، تشير إلى أنها حلّت من خلالها جميع المطالبات المستحقة.
وأفاد مصدر كوري جنوبي في القطاع أن الشركات المحلية ستجري على الأرجح عملية جرد قد تستمر لعدة شهور و"يحتمل أن يواجه الإنتاج بعدها حالات نقص".
وقال المصدر إن "الشركات الكورية الجنوبية تعتمد بشكل كبير على الشركات اليابانية للحصول على مواد من هذا النوع (...) بينما حاولنا إيجاد مصادر بديلة لتنويع المخاطر إلا أن المهمة لم تكن سهلة".
وتسببت الأنباء بانخفاض أسهم "سامسونغ" بنسبة 0.85%، بينما انخفضت أسهم "إل.جي إليكترونكس" بأكثر من 3%.
وفي اليابان، انخفضت أسهم الشركات المصنعة لبعض المواد الكيميائية المشمولة في القيود بشكل كبير رغم المكاسب التي حققتها الأسواق بالمجمل.
وأفاد المدير السابق للأكاديمية الدبلوماسية الوطنية الكورية الرسمية يون دوك-مين إن النزاع بشأن سياسات العمالة العائدة إلى فترة الحرب يضر بالطرفين.
وقال إن "طوكيو وسيول ستخسران من المشاحنات في النهاية ولن يكون هناك طرف رابح إذ ستضر اقتصاديًا بالطرفين".
(فرانس برس)