01 سبتمبر 2019
حرب الحرائق في العراق
عامر السامرائي (العراق)
بين فترة وأخرى، يصحو العراقيون على مصيبة جديدة، وجديد هذه المصائب الحرائق التي تشهدها الحقول الزراعية في محافظات شمال العراق منذ أكثر من شهر، بالتزامن مع موسم الحصاد، بعد أن انتعشت الزراعة في عموم البلاد إثر موسم أمطار غزيرة. لكن وقوع 272 حريقا، كان كفيلا بتحويل محاصيل الحنطة والشعير في أكثر من 37 ألف دونم إلى رماد، موقعة خسائر فادحة تقدّر بمئات ملايين الدولارات، يتحملها في المقام الأول، الفلاح البسيط بشكل خاص واقتصاد البلاد بشكل عام، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الجهة التي تقف وراء تلك الحرائق والمستفيدة منها.
وتأتي هذه الحرائق التي يمكن وصفها بالحرب التي تستهدف الاقتصاد العراقي، ضمن سلسلة حوادث مماثلة، حيث سبق ذلك كارثة نفوق الأسماك وتلف محاصيل الطماطم، وجميعها منتجات كان العراق على وشك إعلان اكتفائه الذاتي منها. وإذا ما أردنا أن نبحث عن المستفيد من ذلك، والجهة التي تقف وراءه، نجد أنها تصب في مصلحة إيران، لتكون السوق العراقية محل تصريف لبضائعها في مواجهة العقوبات الأميركية، وهو ما أكده النائب السابق، مشعان الجبوري، خصوصا بالنسبة لحرق المحاصيل الزراعية قائلا: "معظم هذه الحرائق تحصل بفعل فاعل لصالح الأرجنتين"، في إشارة إلى إيران، مضيفا "فضلا عن دوافع طائفية بهدف منع الاستفادة من مبالغ المحاصيل الزراعية للمحافظات المدمرة في إعادة إعمارها".
ويعزّز هذه الحقائق امتلاكها أذرعا طويلة داخل البلاد ذات سطوة كبيرة، متمثلة بمليشيات تعلن جهارا نهارا ولاءها لإيران، تمكنها من إشعال الحرائق، من دون أن يجرؤ أحد على محاسبتها، علما أن محافظتي صلاح الدين ونينوى اللتين تسيطر عليهما أمنيا مليشيات الحشد الشعبي، سجلتا أعلى نسبة حرائق في المحاصيل الزراعية.
باتت ظاهرة الحرائق تؤرق العراقيين، ويمكن تقسيمها إلى قسمين، أحدهما قبل احتلال العراق والآخر بعده، فقد ظهرت أول مرة بُعيد انتهاء العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991، حينما دخلت مجموعاتٌ مرتبطة بأحزاب السلطة الحالية قادمة من إيران، وأحرقت مؤسساتٍ للدولة، ومنها وزارات معينة كانت تعنى ببرنامج النفط مقابل الغذاء والدواء، بغرض منع دخولهما إلى العراق وحرمان العراقيين منهما، ومحاولة إرباك الدولة العراقية، وكذلك حرق دوائر النفوس والتسجيل العقاري، وشمل ذلك نحو 14 محافظة، في ما يعرف بصفحة "الغدر والخيانة"، وكانت هذه الممارسات تهدف، في حينها، إلى محاولة التغيير الديمغرافي، خصوصا في المحافظات المجاورة لإيران بحرق دوائر النفوس، كذلك التلاعب في عائدية العقارات وتحويل ملكيتها إلى آخرين بحرق دوائر التسجيل العقاري، لكن هذه المحاولات فشلت بفشل المشروع الإيراني آنذاك، وعودة تلك المحافظات إلى حضن الوطن.
أما بعد احتلال العراق عام 2003، فلا يكاد يمر عام إلا وتلتهم الحرائق عددا من المؤسسات، مستهدفة ملفات حساسة، فعام 2007، بدأ مسلسل الحرائق من مبنى الوثائق والملفات في وزارة النفط لتنتقل إلى معظم الوزارات ودوائرها. وأعقب ذلك، حرق البنك المركزي العراقي، وخصوصا قسم المفتش العام عام 2008، بهدف إخفاء وإتلاف أكبر قدر ممكن من الوثائق الرسمية التي تدل على تورط جهات داخلية، وربما خارجية، بجرائم فساد مالي وإداري، كما عبر عن ذلك في حينه رئيس لجنة النزاهة السابق في البرلمان، صباح الساعدي.
وفي العام ذاته، تمّ حرق القسم الذي يحوي ملفات العقود الخاصة بالبطاقة التموينية التابع لوزارة التجارة، التي تؤمن المواد الغذائية للمواطن العراقي شهريا، على الرغم من عدم صرفها، فضلا عن الحريق الذي نشب عام 2014 في مكتب المفتش العام لوزارة الداخلية، والذي يحوي أهم ملفات الوزارة، فضلا عن حرق غرف العقود في وزارة الصناعة عام 2015، بالإضافة إلى حرق مجمعات تجارية كبيرة في سوقي الشورجة والعربي، حتى أن الحرائق لم تستثنِ صناديق الاقتراع حيث ضاعت بموجبها أصوات آلاف النازحين، وذلك في عام 2018.
وتنسب لجان التحقيق معظم الحرائق للتماس الكهربائي، لكن مختصين يرجحون أن أغلب الحرائق مفتعلة، كونها تتزامن مع فتح ملفات الفساد، وهذا ما أكده مصدر في النزاهة بوقوف متنفذين خلف الحرائق التي أخفت صفقات مشبوهة ومشاريع وهمية، وبالتالي حققت هذه الحرائق مكاسب للبعض عبر طمسها لحقائق كثيرة.
يتضح مما تقدم أن الحرائق في العراق جريمة منظمة وسط غياب حكومي، للكشف عنها ومحاسبة الفاعلين، الأمر الذي يضعها في خانة الشراكة في هذه الظاهرة التي باتت تشكل خطرا على مستقبل البلاد، وبالتالي يجب العمل على إحالة هذا الملف إلى الأمم المتحدة، ووضع العراق تحت الحماية الدولية، كونه عضوا في هذه المنظمة، وبالتالي عليها توفير كل مستلزمات حمايته.
ويعزّز هذه الحقائق امتلاكها أذرعا طويلة داخل البلاد ذات سطوة كبيرة، متمثلة بمليشيات تعلن جهارا نهارا ولاءها لإيران، تمكنها من إشعال الحرائق، من دون أن يجرؤ أحد على محاسبتها، علما أن محافظتي صلاح الدين ونينوى اللتين تسيطر عليهما أمنيا مليشيات الحشد الشعبي، سجلتا أعلى نسبة حرائق في المحاصيل الزراعية.
باتت ظاهرة الحرائق تؤرق العراقيين، ويمكن تقسيمها إلى قسمين، أحدهما قبل احتلال العراق والآخر بعده، فقد ظهرت أول مرة بُعيد انتهاء العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991، حينما دخلت مجموعاتٌ مرتبطة بأحزاب السلطة الحالية قادمة من إيران، وأحرقت مؤسساتٍ للدولة، ومنها وزارات معينة كانت تعنى ببرنامج النفط مقابل الغذاء والدواء، بغرض منع دخولهما إلى العراق وحرمان العراقيين منهما، ومحاولة إرباك الدولة العراقية، وكذلك حرق دوائر النفوس والتسجيل العقاري، وشمل ذلك نحو 14 محافظة، في ما يعرف بصفحة "الغدر والخيانة"، وكانت هذه الممارسات تهدف، في حينها، إلى محاولة التغيير الديمغرافي، خصوصا في المحافظات المجاورة لإيران بحرق دوائر النفوس، كذلك التلاعب في عائدية العقارات وتحويل ملكيتها إلى آخرين بحرق دوائر التسجيل العقاري، لكن هذه المحاولات فشلت بفشل المشروع الإيراني آنذاك، وعودة تلك المحافظات إلى حضن الوطن.
أما بعد احتلال العراق عام 2003، فلا يكاد يمر عام إلا وتلتهم الحرائق عددا من المؤسسات، مستهدفة ملفات حساسة، فعام 2007، بدأ مسلسل الحرائق من مبنى الوثائق والملفات في وزارة النفط لتنتقل إلى معظم الوزارات ودوائرها. وأعقب ذلك، حرق البنك المركزي العراقي، وخصوصا قسم المفتش العام عام 2008، بهدف إخفاء وإتلاف أكبر قدر ممكن من الوثائق الرسمية التي تدل على تورط جهات داخلية، وربما خارجية، بجرائم فساد مالي وإداري، كما عبر عن ذلك في حينه رئيس لجنة النزاهة السابق في البرلمان، صباح الساعدي.
وفي العام ذاته، تمّ حرق القسم الذي يحوي ملفات العقود الخاصة بالبطاقة التموينية التابع لوزارة التجارة، التي تؤمن المواد الغذائية للمواطن العراقي شهريا، على الرغم من عدم صرفها، فضلا عن الحريق الذي نشب عام 2014 في مكتب المفتش العام لوزارة الداخلية، والذي يحوي أهم ملفات الوزارة، فضلا عن حرق غرف العقود في وزارة الصناعة عام 2015، بالإضافة إلى حرق مجمعات تجارية كبيرة في سوقي الشورجة والعربي، حتى أن الحرائق لم تستثنِ صناديق الاقتراع حيث ضاعت بموجبها أصوات آلاف النازحين، وذلك في عام 2018.
وتنسب لجان التحقيق معظم الحرائق للتماس الكهربائي، لكن مختصين يرجحون أن أغلب الحرائق مفتعلة، كونها تتزامن مع فتح ملفات الفساد، وهذا ما أكده مصدر في النزاهة بوقوف متنفذين خلف الحرائق التي أخفت صفقات مشبوهة ومشاريع وهمية، وبالتالي حققت هذه الحرائق مكاسب للبعض عبر طمسها لحقائق كثيرة.
يتضح مما تقدم أن الحرائق في العراق جريمة منظمة وسط غياب حكومي، للكشف عنها ومحاسبة الفاعلين، الأمر الذي يضعها في خانة الشراكة في هذه الظاهرة التي باتت تشكل خطرا على مستقبل البلاد، وبالتالي يجب العمل على إحالة هذا الملف إلى الأمم المتحدة، ووضع العراق تحت الحماية الدولية، كونه عضوا في هذه المنظمة، وبالتالي عليها توفير كل مستلزمات حمايته.
مقالات أخرى
25 اغسطس 2019
19 اغسطس 2019
04 اغسطس 2019