حراسة مئة ألف باب

29 ديسمبر 2014
عبد الناصر غارم/ السعودية
+ الخط -

لدي شغف خاص بالكتب التي تُرفض في زمانها، لتصبح أيقونة في زمن آخر. أمس مثلاً قادني هجوم كيركيغارد على شليغل إلى رواية الأخير "لوسينده"، التي اعتبرت في زمانها وقاحة أدبية، بينما كان مستقبل كامل بانتظارها. في الحقيقة، وكما كتب في مقدمتها الإنجليزية، إنها كتاب غير عادي كُتِب في زمن الكتب غير العادية والأحداث غير العادية (1799).

سأعرف أن هاينه كان يدعو لشليجل بالمغفرة على العمل الموصوف بأنه "شهوانية عارية". استخدم شليغل غرفة نومه وعشيقته دوروثيا، ولم يسمح لقرائه بالدخول فقط بل كان مرحّباً. ورغم تهافت القراء مستمتعين بالتلصص، إلا أنهم احتقروا شليجل الذي سمح لهم أن يعيشوا فضولهم بحرية.

لماذا أقول هذا الآن؟ كنت أستعرض قائمة الممنوعات الأدبية (العربية طبعاً) لعام 2014. كتبٌ صودرت أو مُنعت من الدخول لبلد ما أو حرمت من الطبع. ما مصير هذه الكتب، التي ستجد طريقة للوصول إلى قارئها. أحياناً لا تملك إلاّ أن ترفع حاجبيك وأنت تسمع أن الكتاب الفلاني ممنوع. على ماذا يخاف الرقيب؟ الأخلاق؟ الدين؟ الأنظمة؟ السمعة الطاهرة للمدن الهرمة؟ لا يهم، الرقيب مجرد "ناطور" غبي يحاول حراسة مئة ألف باب.

ما يهم حقاً، أنه وإذا كان حاضر هذه الكتب المتواضعة هو المنع، فإن الخبر السيئ حقاً أن ليس هناك مستقبل رائع ينتظرها.

دلالات
المساهمون