حديقة زاكوما المفتوحة

07 يناير 2017
يستخدم الأغنياء عاج الفيل الأفريقي من أجل الزينة (Getty)
+ الخط -
فيلٌ مسجّى على الأرض، بطنه مُنتفِخ، يسيلُ الدم من رأسه وأنفه، شفتاه مشقوقتان؛ يغطّيه التراب والذباب، وقد نهشت جثّته بعض الحيواناتِ والطيور الجارحة، وقد سُلِب منه قرنا العاج الثمينان. مشهدٌ يتكرَّر كثيراً، يراه الزائرون منذ عقود في تلك البقعة الواقعة في حديقة زاكوما الوطنية بدولة تشاد.
تقع حديقة زاكوما جنوب تشاد بين منطقتي الصرح وأم تيمان. تأسَّست في عام 1963، وتبلغ مساحتها 3000 كلم تقريباً، وهي محاطة بالكامل بمحمية "بحر سلامات". كانت الحديقة مهملة خلال فترة الحرب الأهلية في تشاد، ولكن الاتحاد الأوروبي أطلق برنامجاً لإعادة إعمارها وتنميتها في عام 1989. وكانت مساحة الحديقة والمنطقة حولها قد تناقصت باستمرار بسبب النشاط العمراني والزراعي، مما أدّى لانخفاض الحياة البريّة فيها، وهناك أنواع مهمة من الحيوانات شهدت انخفاضاً حاداً بسبب عمليات الصيد الجائر وغير القانوني، والتجارة غير الشرعيّة بالحيوانات في السوق السوداء.
على رأس هذه الأنواع، يأتي الفيل الأفريقي الذي تقلَّصت أعداده من حوالي 30 ألف فيل في عام 1970، إلى حوالي 10 آلاف في عام 2007. وفي عام 2005، انخفضَ العدد داخل المحميَّة إلى أقل من أربعة آلاف، ثم في إحصاء عام 2014 بلغ عدد الفيلة 450 فيلاً فقط.
الفيلة التي نجا أسلافُها من هجوم الجيوش الغازية قديماً، والباحثة عن العبيد والعاج وخيرات أفريقيا، لم تستطع مقاومة آلة القتل الحديثة التي تطلق عليها رصاصاً قوياً يخترق الجلد السميك واللحم والعظم؛ لجلب بضعة دولارات وإرضاء شهوة بشر مُترَفين يستخدمون العاج لزينتهم، ويضعونها من أجل التجميل في بيوتهم الفارهة.
المعتاد، أن يكون الفيل الأفريقي تحت حماية الحكومة، لكن إجراءات تنفيذ قرارات الحكومة المدعومة من الاتحاد الأوروبي لم تكن كافية لوقف الصيد غير المشروع بالحديقة. فتمَّ وضع حراس مسلّحين لحماية ما تبقى من الفيلة التي تواجه تهديداً، خاصة من الصيادين السودانيين. فالفيلة تتحرك نحو أماكن الغذاء الأفضل لها، ويكون ذلك خارج حدود الحديقة خلال موسم الأمطار. وبالتالي تصبح أكثر عرضة للاستهداف من جانب الصيادين الذين يصيدونها، ويستغلون خروجها من المحمية كي يقوموا بقتلها.
مكافحة الصيد في زاكوما عمل محفوف بالمخاطر، وتسمح السلطات للحراس بإطلاق الرصاص على الصيادين في حالة الدفاع عن النفس، إذا أطلق الصيادون عليهم النار. في السنوات الأخيرة، ارتفع عدد الاشتباكات بين الطرفين، وحوادث إطلاق النار بهدف القتل، وقُتِل العديد من الحراس والصيادين في تلك الاشتباكات.
في زاكوما، قطعان أخرى من الحيوانات البرية مثل الجاموس والظبي الأسمر وتيتل الهرتبيست وحوالي 50% من الزرافات الكردفانية التي تتخذ من الحديقة ملاذاً لها، كما توجد الحيوانات المفترسة مثل الفهد الأسود والفهد المرقط والضبع المرقط، وحوالي 373 نوعاً من الطيور التي سجل الباحثون وجودها هناك. ويعد فصل الربيع أفضل وقت لزيارة الحديقة حيث تتجمع الحيوانات حول حفر تجمَع المياه للشرب. بينما لا يمكن السير في الحديقة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول بسبب الأمطار الغزيرة التي تجعل الوصول للحديقة أمراً شاقاً، كما تصعب عمليّة مشاهدة الحيوانات.
دلالات
المساهمون