حجة اضطهاد العرب

19 فبراير 2016
لا يريد قدوم العرب (Getty)
+ الخط -

هل العرب مضطهدون فعلاً؟ أم هم يشكون من اضطهاد كاذب لإخفاء مشكلتهم الحقيقية المتمثلة في الخضوع للاستبداد الذي يطيل أمده غياب الوعي والقمع؟
كان ما سبق محور حوار طويل جمعني بأصدقاء من جنسيات عربية عدة مؤخراً، تناولنا فيه الحالة العربية الملتهبة، وتشابكات أزماتها المتفاقمة.

لكل منا ظروفه وثقافته وتوجهاته، يجمعنا أننا مهمومون بالشأن العربي؛ نختلف في التفاصيل، ويصرّ بعضنا على مواقفه وقناعاته، ويتحيّز لجنسيته وما يصدر عن حكام بلاده، لكننا عادة نواصل النقاش.
بات اتهام الغرب بكراهية العرب شأناً متداولاً بين المتعلمين العرب، حتى أن بعضهم بات يتّخذ منه وسيلة للكسب، فيصدر فيه كتباً ودراسات، أو يتفرغ للظهور في الفضائيات للحديث عنه، ولا تتوانى المراكز البحثية عن تنظيم ندوات ومؤتمرات تناقش الأمر.

ولا شك أن ترويج فكرة اضطهاد العرب وكراهية الغرب لهم لها وجاهتها، وبعد تفرّغ بعضهم لها، بات هناك ما يمكن اعتباره أدلة تستخدم عادة في طرح الأمر ضمن النقاشات المتكررة بين مروّجيها، أو هؤلاء الذين يحاولون إقناع الآخرين بخطرها.
كالعادة يركّز مثقفونا على النتيجة وتجدهم يلطمون ويندبون الحظ العاثر لقومهم، ويطلقون اتهامات فضفاضة في اتجاهات عدة، لكن قلة فقط هم الذين يبحثون بجدية عن أصل المشكلة، والأسباب التي أدت إلى وصم العرب بموبقات عدة؛ تبدأ بالجهل والعنصرية وتنتهي عادة بالتطرف أو الإرهاب.

لا ينكر صديقي ذو اللكنة الأوروبية أن الاضطهاد والكراهية قائمان، لكنهما ليسا بالصورة الواسعة التي تتحدث عنها بعض وسائل الإعلام لدينا، وأن اضطهادنا لبعضنا، أو اضطهاد حكوماتنا لنا، لا يمكن أبداً أن يقارن بما يواجهه العرب في الغرب.
يرد صديق قومي النزعة، متهماً إياه بأنه بات غربي الهوى، وأن أحكامه لم تعد متسقة مع عروبته التي باتت مخلخلة بفعل السنوات الطويلة التي عاشها في الغرب، مشدداً على أن القمع الخارجي سبب أساسي في القمع الداخلي.

يحاول صديقنا الأكاديمي أن يصل بهما إلى صيغة مشتركة، فيرد قائلاً إن القمع والاضطهاد ينتجهما غياب القانون، وإن مشكلتنا الأساسية كعرب تتمثل في عدم تطبيقه أو مخالفته، رغم ترسانة القوانين التي تمتلكها الدول العربية.
يتدخّل صديقنا المشاكس في الحوار، متهماً ثلاثتهم بما اعتبره "الاستهبال"، موضحاً أن الاتهامات المتبادلة بين العرب والغرب لن تفيد، وأن العرب طالما ظلوا معتمدين على الغرب في قراراتهم فإن تعرضهم للاضطهاد والقمع أو حتى القتل أمر سيتكرر، ثم ختم قائلاً: "عندما يملك العرب القوة سيشكو الغرب من قمعهم واضطهادهم له".

اقرأ أيضاً: لهذا يهاجر العرب
المساهمون