حتى العَرَق يعاني في الأزمة السورية

04 ابريل 2015
+ الخط -

تضرر سوق إنتاج "العَرَق" في سورية ضررا كبيرا، والذي كان حتى الأمس القريب فخر الصناعة السورية التي تعود بأرباح وافرة على صناعه، جراء النزاع السوري الذي دمر الاقتصاد، فبات أمرا شائعا شراء المشروب في زجاجة مختومة، ليتبين لاحقا أن محتواها مغشوش.


ويقول يوسف وهو مهندس من دمشق: "يقدمون لنا في المطاعم زجاجات كحول مضرة لا تصلح للشرب؛ وهي أشبه بماء الكحول الطبي الذي يتسبب بأضرار عدة لو دخل جسم الإنسان.


يعدّ العرق السوري مقارنة بالعرق التركي أو النبيذ اليوناني أو الفرنسي، المشروب الكحولي التقليدي المفضل لدى السوريين. وهو يُصنع من عصير العنب المقطر واليانسون. بحسب فرانس برس.


ويقول مدير عام معمل ميماس، أميل عوض، وهو واحد من أشهر المصانع الخاصة بإنتاج وتسويق العرق: العرق السوري يعتبر مثل المشروبات التقليدية المصنعة في فرنسا كالنبيذ أو الويسكي في اسكتلندا.


قبل اندلاع النزاع في مارس/آذار 2011، تقاسمت شركتان حكوميتان سوق إنتاج العرق: ميماس التي يقع مصنعها في قرية مسيحية قرب حمص (وسط) وتوزع منتجاتها في المنطقة الساحلية ووسط وشرق البلاد، وشركة الريان الواقعة في منطقة السويداء (جنوب) ذات الغالبية الدرزية، وتوزع منتجاتها في جنوب البلاد ودمشق.


وكانت مبيعات الشركتين قبل اندلاع النزاع تغطي نحو 85 في المائة من حاجة السوق، لكنها اليوم تغطي أقل من النصف. ويقول عوض "كنا نبيع ما بين ثمانين ومئة ألف لتر شهريا، أي نحو 125 ألف زجاجة، لكننا الآن بالكاد نبيع الثلث".

وتنافس العلامات التجارية الكبرى علامات مغشوشة أو أخرى أقل سعرا، تُصنع من الكحول الصرف، ويضاف إليها القليل من اليانسون.


ويوضح عوض "منتجنا يقلد في كل مكان. يعتقد الناس أنهم يتذوقون العرق لكنهم يشربون شيئا مختلفا. العرق المغشوش يضرنا للغاية وثمنه أقل من نصف ثمن منتجنا". ويضيف "المنافسة لم تعد على الجودة بل على السعر".

وبلغت المنافسة حدا دفع الحكومة إلى الموافقة على خفض الضريبة المفروضة على المشروبات من 35 إلى عشرين في المائة اعتبارا من مارس/آذار، وخفض سعر الزجاجة من 675 إلى 600 ليرة (2.4 دولار) لمواجهة المنافسين الذين يبيعون منتجهم بسعر يتراوح بين 300 و450 ليرة (1.8 دولار).


وينفق سليمان حيدر (67 عاما) 250 ليرة سورية (دولار واحد) لشراء زجاجة عرق "أبو خليفة"، إحدى العلامات التجارية التي ظهرت أخيرا.

ويقول حيدر المقيم في حي عكرمة ذي الغالبية العلوية في حمص (وسط) "أشرب العرق منذ خمسين عاما. كان مذاقه طيبا لكن اليوم لم يعد له المذاق ذاته. لم أعد أشتري عرق الريان أو الميماس لأن غالبية الزجاجات مغشوشة، ومن الأفضل شراء صنف آخر. المذاق مختلف لكن ثمنه أقل".


ويفخر مالك متجر مشروبات "الباشا"، عبد الرحمن طراف (41 عاما) بأنه لا يبيع إلا الميماس الأصلي. يقول "أرفض شراء العرق المغشوش لو بلغ ربحي عشرة أضعاف. لا أريد خسارة ثقة زبائني ولا سمعتي".


ويضيف "لقد سبب لي العرق المغشوش صداعا قويا، وأقسمت ألا أعيد الكرة. أحتفظ دوما بزجاجة عرق في سيارتي لأنني لم أعد أثق بالسوق".


اقرأ أيضاً:
الدراما السوريّة: حكايات صمت عن الكلام المباح
يونيسيف: الأزمة السورية أكبر تهديد للأطفال في العالم‎

المساهمون