حبيبي والصهاينة

09 أكتوبر 2014
كراهية الحبّ / Getty
+ الخط -
"امرأة صادقة أريدكِ"، قلتها لي بحزم، كونك رجلاً ملّ النّفاق، من دون أن تُدرك أنّ المرأة العاشقة تعجز عن الكذب وأنّ مَن قابلت من نساء، تدّعي أنّهن منافقات، ربّما لم يُدركن "الحب" أصدق شعور عهدته معك.

بدأت بنسج خيوط مؤامرتك عليّ، متسلّلاً إلى أعماقي بنسمات هادئة، كما هاجر اليهود إلى فلسطين بوفود متتالية، لتتحوّل فجأة إلى إعصار قلب كياني رأساً على عقب، كما زلزل قيام إسرائيل دولة فلسطين والمنطقة بأسرها.
ولم تمضِ فترة وجيزة، حتّى كنت مطوّقة داخل أسوار عالمك. كأيّ امرأة ساذجة سقطتُ في فخّ رجل يتمتّع بمكر الثعلب، هذا الحيوان الذي لطالما تساءلت لماذا تلقّب نفسك به؟ وكي لا أظلم نفسي، رحت أردّد في سرّي، أنّ دولاً بأسرها قد تنخدغ وتهوي، كما انطلت على الكثير من أهل فلسطين خدعة الصهاينة وحلفائهم.
امتلكتني باسم "الحب"، العدو الأوّل للعقل والمناصر الأعظم لعالم الخيال. بدوت لي منقذاً، وحرّرت في داخلي عشرات النّساء اللواتي دُفنّ باسم التقاليد، أو ما يُسمّى بـ"الوأد الراقي للفتاة" الذي حلّ مكان "وأد الفتاة"، حيث كانت تُدفن كونها وُلِدت أنثى، أمّا اليوم فيبقى جسدها ماثلاً أمام الملأ، إنّما تُدفن روحها قبل أن تتفتّح براعمها.
غزوت كلّ امرأة في داخلي، وحرّرتها من استعمار المجتمع، بيد أنّك سجنتها في امبراطورية الحريم الخاصّة بك والمزدحمة بنسائك الخبيرات بفنونك، اللواتي علمتهنّ فقدان صدق المشاعر وإتقان لعبتك.
لماذا أقحمتني بينهنّ؟ على الرّغم من علمك اليقين بحالي وبعجزي عن مجاراتهنّ. لماذا انتشلتني من عالمي الهامد إلى آخر يضج بالطغيان؟
تماديت في جبروتك يا حبيبي، وتجاهلت مشاعري واستهزأت بها. متّهماً إياي بالجنون كلّما كشفت نفاقك، وبالمرض كلّما شكوت شوقي إليك وبالأنانيّة كلّما ذكّرتك بإهمالك لي. ولم تتوانَ عن إلصاق مغامراتك العاطفية بي، واتّهامي بأبشع ما يمكن أن تتعرّض له إمرأة من رجل أحبّته.
طاغية أنت يا حبيبي، عاجز عن التّمييز بين أنثى صادقة وأخرى منافقة، وكلّنا عندك سواء، لا فرق بيننا سوى بما نحمله من ملامح جماليّة شكليّة.
هل أخبرك أحد من قبل عن وجه الشّبه بينك وبين الصهاينة؟
أنت آلة لا قلب لك ولا ضمير، وهم كذلك، أنت همجي بربريّ، لا قدرة لك على التمييز بين بنات جنسنا الصالحات من الطالحات، وهم كذلك يعجزون عن التفريق بين طفل وشيخ وامرأة ورجل.
شعارك الأمثل: "الكوكب يعجّ بكنّ، فلترحل مَن تشاء ولتبقَ مَن تريد، إن رحلتِ اليوم سأعشق أخرى في اليوم التالي".
أعجز عن تسمية مرضك الكامن بمزيد من النساء، مزيد من المتعة، وجنون الرجولة، التي لها تفسيرها الخاص بك في قاموسك، ألا وهي:"التلاعب والنفاق". ولكن، لا لوم عليك حبيبي في مجتمع يتجاهل كلّ تجاوزات الرّجال، كما يتجاهل العالم بأسره، انتهاك إسرائيل للكثير من حقوق الإنسان في فلسطين.
وأخيراً أود إبلاغك بانتهاء صلاحية "حبّك" وزوال آثاره المخدّرة التي كانت تسري في عروقي وتشلّ عقلي. فأنا لم أعد أرى فيك رجلاً أحبّه بل ألمح وجه الصهاينة على محيّاك يا حبيبي.
المساهمون