من جهة أخرى، قالت الوكالة "الوطنية للإعلام" الرسمية، إن بياناً وصل الى مكتبها في بعلبك (شرق لبنان)، حمل اسم "شباب عرسال". واشارت الوكالة إلى أن مرسليه تقدموا "بأحر التبريكات لعائلة آل البزال بشهادة إبننا الرقيب علي، الذي سقط دفاعاً عن كل لبنان عموماً وعرسال خصوصاً، حيث عرفناه مغواراً من مغاوير وطننا لبنان وهو الذي كان صهراً عزيز على قلوبنا".
وأكد البيان أن "عرسال بلدة لبنانية محتلة من قبل جماعات وأفراد غريبة عنها، أو قررت أن تصبح غريبة عنها وعن طبيعتها، لا تمت للدين الإسلامي بصلة؛ وعرسال ترفع الغطاء عن أي مخل أو مرتكب، كما نطالب جيشنا الوطني بالدخول إلى داخل البلدة ووضع حد للفلتان المستشري بداخلها حيث بات معروفا بالتعديات المتواصلة بحق أهل عرسال". كما أكد البيان على أن "عرسال ستبقى تؤمن بالعيش المشترك، وأن أحداً لا يستطيع محو ماضيها المشرق بحسن الجوار والعلاقات الأخوية مع محيطها. وهي ستبقى بلدة لبنانية بقاعية".
في حين أعلنت عائلة البزال، في مؤتمر صحافي عقدته في بلدتهم، اليوم الأحد، أنها ستمنع إيصال أي مساعدات للاجئين السوريين في بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سورية، ووصفتهم بأنهم "إرهابيون وتكفيريون".
وترأس رئيس مجلس الوزراء اللبناني، تمام سلام، مساء اليوم السبت، اجتماعاً استثنائياً لـ"خلية الأزمة الوزارية" بعد "جريمة إعدام الرقيب في قوى الأمن الداخلي، علي البزال، الذي يعتبر شهيداً لكل الوطن وليس فقط لعائلته" كما جاء في بيان صدر بعد الاجتماع. وأضاف البيان أن "لبنان يقف اليوم صفاً واحداً متراصاً في هذه المواجهة الكبيرة، من أجل إطلاق سراح العسكريين المختطفين وحماية أمننا الوطني". ولفت إلى أن "الخلية" قد اتخذت القرارات المناسبة في إطار مسؤوليتها عن هذا الملف.
ويخاف الأهالي على العسكريين، في ظل ارتفاع منسوب ضغط الجماعات المسلحة، عبر الاتصال بذوي المخطوفين، مهددين بقتل جميع العسكريين إن لم تنفذ شروطهم.
وانتشر مسلحون ملثمون من أبناء بلدة البزالية (شرق لبنان)، مسقط رأس العسكري الأسير الذي اغتالته "جبهة النصرة" علي البزال، أمس السبت، على الطريق الدولية التي تمر في البلدة، ودققوا في البطاقات الشخصية لركاب السيارات، لمنع أبناء بلدة عرسال اللبنانية الحدودية من المرور عبر بلدتهم.
وأعلنت "النصرة" في وقت متأخر من مساء أمس الجمعة، في بيان على حسابها في "تويتر"، "تنفيذ حكم القتل بحق أحد أسرى الحرب لدينا (علي البزال) هو أقل ما نرد به على الجيش اللبناني الذي مضى بأعماله القذرة والدنيئة على خطى النصيرية (إشارة إلى النظام السوري) وحزب اللات (حزب الله) باعتقاله النساء والأطفال".
وقام المسلحون من أبناء البزالية في منطقة البقاع يحملون بندقيات آلية من نوع "كلاشنكوف" وأسلحة مضادة للدروع (آر بي جي)، بالانتشار على الطريق الدولية مع سورية، وفتشوا السيارات، لمنع مرور أي مواطن من بلدة عرسال، لكن الطريق استمر سالكاً لجميع العابرين، باستثناء أبناء عرسال، بحسب سكان في البزالية.
وأقام أهل البزال مأتماً في منزله ببلدته، حيث تجمع أهالي البلدة للقيام بواجب التعزية.
وطالبت والدة العسكري القتيل، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي يتولى التفاوض لإطلاق سراح العسكريين الأسرى لدى تنظيمي "النصرة" و"داعش" بـ"إعدام الموقوفين الذين تطالب الجبهة بإطلاق سراحهم"، وخصت بحديثها نجل الشيخ مصطفى الحجيري الملقب بـ(أبوطاقية) وجمانة حميد وكل من وصفتهم بـ"الإرهابيين"، مهددة بأنه إذا لم يتم ذلك "فسنقوم نحن بإعدامهم". وأضافت أن "حق العسكريين برقبة (من مسؤولية) عباس إبراهيم".
مبادرة "هيئة العلماء المسلمين"
في غضون ذلك، أعلنت "هيئة العلماء المسلمين" عن مبادرة جديدة لها، عبر بيان أشارت فيه إلى أن "الجيش اللبناني يسدد الفاتورة نيابة عمن يتاجر بمستقبل لبنان ويورطه في معركة العار". وسمت الهيئة مبادرتها "مبادرة الكرامة والسلامة حرصاً على كرامة النساء والأطفال وذوي المخطوفين، وحرصاً على سلامة العسكريين والوطن، وتنفيساً للاحتقان، وتمهيداً لإعادة الملف إلى سكة الحل، لذلك فإننا ندعو الجهات الرسمية إلى إطلاق فوري لسراح النساء والأطفال المحتجزين، كما نطالب الجهات الخاطفة بالكفّ عن ترويع الأهالي وتهديدهم بقتل أبنائهم، لما له من أثر بالغ ومرير على ذويهم وعلى سائر المواطنين، والإفراج عنهم". وعدد بيان الهيئة عدداً من النقاط التي تم وضعها في إطار التمهيد للمبادرة: "لقد أدى قرار توقيف عماد جمعة سابقاً، في توقيت مشبوه، إلى معركة راح ضحيتها العشرات من المدنيين والعسكريين، وأخيراً جاء قرار اعتقال النساء، بحجة أن لأزواجهن دوراً في خطف العسكريين، ليفجّر غضب الخاطفين الذي تمثّل في استهداف الجيش اللبناني في رأس بعلبك وجرود عرسال وتنفيذ تهديدهم بتصفية الجندي علي البزّال".
وتساءلت "هيئة العلماء" عن مصلحة "هذا الاستخفاف بدماء العسكريين؟ ومن هي الجهة المسؤولة عن مثل هذه القرارات وتلك التسريبات المثيرة للفتن؟".
ورأت أن توقيف "النساء مع أطفالهن في سياق عمليات أمنية، يعتبر سابقة خطيرة ومعيبة بحق دولة ينبغي أن تقوم على قيم العدل وتطبيق العدالة، وهو عمل يشبه الأسلوب الذي يتبعه النظام السوري وحلفاؤه".
وأشارت "هيئة العلماء" إلى أن الجهات الخاطفة قامت بعمليات تفاوض مع عدد من "الأنظمة والمنظمات الدولية والمليشياوية، ما يدل على أن العقدة هي في ملعب الحكومة العاجزة عن تأمين اﻹجماع المطلوب، نتيجة وجود جهة متضررة من التفاوض والرافضة للمقايضة بحجة هيبة الدولة. اﻷمر الذي دفعنا إلى تعليق مبادرتنا التي كلفتنا غالياً من الدم والآلام". وذكرت الهيئة أن مبادرتها أطلقت سراح عدد من العسكريين. ورأت أن "مقايضة المخطوفين بالموقوفين هي مقايضة الضرورة، على غرار تشريع الضرورة، وتمديد الضرورة، وحوار الضرورة، في وطن نرجو ألا يتحول إلى وطن الضرورة".
وتحتفظ "النصرة" بـ17 عسكرياً لبنانياً أسيراً، و"داعش" بـ7 عسكريين آخرين منذ المعارك التي خاضها التنظيمان ضد الجيش اللبناني أوائل أغسطس/آب الماضي في بلدة عرسال اللبنانية الحدودية المحاذية لمنطقة القلمون السورية.
وأعدم "داعش" عسكريين اثنين أسيرين لديها هما: علي السيد وعباس مدلج، ذبحاً، في حين أعدمت "النصرة" الجندي محمد حمية قبل أسابيع، بإطلاق رصاصة في رأسه، قبل أن تعدم البزال مساء أمس السبت.