جيش الاحتلال ينقسم على نفسه: عصيان ضدّ الخدمة العسكرية

14 سبتمبر 2014
كشفت الرسالة انتهاكات جنود الاحتلال بحق الفلسطينيين (عصام ريماوي/الأناضول/getty)
+ الخط -

هبت إسرائيل عن بكرة أبيها لرفض ونفي ما كشفه ضباط وجنود وحدة الاستخبارات العسكرية 8200، في الرسالة التي وجهها عدد منهم، الأسبوع الماضي، إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الأمن، وفضحوا خلالها الانتهاكات التي يرتكبها أفراد الوحدة بحق الفلسطينيين.

وكشف هؤلاء الضباط والجنود، في رسالتهم تلك، أفعال الوحدة في مراقبة الفلسطينيين والتجسس على مكالماتهم الهاتفية والرسائل الإلكترونية في المرحلة الأولى، ثم توظيف هذه المعلومات في ابتزاز الفلسطينيين، وخصوصاً المدنيين منهم، لتسخيرهم للتعامل مع المخابرات الإسرائيلية، وتسليم معلومات عن المقاومين المطاردين من قبل الاحتلال، في المرحلة الثانية.

وأقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة أولى، على تكذيب ما كشفه الضباط والجنود، عبر نشر رسالة مناقضة تماماً، قال فيها إن 200 عنصر من الوحدة المختارة وقعوا عليها، وزعموا فيها أن كل ما تحدث عنه ضباط الوحدة، الذين أعلنوا رفضهم الخدمة في الجيش لأنهم لا يريدون أن يكونوا "أداة في السيطرة على أكثر من مليون فلسطيني وترسيخ الاحتلال"، "غير صحيح وعار عن الصحة كلياً".

وأثارت رسالة الجنود رافضي الخدمة غضباً كبيراً في إسرائيل، وتوالت التعليقات وردود الفعل، التي اعتبرت أن الجنود يعملون انطلاقاً من دوافع سياسية ويريدون تسييس الجيش، فيما اتهمهم وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ياعلون بأنهم يساهمون عبر رسالتهم ومقابلاتهم مع "يديعوت أحرونوت" الجمعة، في حملة نزع الشرعية عن إسرائيل، وأنهم يقدمون هدية لمساعي المس بإسرائيل وشرعيتها.

واعتبر ياعلون أن "الرسالة هي استمرار لمحاولات المسّ بعمل الوحدة 8200 عبر الدعوة إلى رفض الخدمة، استناداً إلى ادّعاءات لا تلائم نهج جنود الوحدة أو نهج رجالها، وهي محاولات حمقاء ومدانة تسهم في حملات نزع الشرعية الملفقة في العالم ضد إسرائيل وجنود الجيش، دون ذنب اقترفوه".

من جهته، دعا وزير الاستخبارات، يوفال شطاينتس، في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية، صباح اليوم الأحد، إلى محاكمة الجنود والضباط الإسرائيليين، الذين أعلنوا الجمعة رفضهم الخدمة في وحدة الاستخبارات العسكرية المختارة 8200، وعدم التهاون مع إعلانهم رفض الخدمة، كي لا ينتقل عدوى هذا الرفض إلى قطاعات أخرى في الجيش الإسرائيلي.

وقال شطاينتس إنه "لا يمكن التسليم بظاهرة رفض الخدمة العسكرية، سواء جاءت من اليمين أو اليسار؛ فلا يمكن أن نقبل أن يرفض البعض الخدمة بدعوى الحفاظ على حقوق الإنسان، فيما يرفضها آخرون بحجة عدم إخلاء المستوطنات، أو أن الأسلحة التي تستخدم في وحدتهم فتاكة".

وأقر شطاينتس، مع ذلك، أنه خلال عمل شعب وأجهزة الاستخبارات يتم بالتأكيد خرق خصوصية الأفراد، ولكن في سبيل حفظ الأمن الإسرائيلي.

من جهته، اكتفى رئيس الحكومة الإسرائيلية، في تعليقه على الرسالة، التي وجهت إليه أصلاً، بالإشادة بعمل الوحدة والدور، الذي قام به أفرادها أثناء عدوان "الجرف الصامد".

وكتب على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، "فيسبوك"، موجهاً حديثه إلى أفراد الوحدة، إن "مواطني إسرائيل مدينون لكم بالشكر والعرفان على خدمتكم المهنية والمخلصة من أجل إسرائيل، استمروا في عملكم الهام من أجل أمن مواطني إسرائيل".

وانضم زعيم حزب "العمل"، يتسحاق هرتسوغ، الذي كشف أنه كان قد خدم في الوحدة المذكورة، إلى معارضي رسالة الجنود والضباط، واعتبر أن "الوحدة المذكورة لا تخدم أمن إسرائيل فقط، بل هي ضرورية وحيوية من أجل تحقيق السلام، وجمع المعلومات اللازمة والضرورية عن المتطرفين المعارضين للسلام".

وبينت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير لها صباح اليوم، أن حساسية الرسالة، وما كشفه الضباط والجنود، ينبع بالأساس من كونها تأتي بعد انتهاء عدوان "الجرف الصامد"، وبدء إسرائيل استعداداتها للمعركة الدولية ضدّ لجان التحقيق، والاتهامات لها بارتكاب جرائم الحرب. وأشارت إلى أن "رسالة الضباط والجنود من وحدة الاستخبارات 8200 سببت صدمة كبيرة، وأثارت عاصفة داخل صفوف الجيش الإسرائيلي، كما في الحلبة السياسية".

في المقابل، علّق الضباط والجنود على ردود الفعل، التي أثارتها رسالتهم، بالقول إنه على الرغم من أهمية الوحدة، وما تقوم به من أجل الأمن الإسرائيلي، إلا أنهم واستناداً إلى تجربتهم فيها وخدمتهم الطويلة يؤكدون أنها تجاوزت في عملها الجاري الأهداف الحقيقية لها، وهي حماية أمن إسرائيل.

وانقسم الصحافيون على الرسالة، وفيما دعا البعض إلى محاكمة هؤلاء الضباط والجنود، دعا آخرون، أمثال شمعون شيفر، في "يديعوت أحرونوت"، إلى الاستماع إليهم.