على يمين الصورة، تقف مرشحة القوات اللبنانية في دائرة المتن الشمالي المذيعة جيسيكا عازار أمام الكاميرا بابتسامة عريضة، وشعر طويل وجميل، وكتفين بارزتين. على يسارها تحاول مرشحة "حركة أمل" في دائرة الجنوب الثانية (صور الزهراني) الوزيرة عناية عز الدين، أن تبتسم بصعوبة، مرتدية حجابها، ونظرتها مباشرة إلى العدسة.
تتقابل السيدتان في صورة جمعها أحد اللبنانيين ونشرها على "تويتر" مع مقارنة تافهة، تفاهة كل الحملات الانتخابية اللبنانية، وسؤال وقح: "إنت مين بتفضّل؟". تضع الصورة الناخب في مكان تفضيلي، وغير منطقي ولا علمي، بما أن السيدتين لا تتنافسان في الدائرة نفسها ولا على المقعد نفسه في الانتخابات النيابية اللبنانية، وبالتالي فإن أي تفضيل بينهما لن يقع في الحقيقة.
لكن دعنا من الأسئلة المنطقية، ولنركّز في الصورة. تحاول المقارنة الحطّ من قدرة عناية عزّ الدين، الدكتورة في الطب المخبري، بسبب حجابها أولاً، وبسبب جديتها ورصانتها الخارجية في أغلب صورها. وبينما تحاول الصورة الرفع من مكانة جيسيكا عازار وإعطائها نقاطاً إضافية على حساب عز الدين، فهي في الحقيقة تهينها أيضاً: جمالها رأس مال ترشيحها، ووسيلتها لكسب الأصوات. هذا ما تقوله الصورة، فقط.
لا يعرف اللبنانيون الكثير عن جيسيكا عازار، سوى أنها مقدمة نشرات أخبار جميلة على شاشة MTV، حالها كحال كل زميلاتها في القناة. ويعرفون أن عناية عزّ الدين تشغل منصب وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، وأنها تابعة لحركة أمل التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى جانب اختصاصها العلمي. وفي زحمة الفوارق بين المرأتين، فإن القاسم المشترك الوحيد بينهما هو أنهما مرشحتان للانتخابات النيابية (تقام في شهر أيار/مايو المقبل)، وأن الاثنتين تمّ ترشيحهما من قبل حزبين: جيسيكا عازار مرشحة "القوات اللبنانية" (برئاسة سمير جعجع) وعناية عز الدين عن حركة أمل (برئاسة نبيه بري).
الاثنتان كممثلتين عن الحزبين، جزء أصيل من اللعبة السياسية التقليدية في البلاد، التي يحكمها رجال (أغلبهم أمراء الحرب الأهلية أو ورثتهم)، والتي فشلت في إنقاذ لبنان منذ العام 2005 من الحروب الأهلية الفاقعة أو الصامتة.
لا يضيف جمال جيسيكا عازار ولا سمارها وكتفاها البارزتان في الصورة شيئاً من إمكاناتها السياسية (التي لم تظهر بعد)، كما أنه لا ينتقص منها شيئاً. ولا يضيف حجاب عناية عز الدين شيئاً إلى قدراتها ولا ينتقص منها شيئاً. وجهان أصيلان للعبة السياسية التقليدية والباهتة في لبنان، أما العقول التي يطفو على وجهها العفن، فهي وحدها من قرّرت أن تضع جمال المرشحة أو حجابها كعامل من عوامل العمل التشريعي في لبنان.
العقول العفنة نفسها، عند بعض الرجال والنساء، هي التي نشرت في كانون الثاني/يناير 2017، صورتان متقابلتان لميلانيا ترامب وميشيل أوباما. هنا لا وجود لحجاب، ولا لجسد بارز: سيدة بيضاء وأخرى سوداء، واحدة بجمال أخّاذ، وأخرى بملامح جدية ومباشرة.
انهالت المقارنات غير المنطقية بين سيدتين لا يجمع بينهما سوى أنهما زوجتا رئيسين للجمهورية. أوباما، الحاصلة على شهادات من جامعتي برينستون وهارفرد، وترامب عارضة الأزياء السلوفينية القادمة إلى البلاد بطريقة غير شرعية، وصاحبة أغلفة مجلات مثيرة عدّة. استخدمت السيدتان في حرب سياسية هستيرية بطلاها الرئيسيان/الرجلان باراك أوباما ودونالد ترامب.
لكن ما الهمّ؟ كانت القوالب الذكورية حاضرة لتقييم المرأتين بناء على معايير خارجية فقط.
بالعودة إلى لبنان. لا تبدو الانتخابات النيابية المقبلة مختلفة، وإن اختلف القانون الانتخابي. ولا تبدو النساء سوى ضحايا هذه المرة أيضاً. جزء من الديكور الانتخابي، في زحمة المطالبة بمشاركة النساء في العمل السياسي. يتّصل رئيس حزب بمذيعة جميلة للترشح مع حزبه (نيكول الحجل/LBCI)، ترفض، فيتّصل بمذيعة جميلة أخرى (جيسيكا عازار). ديكور جميل، بحجاب أو بجسد بارز ومكشوف، ديكور في الحملات الانتخابية، والأرجح ديكور داخل المجلس.
تتقابل السيدتان في صورة جمعها أحد اللبنانيين ونشرها على "تويتر" مع مقارنة تافهة، تفاهة كل الحملات الانتخابية اللبنانية، وسؤال وقح: "إنت مين بتفضّل؟". تضع الصورة الناخب في مكان تفضيلي، وغير منطقي ولا علمي، بما أن السيدتين لا تتنافسان في الدائرة نفسها ولا على المقعد نفسه في الانتخابات النيابية اللبنانية، وبالتالي فإن أي تفضيل بينهما لن يقع في الحقيقة.
لكن دعنا من الأسئلة المنطقية، ولنركّز في الصورة. تحاول المقارنة الحطّ من قدرة عناية عزّ الدين، الدكتورة في الطب المخبري، بسبب حجابها أولاً، وبسبب جديتها ورصانتها الخارجية في أغلب صورها. وبينما تحاول الصورة الرفع من مكانة جيسيكا عازار وإعطائها نقاطاً إضافية على حساب عز الدين، فهي في الحقيقة تهينها أيضاً: جمالها رأس مال ترشيحها، ووسيلتها لكسب الأصوات. هذا ما تقوله الصورة، فقط.
Twitter Post
|
Twitter Post
|
لا يعرف اللبنانيون الكثير عن جيسيكا عازار، سوى أنها مقدمة نشرات أخبار جميلة على شاشة MTV، حالها كحال كل زميلاتها في القناة. ويعرفون أن عناية عزّ الدين تشغل منصب وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، وأنها تابعة لحركة أمل التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى جانب اختصاصها العلمي. وفي زحمة الفوارق بين المرأتين، فإن القاسم المشترك الوحيد بينهما هو أنهما مرشحتان للانتخابات النيابية (تقام في شهر أيار/مايو المقبل)، وأن الاثنتين تمّ ترشيحهما من قبل حزبين: جيسيكا عازار مرشحة "القوات اللبنانية" (برئاسة سمير جعجع) وعناية عز الدين عن حركة أمل (برئاسة نبيه بري).
الاثنتان كممثلتين عن الحزبين، جزء أصيل من اللعبة السياسية التقليدية في البلاد، التي يحكمها رجال (أغلبهم أمراء الحرب الأهلية أو ورثتهم)، والتي فشلت في إنقاذ لبنان منذ العام 2005 من الحروب الأهلية الفاقعة أو الصامتة.
لا يضيف جمال جيسيكا عازار ولا سمارها وكتفاها البارزتان في الصورة شيئاً من إمكاناتها السياسية (التي لم تظهر بعد)، كما أنه لا ينتقص منها شيئاً. ولا يضيف حجاب عناية عز الدين شيئاً إلى قدراتها ولا ينتقص منها شيئاً. وجهان أصيلان للعبة السياسية التقليدية والباهتة في لبنان، أما العقول التي يطفو على وجهها العفن، فهي وحدها من قرّرت أن تضع جمال المرشحة أو حجابها كعامل من عوامل العمل التشريعي في لبنان.
العقول العفنة نفسها، عند بعض الرجال والنساء، هي التي نشرت في كانون الثاني/يناير 2017، صورتان متقابلتان لميلانيا ترامب وميشيل أوباما. هنا لا وجود لحجاب، ولا لجسد بارز: سيدة بيضاء وأخرى سوداء، واحدة بجمال أخّاذ، وأخرى بملامح جدية ومباشرة.
انهالت المقارنات غير المنطقية بين سيدتين لا يجمع بينهما سوى أنهما زوجتا رئيسين للجمهورية. أوباما، الحاصلة على شهادات من جامعتي برينستون وهارفرد، وترامب عارضة الأزياء السلوفينية القادمة إلى البلاد بطريقة غير شرعية، وصاحبة أغلفة مجلات مثيرة عدّة. استخدمت السيدتان في حرب سياسية هستيرية بطلاها الرئيسيان/الرجلان باراك أوباما ودونالد ترامب.
لكن ما الهمّ؟ كانت القوالب الذكورية حاضرة لتقييم المرأتين بناء على معايير خارجية فقط.
بالعودة إلى لبنان. لا تبدو الانتخابات النيابية المقبلة مختلفة، وإن اختلف القانون الانتخابي. ولا تبدو النساء سوى ضحايا هذه المرة أيضاً. جزء من الديكور الانتخابي، في زحمة المطالبة بمشاركة النساء في العمل السياسي. يتّصل رئيس حزب بمذيعة جميلة للترشح مع حزبه (نيكول الحجل/LBCI)، ترفض، فيتّصل بمذيعة جميلة أخرى (جيسيكا عازار). ديكور جميل، بحجاب أو بجسد بارز ومكشوف، ديكور في الحملات الانتخابية، والأرجح ديكور داخل المجلس.