لم يعد النقاش حول نسب البطالة بحد ذاتها يثير اهتمام المتابعين في المغرب، رغم أنه غالباً ما يتخذ منحى المواجهة بين عدد من الجهات، التي ترصد تطور سوق الشغل، مع إصرار كل طرف على مصداقية الأرقام التي يكشف عنها. وهو ما يصل إلى حد تبادل الاتهامات بين الحكومة من جهة، وبين عدد من المؤسسات التي تهتم بدراسة وتحليل الظاهرة.
ورغم تباين الرؤى في كل مرة يصدر فيها تقرير جديد، إلا أن هذا لا يمنع من وجود توافق على مسألة مهمة تتعلق بوجود اختلالات كبرى على صعيد جودة التشغيل في المملكة، إذ إن سوق الشغل، حسب تقرير أخير أصدره "مركز الظرفية"، "يفتقد الجودة الكافية في مناصب الشغل المتوفرة، سواء على مستوى التصنيف أو الأمان أو الحماية الاجتماعية أو أيضاً على مستوى استفادة المشتغلين من تكوين مستمر، وهذا ما يساهم فيه بشكل كبير هيمنة القطاع غير المنظم الذي يزيد صعوبة تطوير جودة التشغيل".
تقرير آخر أصدرته المندوبية السامية للتخطيط كشف أن 61.2 في المائة من المشتغلين هم بلا شهادة، مقابل 27.2 في المائة لديهم شهادة ذات مستوى متوسط و11.6 في المائة لديهم شهادة ذات مستوى عال، في حين أن ثمانية مشتغلين من بين كل عشرة (79.4 في المائة) لا يستفيدون من تغطية صحية، وتبلغ هذه النسبة، ضمن الأجراء 59.1 في المائة على المستوى الوطني. في حين انحسرت نسبة النشيطين المستفيدين من تكوين، تحمّل المشغل تكاليفه، 1.7 في المائة من المستأجرين على المستوى الوطني.
يقول عضو اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، محمد الهاكش، لـ "العربي الجديد"، في قراءته لهذه الأرقام، إن "المرتكز الأول الذي يجب التأكيد عليه هو أن الشغل حق، وبدون شغل مستوف للشروط لا يمكن إلا أن نحصل على مستوى عيش متدنٍّ للأجراء"، ومن هذه الشروط ضرورة توفير حماية اجتماعية". ويتابع: "لهذا تشير التقارير إلى تدني جودة التشغيل والمعطيات المتوفرة لدينا مثلاً عن نسبة شمولية نظام التقاعد للمأجورين لا تتجاوز 33 في المائة، هذا دون الحديث عن باقي مكونات الحماية كما يُعرّفها المكتب الدولي للشغل، والتي لا تتعدى نسبة تحقيقها 12 في المائة. والحماية الاجتماعية في مجال الشغل تمكن من الحصول على استقرار اجتماعي، وإذا اطلعنا على لائحة المكتب الدولي للشغل المتعلقة بالحماية الاجتماعية سيتضح لنا وجود اختلالات كبيرة في المغرب".
يضيف الهاكش، "أن جودة التشغيل تشمل أيضاً مستويات التدريب التي يتوفر عليها الموظفون والأجراء، وهناك خصوصية في المغرب، فكلما ارتفع مستوى تكوين الطالب، زادت فرص انضمامه لصفوف العاطلين، وهذا يطرح مسألة التناسب بين التدريب والشغل المتوفر، وللأسف مؤسسات التكوين تخرج أفواجاً بديبلومات لا تتناسب مع حاجة سوق الشغل. وهذا يطرح تحديا أمام أصحاب الشركات ما يدفعهم للبحث عن بدائل في صفوف ذوي الخبرة. وفي أغلبية الشركات نجد أن المناصب الحساسة يشغلها أناس من دون تكوين أكاديمي لكنهم متمرسون وأجورهم تبقى رغم ذلك هزيلة".
وضعية سوق الشغل بالمغرب تفرض طرح السؤال عمن يتحمل مسؤولية تدني مستوى جودة التشغيل؟
إذ على غرار التقارير التي تصدرها المؤسسات المهتمة بتتبع وضعية الشغل بالمغرب، أظهرت دراسة تشخيصية أصدرتها وزارة التشغيل بتعاون مع مكتب العمل الدولي عام 2015، ضمن "الاستراتيجية الوطنية للتشغيل 2025"، أن من بين المعوقات الهامة ضعف نسب الفاعلين النشطين، الذين بلغوا مستوى التعليم الثانوي، وضعف المعارف المكتسبة من قبل خريجي منظومة التكوين الأولي، فضلاً عن نوع التأهيل المهني لخريجي منظومة التكوين التقني والمهني، التي غالباً ما تكون غير ملائمة مع المؤهلات التي يطلبها المشغلون في سوق العمل.
ويتجلى سوء الملاءمة هذه في صعوبات الإدماج المهني والمعدلات المرتفعة لبطالة خريجي منظومة التكوين المهني الأولي والتعليم العالي. واعتبرت الدراسة نقص التكوين قيد التشغيل (التكوين المستمر) من بين أهم المشكلات، التي تكبح جماح دينامية تراكم الرأسمال البشري، دون إغفال استمرار ضعف مجال الحماية الاجتماعية الذي يحول دون استفادة الأجراء من تغطية صحية وتقاعد يحفظ كرامتهم.
الدولة تتحمل المسؤولية، مثلما يتحملها أصحاب الشركات، ويضيف الهاكش:"لكن للأسف، كل طرف يرمي باللائمة على الطرف الآخر، وفي اعتقادي أن تحقيق جودة التشغيل يفرض أن يتغير أسلوب التعامل مع مجال العمل، وهذا يفترض معرفة احتياجات السوق، وتحديدها بشكل مفصل".
اقرأ أيضاً:الأنشطة السرية تستنزف خزينة الدولة المغربية
ورغم تباين الرؤى في كل مرة يصدر فيها تقرير جديد، إلا أن هذا لا يمنع من وجود توافق على مسألة مهمة تتعلق بوجود اختلالات كبرى على صعيد جودة التشغيل في المملكة، إذ إن سوق الشغل، حسب تقرير أخير أصدره "مركز الظرفية"، "يفتقد الجودة الكافية في مناصب الشغل المتوفرة، سواء على مستوى التصنيف أو الأمان أو الحماية الاجتماعية أو أيضاً على مستوى استفادة المشتغلين من تكوين مستمر، وهذا ما يساهم فيه بشكل كبير هيمنة القطاع غير المنظم الذي يزيد صعوبة تطوير جودة التشغيل".
تقرير آخر أصدرته المندوبية السامية للتخطيط كشف أن 61.2 في المائة من المشتغلين هم بلا شهادة، مقابل 27.2 في المائة لديهم شهادة ذات مستوى متوسط و11.6 في المائة لديهم شهادة ذات مستوى عال، في حين أن ثمانية مشتغلين من بين كل عشرة (79.4 في المائة) لا يستفيدون من تغطية صحية، وتبلغ هذه النسبة، ضمن الأجراء 59.1 في المائة على المستوى الوطني. في حين انحسرت نسبة النشيطين المستفيدين من تكوين، تحمّل المشغل تكاليفه، 1.7 في المائة من المستأجرين على المستوى الوطني.
يقول عضو اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، محمد الهاكش، لـ "العربي الجديد"، في قراءته لهذه الأرقام، إن "المرتكز الأول الذي يجب التأكيد عليه هو أن الشغل حق، وبدون شغل مستوف للشروط لا يمكن إلا أن نحصل على مستوى عيش متدنٍّ للأجراء"، ومن هذه الشروط ضرورة توفير حماية اجتماعية". ويتابع: "لهذا تشير التقارير إلى تدني جودة التشغيل والمعطيات المتوفرة لدينا مثلاً عن نسبة شمولية نظام التقاعد للمأجورين لا تتجاوز 33 في المائة، هذا دون الحديث عن باقي مكونات الحماية كما يُعرّفها المكتب الدولي للشغل، والتي لا تتعدى نسبة تحقيقها 12 في المائة. والحماية الاجتماعية في مجال الشغل تمكن من الحصول على استقرار اجتماعي، وإذا اطلعنا على لائحة المكتب الدولي للشغل المتعلقة بالحماية الاجتماعية سيتضح لنا وجود اختلالات كبيرة في المغرب".
يضيف الهاكش، "أن جودة التشغيل تشمل أيضاً مستويات التدريب التي يتوفر عليها الموظفون والأجراء، وهناك خصوصية في المغرب، فكلما ارتفع مستوى تكوين الطالب، زادت فرص انضمامه لصفوف العاطلين، وهذا يطرح مسألة التناسب بين التدريب والشغل المتوفر، وللأسف مؤسسات التكوين تخرج أفواجاً بديبلومات لا تتناسب مع حاجة سوق الشغل. وهذا يطرح تحديا أمام أصحاب الشركات ما يدفعهم للبحث عن بدائل في صفوف ذوي الخبرة. وفي أغلبية الشركات نجد أن المناصب الحساسة يشغلها أناس من دون تكوين أكاديمي لكنهم متمرسون وأجورهم تبقى رغم ذلك هزيلة".
وضعية سوق الشغل بالمغرب تفرض طرح السؤال عمن يتحمل مسؤولية تدني مستوى جودة التشغيل؟
إذ على غرار التقارير التي تصدرها المؤسسات المهتمة بتتبع وضعية الشغل بالمغرب، أظهرت دراسة تشخيصية أصدرتها وزارة التشغيل بتعاون مع مكتب العمل الدولي عام 2015، ضمن "الاستراتيجية الوطنية للتشغيل 2025"، أن من بين المعوقات الهامة ضعف نسب الفاعلين النشطين، الذين بلغوا مستوى التعليم الثانوي، وضعف المعارف المكتسبة من قبل خريجي منظومة التكوين الأولي، فضلاً عن نوع التأهيل المهني لخريجي منظومة التكوين التقني والمهني، التي غالباً ما تكون غير ملائمة مع المؤهلات التي يطلبها المشغلون في سوق العمل.
ويتجلى سوء الملاءمة هذه في صعوبات الإدماج المهني والمعدلات المرتفعة لبطالة خريجي منظومة التكوين المهني الأولي والتعليم العالي. واعتبرت الدراسة نقص التكوين قيد التشغيل (التكوين المستمر) من بين أهم المشكلات، التي تكبح جماح دينامية تراكم الرأسمال البشري، دون إغفال استمرار ضعف مجال الحماية الاجتماعية الذي يحول دون استفادة الأجراء من تغطية صحية وتقاعد يحفظ كرامتهم.
الدولة تتحمل المسؤولية، مثلما يتحملها أصحاب الشركات، ويضيف الهاكش:"لكن للأسف، كل طرف يرمي باللائمة على الطرف الآخر، وفي اعتقادي أن تحقيق جودة التشغيل يفرض أن يتغير أسلوب التعامل مع مجال العمل، وهذا يفترض معرفة احتياجات السوق، وتحديدها بشكل مفصل".
اقرأ أيضاً:الأنشطة السرية تستنزف خزينة الدولة المغربية