يعود تاريخ تأسيس جهاز مكافحة الإرهاب، إلى 14 ديسمبر/ كانون الأول 2003، بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وهو عبارة عن وحدات عراقية خاصة. وقد أُطلقت عليه تسمية جهاز مكافحة الإرهاب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، من قبل رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي ربط الجهاز بمكتبه بشكل مباشر، من دون أية سلطة لوزارتي الدفاع والداخلية عليه.
ويتكوّن الجهاز من فرقة عسكرية لحفظ أمن العاصمة العراقية بغداد، فضلاً عن فرقتين للعمليات الخاصة، هما الفرقة الثانية والفرقة الخامسة. ويملك الجهاز لواءً منتشراً في محافظة البصرة (جنوب العراق)، والموصل (شمالاً)، قبل سقوطها بيد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عام 2014، وديالى (شرقاً).
وقد عُيّن اللواء فاضل برواري، كأول قائد للجهاز، وهو ضابط كردي، مقرّب من حزب "الاتحاد الوطني"، بقيادة جلال الطالباني. أما الآن فيقود الجهاز عبد الغني الأسدي، وهو أحد كوادر حزب الدعوة، ومقرّب من المالكي، زعيم الحزب. وقد تلقى عناصر الجهاز تدريباتهم في الولايات المتحدة وأستراليا وألمانيا والأردن.
كما شهد الجهاز تغييرات متكررة في التسميات والهيكلية والمرجعية، حين كان تابعاً لقوات الاحتلال الأميركي عند تأسيسه، قبل أن يتم ربطه بوزارة الدفاع العراقية عام 2005، وأُطلقت عليه تسمية "قوات صقر الرافدين"، ثم سُمّي "لواء العمليات الخاصة"، ثم "قيادة العمليات الخاصة". وفي مارس/ آذار 2007، فُكّ ارتباطه مع وزارة الدفاع، وارتبط بقيادة "قوات مكافحة الإرهاب". وفي عام 2009 سُمّي جهاز مكافحة الإرهاب، وارتبط بالمالكي بشكل مباشر، وأصبحت داخل الجهاز قوتان رئيسيتان، هما العمليات الخاصة، والفرقة الذهبية.
وعلى الرغم من معرفة الجهة المسيّرة للجهاز في الحكومة السابقة، أي مكتب المالكي، إلا أن مرجعيته اليوم غير واضحة، إذ يؤكد عسكريون أن رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، لا يمتلك سلطة إدارة الجهاز، وليس له الحق بإقالة أو استبدال رئيسه، فيما اعتبر مختصون بالقانون الدستوري أن الجهاز لم يتشكل كقوة نظامية واردة بالدستور، بل تطور بناءً على رغبة الولايات المتحدة، ثم المالكي.
وتتضارب الأنباء حول صانع القرار في الجهاز، مع ذكر بعض المصادر أنه يرتبط بعسكريين أميركيين متواجدين في مقر السفارة الأميركية في بغداد، في حين تفيد أخرى بأنه يخضع لتأثيرات السياسيين العراقيين المرتبطين بإيران، وقيادات مليشيات "الحشد الشعبي". ويستشهدون لذلك بعدم تعرض الجهاز للمليشيات أو الاحتكاك معها، على غرار الجيش، وذلك على خلفية الجرائم التي ارتكبتها في المناطق التي تتم استعادة السيطرة عليها من التنظيم، على الرغم من علمه بها ووقوعها تحت سيطرته.
ويتضمن الجهاز فرقة مرتبطة بالمالكي بشكل مباشر، ويشرف عليها صهره ونجله. يعزو العراقيون إليها تشويه سمعة الجهاز والإساءة لصورته، وذلك بسبب ما يقولون إنه تورّطها بعمليات اعتقال خارج أوامر القضاء، وانتهاكات لحقوق الإنسان بحق المدنيين العراقيين المعارضين لسياسات الحكومة في مناطق جرف الصخر، بمحافظة بابل (جنوب بغداد)، وديالى (شرق بغداد)، والأنبار، ومناطق حزام بغداد، التي أُفرغت من سكانها الأصليين على أيدي عناصر هذه الفرقة، التي مارست فيها عمليات تغيير ديموغرافي.
كما كان الجهاز القوة الضاربة للمالكي خلال عملية "صولة الفرسان"، التي أطلقها ضد "جيش المهدي" المرتبط بزعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، بعد عام 2009 في محافظة البصرة (590 كيلومتراً جنوب بغداد). واشتبك الجهاز في حينه مع "الجيش" في معارك طاحنة استمرت لأشهر عدة، أسفرت عن مقتل وإصابة المئات، وانتهت بقرار الصدر تجميد عمل "جيش المهدي"، ومغادرته إلى إيران هرباً من تهديدات المالكي.