جنيف السوري... محادثات مجموعات دي ميستورا بلا مفاوضات مباشرة

23 ديسمبر 2015
يطالب حجاب بمبادرات حسن نية قبل المفاوضات(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
يصعّد النظام السوري ضرباته ضد مناطق المعارضة، قبل شهر من موعد انطلاق المفاوضات بينه وبين المعارضة، المنبثقة عن قرار مجلس الأمن 2254، والتي حدّدتها منظمة الأمم المتحدة في 22 يناير/كانون الثاني المقبل. ووصلت جرائم النظام وحلفائه، أخيراً، إلى ضرب مدينة المعضمية، غرب دمشق، أخيراً، بغاز السارين (المحرّم دولياً)، مما أدّى إلى مقتل خمسة مدنيين، لتردّ المعارضة، ملمّحة إلى عدم مشاركتها في تلك المفاوضات.

ويكشف مصدر من داخل المعارضة السورية لـ"العربي الجديد"، عن محادثات جرت بين المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، وبعض أطراف المعارضة، أخبرهم من خلالها عن نيته إعادة اعتماد خطة مجموعات العمل الأربع (السلامة والحماية، مكافحة الإرهاب، القضايا السياسية والقانونية، وإعادة الإعمار)، كمحادثات بين النظام السوري والمعارضة بدل صيغة التفاوض المباشر.

ويضيف المصدر ذاته، أن دي ميستورا يعي أن هناك خلافات لا تزال قائمة، خصوصاً بين الدول العظمى، لذلك يرى أن الأمور غير مجهّزة لبدء مفاوضات يكون مصيرها النجاح. ويوضح مصدر المعارضة، أن اعتماد صيغ للمباحثات ومن ثم فشلها، لا يلغي في ما بعد فرص الحل السياسي، في حين أنّ فشل المفاوضات المباشرة ترجح الكفة، مرة أخرى، للحلّ العسكري.

ويوضح رئيس اللجنة الإعلامية في الهيئة التفاوضية العليا لـ"الائتلاف السوري المعارض"، سالم المسلط لـ"العربي الجديد"، أنّ المناخ غير مهيّأ لإجراء مفاوضات مباشرة مع النظام السوري. ويقول المسلط، إن النظام مستمر في مجازره بحق الشعب السوري. كما عاد لاستخدام السلاح الكيمياوي، أمس الأوّل الثلاثاء، في المعضمية، وسبقتها مجزرة في ريف إدلب، وهذا يعتبر تحدّياً صارخاً لقرار مجلس الأمن الأخير 2254، على حدّ تعبيره.

ويشدد المسلط على ضرورة أن تقوم روسيا بالضغط على نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، كونها أحد الأطراف في المجموعة الدولية بشأن سورية، وشاركت في صياغة القرار الأخير لضمان نجاح العملية السياسية.

وكان منسق الهيئة التفاوضية، رياض حجاب، قال في تصريح صادر عن الهيئة، إنه من الضروري أن تسبق العملية السياسية مبادرات حسن نية وإجراءات بناء الثقة، وأن تصدر ملاحق ومذكرات تفسيرية لقرار مجلس الأمن 2254، لتثبيت ما نصّت عليه قرارات الأمم المتحدة، خصوصاً بيان جنيف الصادر في 30 يونيو/حزيران 2012، وقرارات مجلس الأمن الدولي 2118، وقرار الجمعية العمومية 262/67.

اقرأ أيضاً: المعضمية تدفن ضحاياها والنظام السوري يسعى لفصلها عن داريا

وأشار حجاب إلى أنّه خلال هذه المبادرات يتم تأكيد معالم خريطة الطريق التي توافق المجتمع الدولي عليها، وأن يتزامن ذلك مع وقف آلة القتل وضمان خروج المليشيات ومجموعات المرتزقة التي تقاتل إلى جانب النظام السوري. وأضاف منسق "الهيئة التفاوضية"، أنّ قرار مجلس الأمن الدولي 2254، أثار تساؤلات أكثر مما قدم إجابات بشأن سبل تحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري من خلال العملية السياسية.

من جهته، يقول العضو المؤسس في "مجلس دمشق الوطني"، أحمد رياض غنام، لـ"العربي الجديد"، "تفصلنا أيام قليلة عن التاريخ المقترح لبدء المفاوضات بين وفد النظام ووفد المعارضة الذي التأم تشكيله في الرياض عقب المؤتمر الذي جمع بعض القوى السياسية والعسكرية في الداخل".

ويشير غنام إلى أن "المُتابع لمجريات الأمور على الصعيد الإقليمي والدولي، يدرك حجم الاختلاف القائم بين تلك الدول على تحديد الأولويات التي لا بدّ من التعاطي معها في الملف السوري. وهو يساهم في تفريغ القرارات الدولية التي رافقت لقاء نيويورك من قوة الدفع اللازم لبدء هذه المفاوضات، وخصوصاً أنّ اللغة المستخدمة في هذه القرارات، كانت عائمة وغير دقيقة، ما يتيح المجال لروسيا والنظام السوري بالاستمرار في ضرب الحواضن الشعبية في المناطق الآمنة، واستهداف الثوار لتوسيع رقعة السيطرة، وتحويلها لعامل إيجابي يضعف أوراق الضغط لدى وفد المعارضة المفاوض".

ويوضح غنام، أنّ الأمور تسير باتجاه تأجيل الموعد المقرّر لعملية التفاوض. فالبيئة الإقليمية والدولية غير مناسبة لعقد مثل هذه المفاوضات، مشيراً إلى أن "الإدارة الأميركية باقية على موقفها السلبي من الأحداث التي تجري في المنطقة العربية وسورية على وجه التحديد. في حين أن روسيا مصرّة على فرض هيبتها وهيمنتها المغرقة بالعنصرية والتبجح والدموية، وهي ليست في وارد تقديم أي تنازل في الملف السوري، حتى وإن تم التفاهم معها بشأن جزيرة القرم وأوكرانيا".

ويلفت إلى أنّ "قضايا الطاقة دخلت إلى ملعب المصالح والضغط السياسي من بابها العريض. كما أنّ المعركة الإقليمية والدولية في سورية تزداد تشعّباً بين ما هو عسكري واستراتيجي، وقومي، ومذهبي، واقتصادي. ويُعتبر تفكيك هذه الحالة المستعصية من المستحيلات، وبالتالي فإن الحديث عن مفاوضات وحل سياسي هو، أيضاً، غير ممكن في عالم أرهقته الحروب والأطماع على حساب الشعوب المستضعفة والمطالبة بحريتها".

من جانبه، يقول الأمين العام لـ"الائتلاف"، محمد يحيى مكتبي، إن "من أهم الإجراءات التي تهيئ الأجواء الإيجابية للمفاوضات التي تُسمّى إجراءات بناء الثقة؛ وقف قتل المدنيين، وإطلاق سراح المعتقلين، وفكّ الحصار عن المناطق المحاصرة، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية لكل السوريين وغيرها". ويبيّن مكتبي لـ"العربي الجديد"، أنّ "ما يحدث في الحقيقة، هو تصعيد من الجانب الروسي لعدوانه الوحشي وغزوه الهمجي على أهلنا وشعبنا في كل المناطق وارتكاب الروس لمجازر مروعة بحق النساء والأطفال والرجال"، متسائلاً عن كيفية انطلاق مفاوضات في مثل هذه الأجواء الإجرامية.

ويوضح مكتبي أنّ أعضاء الائتلاف "كانوا ولا يزالون جادين وجاهزين لمتطلبات العملية السياسية، والمشكلة كانت ولا تزال في نظام الإجرام في دمشق وداعميه من الروس والإيرانيين، الذين يسعون لتقويض أي فرصة لوقف شلال الدم السوري". ويشير إلى أن "سكوت المجتمع الدولي عن جرائم النظام وحلفائه، والاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة وإبداء القلق لا تكفي على الإطلاق، مشدداً على أنّه "لا بدّ من مواقف صارمة، ومن بينها فرض عقوبات على روسيا لقيامها بجرائم حرب وممارسة إرهاب الدولة ضد الشعب السوري. هذا إن كان لدى المجتمع الدولي الإرادة الحقيقية لإنجاح المفاوضات".

اقرأ أيضاً: 22 يناير موعد المفاوضات بين المعارضة السورية والنظام

المساهمون