الحروف. الحروف السوداء والهادئة. الحروف التي تصنع الجُمل، التي تؤثث الشعر بالأشواق. حروف العذاب، العذوبة، الفردوس والجحيم وما بينهما مما هو غيرهما.
الحروف. الحروف تقفز فوق الجدران، تسّاقط عن المرايا، بيضاء، مبلولة، نقية.
هي في كل مكان عند الأديب الفاشل وغير الفاشل: في الشارع الرئيسي، في الزقاق الجانبي، الساحات والميادين، في تلك الزوايا والممرات حيث تتوقف الحياة، أو تعلن قيامتها.
الحروف، عبر الهواء، عبر السنوات، خلال النسغ، تسري في مساءات مقبضة، على حافتي الأمل واليأس.
المرتجلة، المحسوبة بدقة، التي بلا إنسان، تفقد صانعها ومانح المعنى.
الحروف، وهذا الخسوف، والحب من طرف واحد، بينما الثاني يقتل الأول.
لقد كانت جزءاً من المشهد البشري عندما تحضّر، عندما ترك العواء للحيوانات، عندما ظن بنفسه خيراً،
عندما.
الحروف بأجنحة، بلا، كلبة الإعلان، خادمة الرب والملوك، صديقة الشعراء،
ما إن تخرج من رئتي ابن آدم حتى تتكسر.
الحروف بالطبع.
الحروف بقصد ودونه.
الحروف جالبة الأرق،
تتراكم في الحلق فتخنق ما لم تخرج.
الحروف!
المتماسك منها والمتشظي، صدى الآلهة، العاجزة لحظة أي ذروة لحم، أو ألم.
الحروف!
المنتشرة، القافزة، الناعسة، المحتدمة في جميع أنحاء الكوكب.
خطيئة الإنسان الاول،
صانعة المآسي،
الحروف منذ خمسين سنة، منذ 1966، منذ مكتوبة كانت ومُتَعَلَمة.
منذ؟
إلخ، إلخ، إلخ.
ها هي تخرق صمت خطواتي فينبت لي جناح مكسور!