جميلة أبو ظهر حريصة على مستقبل النساء

04 سبتمبر 2017
بعد الصابون راحت تعمل في شكّ الخرز (العربي الجديد)
+ الخط -
كثيرات هنّ النساء اللواتي لم يكملنَ تعليمهنّ المدرسي، على خلفية ظروف عدّة تختلف باختلاف كلّ امرأة منهنّ. وتلك الظروف إمّا تكون اجتماعية أو اقتصادية، لكنّ نتيجتها واحدة وهي خسارة المرأة لتعليمها وانعزالها في أحيان كثيرة في منزلها. كذلك فإنّها لن تتمكّن من تأمين حياة كريمة لنفسها إن اضطرها الأمر، لا سيّما إذا كانت تخوض تجربة زواج فاشل.

جميلة أبو ظهر، تبلغ من العمر خمسين عاماً، وهي تسكن في منطقة عبرا في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، هي من هؤلاء النسوة اللواتي لم يتابعنَ دراستهنّ، لكنّها لم تتقوقع. تقول إنّها وخلال فترة عملها في إحدى المؤسسات كعاملة اتصالات، "كنتُ أشارك على الدوام في أيّ دورة تدريبية أجدها في أيّ مجال خارج دوام عملي، في التطريز وشكّ الخرز والخياطة والأشغال اليدوية. لكنّني بعدما تزوّجت وصارت الأولوية لبيتي وأولادي، تركت العمل". تضيف أنّه "حين كان أولادي صغاراً، لم تكن مصاريفهم اليومية كبيرة. لكنّ المصاريف ازدادت عندما التحقوا بالمدرسة، وصارت مرهقة. بالتالي، كان عليّ القيام بأيّ شيء لمساعدة زوجي الذي كان يعمل سائقاً في إحدى الشركات. رحت أدرّب نساءً على الأشغال اليدوية وصبّ الصابون وتزيينه، من خلال دورات أكلَّف بها". ونجحت جميلة في تعليم أولادها الأربعة، وقد تخرّج منهم ثلاثة من الجامعة، في حين ما زال الأصغر سناً اليوم في سنته الجامعية الأولى.



وتشير جميلة إلى أنّها عملت في التسويق لمدة 15 عاماً، قبل أن تتجه إلى العمل في مجال الإكسسوار وتسوّق له، "فصرت أشارك في معارض تُنظَّم في بيروت وفي مناطق أخرى. إلى ذلك، كانت ثمّة معارض مخصصة فقط للنساء الأرامل وكنّا نمنع من المشاركة فيها". وتتابع: "من هنا، راودتني فكرة إنشاء مؤسسة لتعليم النساء غير الأرامل اللواتي لا تسمح ظروف أزواجهنّ المادية الصعبة بتأمين احتياجات العائلة. كان هدفي المساهمة في تمكينهنّ من مهنة يستطعنَ العمل بها حتى لو لم يتركنَ البيت. في مجتمعاتنا، ما زال من المفضّل ألا تخرج المرأة للعمل في السوق". وتكمل أنّ "فكرة المؤسسة راودتني كذلك لأنّني التقيت بنساء أوضاعهنّ الاقتصادية أصعب من أوضاعي، وهنّ لم يتابعنَ تعليمهنّ ولم يتمكّنّ من مهن تساعدهنّ على تجاوز مصاعبهنّ المادية".

حصلت جميلة على علم وخبر خاص بمؤسستها التي أطلقت عليها اسم "جمعية الجميلة"، وصارت تتواصل مع وزارة الشؤون الاجتماعية وقدّمت لها عدداً من المشاريع الصغيرة، وافقت على اثنَين منها وهما دورتان لتعليم صبّ الصابون وتزيينه. تقول: "أنهينا الدورة الأولى وتعلّمت النساء منها واستفدنَ. ومنهنّ من توجهنَ إلى الاحتراف، وصرنَ يعملنَ في بيوتهنّ وينتجنَ. أمّا الدورة الثانية، فتُنظَّم خلال شهر سبتمبر/ أيلول الجاري".

تشرح جميلة أنّ "الهدف من الجمعية ومن المشاريع هو مساعدة النساء على إيجاد فرص عمل، خصوصاً أنّ النساء اللواتي نستهدفهنّ لا يملكنَ الفرص، بسبب عدم استكمال تعليمهنّ والظروف الاقتصادية في البلاد التي تمنعهنّ من ذلك". تضيف أنّ "هذه الدورات هي لأعمار معيّنة، خصوصاً للواتي بلغنَ سناً يمنعهنّ من تلقّي التعليم"، مؤكدة أنّ "النساء استفدنَ بصورة كبيرة وصرنَ بارعات في عملهنّ".

في السياق، وبعد تعليم الصابون، راودت جميلة فكرة أخرى هي "العمل في الخرز من خلال شكّه بالقماش، وذلك حتى نتمكّن من الدخول إلى السوق بطريقة أكبر. وبالفعل تواصلت مع محترفة في هذا العمل، وعلّمنا مجموعة كبيرة من النساء شك الخرز". تجدر الإشارة إلى أنّ الجمعية كانت قد تأسست في الثاني من فبراير/ شباط عام 2016.

وتلفت جميلة إلى أنّ "ثمّة مؤسسات عدّة في مدينة صيدا تُعنى بالمرأة وبتمكينها، لكنّ عملها محصور بالاهتمام بالنساء الأرامل واللواتي يعانينَ من إعاقة. أمّا النساء المتزوجات اللواتي هنّ في ضائقة مالية واللواتي يحتجنَ إلى فرص لتأمين دخل ما، فلا أحد يعيرهنّ الاهتمام. لذلك كان لا بدّ من الإتيان بعمل لمساعدتهنّ".
المساهمون