نظّم رجال دين عراقيين وأحزاب دينية مختلفة حملة شعبية واسعة لجمع تبرعات مالية لصالح مليشيات "الحشد الشعبي" ومقاتلي لواء أبو الفضل العباس في سورية، في تسعة محافظات عراقية جنوب البلاد.
وأطلق على الحملة التي تهدف لجمع 10 مليون دولار في بعض من تلك المحافظات اسم "العراق وسورية جبهة واحدة عدو واحد"، فيما أطلق عليها في محافظات أخرى اسم "حشدنا المقدس".
اقرأ أيضاً: العبادي يشرك مليشيا الحشد الشعبي في عمليات تحرير الموصل
وشهدت المئات من دور العبادة، كالحسينيات والمساجد والمراقد الدينية بتلك المحافظات، حملات للتبرع من خلال صناديق توضع عند الأبواب لدفع المال، وسط إقبال من المواطنين، خصوصاً التجار ورجال الأعمال والسياسيين ووكلاء المراجع الدينية في النجف وكربلاء.
وتأتي الحملة مع الذكرى الأولى لفتوى "الجهاد الكفائي"، التي أطلقها المرجع الديني علي السيستاني عقب انهيار الجيش العراقي وسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، على مساحات كبيرة من البلاد.
وقال النائب العراقي حسن الساري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "دعم أي جهد لمواجهة الخطر المتمثل بتنظيم داعش هو واجب على الجميع".
وأوضح الساري أن "الحملة تلاقي إقبالاً كبيراً من الناس، وستكون لدعم تشكيلات الحشد الشعبي بالسلاح والعتاد لمساعدته على الاستمرار في ردع هذا السرطان"، في إشارة إلى "داعش".
وتواجه الحكومة العراقية صعوبة في تسديد مستحقات أكثر من 100 ألف عنصر من مليشيات "الحشد الشعبي" يقاتلون إلى جانب الجيش والقوات النظامية، بحيث تشير تقارير إلى أن تلك المليشيات تكلّف العراق ما معدله 3 ملايين دولار كمرتبات ثابتة، إضافة إلى نفقات الطعام والعلاج والنقل ومستلزمات القتال، ولعل هذا ما يفسر إطلاق الأحزاب والمراجع الدينية حملة جمع التبرعات لهم.
وقال القيادي في حزب "الفضيلة" العراقي، محمد الزبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن الأولوية في جمع المال هي لـ"الحشد الشعبي" في العراق، لكن أبناءنا الذين يقاتلون الإرهاب المدعوم من إسرائيل في سورية، سيتم دعمهم أيضاً؛ فنحن نعيش حرباً واحدة".
وأضاف أن هناك "أكثر من 9 آلاف مقاتل مجاهد عراقي في سورية، يقاتلون إلى جانب النظام الشرعي، ومجاهدي حزب الله، ويجب دعمهم حتى نشعرهم أنهم أولوية لنا وليس الحشد فقط"، على حد تعبيره.
وتشمل الحملة المالية التي تهدف، بحسب مطلعين، إلى جمع 10 مليون دولار، محافظات النجف وكربلاء والبصرة وذي قار وبابل وميسان والمثنى وواسط، فضلاً عن جانب الرصافة من بغداد.
واعتبر عدد من القوى السياسية العراقية الحملة، التي وافق على إطلاقها رئيس الوزراء حيدر العبادي، دليلاً على ازدواجية الحكومة في تعاملها مع المكونات العراقية المختلفة، إذ سبق وتحفظ العبادي على حملة مماثلة للعشائر بغرب وشمال العراق لجمع أموال بغية شراء أسلحة لأبناء العشائر المناهضين لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وقال القيادي في جبهة الحراك الشعبي العراقي، محمد عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن "دعم الحكومة لفئة وقص جناحي فئة أخرى، هو ما قصدته دول العالم وأبلغت به العبادي في مؤتمر باريس، ونحن لا تفسير لدينا على ازدواجية العبادي سوى إما أنه طائفي أو ضعيف لا قدرة له على مواجهة المليشيات ورغبة إيران".
وأضاف أن "جمع تبرعات لصالح مليشيات (نظام بشار) الأسد مخالفة دستورية واضحة تنفذ في العلن وتدخل بشؤون دولة أخرى وتغذية للعنف فيها"، على حد وصفه.
وردّ النائب عن كتلة "الأحرار" الصدرية، حسين البصري، على حديث عبد الله، بقوله إن "هدفنا هو الإرهاب، وهو عدو مشترك للجميع، والموضوع لا يحتمل أي تفسير طائفي؛ فالقضاء على داعش وأي قوى تكفيرية أخرى يعني بالنهاية راحة للجميع وخدمة للصالح العام في العراق".
وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أخذ الأمور بتلك الحساسية هو ما أوصلنا إلى هذا الاحتقان الطائفي الشعبي؛ فالمواطن البسيط لا يفسر الأمور كما يفسرها السياسيون الذين أشعلوا البلاد بتصريحات مبطنة".
ومن المقرر أن تستمر الحملة حتى نهاية شهر رمضان المقبل، بحسب القائمين عليها.