جزائريون نجحوا في الإقلاع عن التدخين

12 مايو 2018
للتدخين تأثيرات كثيرة في الصحة (اندرانيل موخيرجي/ فرانس برس)
+ الخط -
كتب عدلان مدي، الذي يدير النسخة الأسبوعية من صحيفة "الوطن" الجزائرية، على صفحته على "فيسبوك"، عن انقضاء سنتين على توقفه عن التدخين. ونشر خبراً احتفائياً، آملاً بأن ينجح في عدم العودة إلى التدخين نهائياً. زوجته أيضاً بدت مسرورة، بسبب تحسّن صحته وصحة طفليهما، اللذين كانا يتنشقان دخان السجائر. أراد خوض التحدي، وكانت النتيجة أنه تخلّص من عادة سيئة. ويعزو بدء التدخين إلى كونه يعمل في الصحافة، وهي مهنة تجعل المرء في حالة قلق طوال الوقت.

وإذا كان عدلان قد انتبه إلى صحته وقرّر التوقف عن التدخين، فإن مهدي شنايفي (42 عاماً) الذي كان يدخن علبة سجائر وأحياناً أكثر في اليوم الواحد، اضطر إلى التوقف عن التدخين بسبب المرض. سابقاً، كان قد خصّص ميزانية لشراء السجائر، قبل أن يبدأ رحلة علاج وتوفير المال. يقول مهدي، الذي يعمل سائق حافلة على خط يربط بين العاصمة الجزائرية ومدينة بواسماعيل في ولاية تيبازة: "كنت أدخن علبة سجائر ونصفاً يومياً ومن دون أن أنتبه. لم أعلم أنني كنت أشتري المرض مع السجائر. حين دخلت المستشفى، منعني الأطباء من التدخين، وفسروا لي العلاقة بين عدم قدرتي على التنفس والتدخين، ونصحوني بالعلاج". يؤكد مهدي أنه قرّر بعد الوعكة الصحية التوقف عن التدخين نهائياً. وبعد مرور أكثر من عام على توقفه عن التدخين، ادخر نحو 500 يورو كان يمكن أن ينفقها على التدخين في تلك الفترة.



ومع اقتراب شهر رمضان، يجد كثيرون فيه فرصة للتوقف عن التدخين أو التقليل منه على الأقل. وإن لم ينجحوا، إلا أنهم يكررون المحاولة. عبد السلام زموش (52 عاماً)، بدأ سعيه إلى التوقف عن التدخين قبل عامين. بدأ الأمر في شهر رمضان، مستفيداً من الصيام. وأكثر ما كان يقلقه هو بدء تقدمه في العمر. يقول: "وجدت أن شهر رمضان والصوم وممارسة رياضة المشي ساعة كاملة عقب الإفطار، كلها عوامل ساعدتني على التوقف عن التدخين لفترة مؤقتة. لكنني كنت غالباً ما أعود إلى التدخين لاحقاً". يضيف: "خلال العام الماضي، قررت عدم العودة إلى التدخين بعد انقضاء شهر رمضان. وسجّلت اليوم الذي توقفت فيه عن التدخين كعيد ميلاد جديد أحتفل به كل عام"، مؤكداً أن "شهر رمضان يعدّ أحسن فرصة للإقلاع عن التدخين".

ربّما يكون التدخين تنفيساً عن هموم مؤقتة، لكنّه يؤدي إلى الإصابة بالأمراض، بحسب جعفر (29 عاماً). يقول إنه اعتاد التدخين في الجامعة، وزاد الأمر بعد تخرجه وعدم حصوله على عمل. "أُشعلها حتى لو لم تكن لدي رغبة في التدخين، ربما لقتل الوقت الضائع. لكنني أفكر بجدية في التوقف عن التدخين". ربما يعي بعض شباب الجزائر مخاطر التدخين، لكن الإقلاع عنه يعد صعباً كون السجائر متنفساً لهم وعادة. في المقابل، نجح البعض في مقاومة التدخين في الجامعة.

من جهة أخرى، فإن بعض الذين أقلعوا عن التدخين، وجدوا أنفسهم يدخنون مرة جديدة بسبب المشاكل الاجتماعية القاهرة. يقول السعيد الذي طُرِد من عمله بعد عشر سنوات، إنه عاد إلى التدخين "هرباً من الواقع". اليوم، لجأ إلى أحد المراكز التي تساعد في الإقلاع عن التدخين بعدما تدهورت صحته، وقد حذره الأطباء من الاستمرار في التدخين.



إلى ذلك، يرى الطبيب محمد بو هيدل أن "للتدخين تأثيرات كثيرة في القلب والشرايين والقصبات الهوائية والأنف والأذن والحنجرة والجهاز الهضمي". ويشير إلى وجوب زيادة توعية المدخنين بما تسببه هذه الآفة من أضرار تهدد حياتهم، وحثهم على ضرورة الإقلاع عنه.

كثيرة هي الجمعيات والمنظمات التي تنشط في مجال مكافحة التدخين. وتعد "جمعية ابن سينا" في ولاية سكيكدة شرق الجزائر، أول جمعية تتخصص في محاربة التدخين من الناحيتين النفسية والسريرية. كما تعمل "جمعية رعاية الشباب" وسط العاصمة الجزائرية على تنفيذ برنامج للوقاية من التدخين، والتشجيع على الإقلاع عنه، علماً أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أرقام صادمة.

ويقدّر متوسط عدد السجائر التي يستهلكها الجزائريون يومياً بـ 15,30. ويقول المدير المحلي للصندوق الاجتماعي حسان نوارة إن عملية وطنية لسبر الآراء نظمت العام الماضي، وأثّرت في 36 ألف شخص يدخنون ما بين 10 إلى 20 سيجارة، علماً أن 5,6 في المائة فقط يدخنون 31 سيجارة أو أكثر في اليوم الواحد. يضيف أن "متوسط عمر الشباب عند بداية التدخين يقارب 18 عاماً".