تتواصل مشكلة التخلص من النفايات في جزيرة جربة التابعة لمحافظة مدنين بالجنوب التونسي والمناطق المجاورة لها منذ أكثر من ثلاث سنوات، دون إيجاد حل يعيد لجزيرة الأحلام رونقها.
ويعاني سكان الجزيرة من تراكم الأوساخ، بعد أن عجزت بلدية جربة حومة السوق عن إيجاد مصب للنفايات بشروط بيئية تحمي المواطنين من خطر انبعاث الروائح والجراثيم والحيوانات السائبة.
حسب تصريح الصحافي والناشط الحقوقي بمحافظة مدنين نور الدين القنطري، لـ"العربي الجديد"، فإن "مشكلة تراكم النفايات في الجزيرة بدأت منذ عام 2012". ويضيف "حين طلبت محافظة مدنين من بلدية جربة استخدام مصب النفايات بمنطقة بو حامد، رُفض الطلب لأنها تستعمل مصب منطقة قلالة". غير أن أهالي قلالة، المدينة المحاذية لجزيرة جربة، احتجوا عام 2012 وطالبوا بلدية جربة بالكف عن استعمال المصب، الذي أصبح يمثل خطراً بيئياً على مدينتهم، وبلغت الاحتجاجات حد الاشتباك مع رجال الأمن.
اقرأ أيضاً: نفايات لبنان.. الوضع أسوأ تحت المطر
إثر ذلك، اعتمدت بلدية جربة على مصبات عشوائية، منها مصب في منطقة مليتة، والتي تصدى أهاليها لسلوك البلدية. عندها طلبت بلدية جزيرة جربة من رئيس الحكومة آنذاك المهدي جمعة إعادة استخدام مصب منطقة قلالة، فما كان من الأهالي إلا أن أحرقوا المصب ومبناه الإداري، ما أبقى الجهات المسؤولة بجربة في مأزق بيئي، فتراكمت الأوساخ في المدينة لدرجة مشاركة السياح الأجانب في حملات لتنظيف الشوارع والساحات.
وبعد انتخابات 2014 جاء وزير البيئة نجيب درويش بقرارات جديدة تمثلت في تغليف النفايات في مكعبات، ووضعها بمنطقة "سوديكش" في انتظار استغلالها، لكن ما لبثت أن أصبحت هذه المكعبات مشكلة بيئية بحد ذاتها. ولا تزال الحكومة عاجزة إلى اليوم عن استغلال تلك النفايات اقتصاديا أو حتى التخلص منها بالردم أو بالحرق.
وأكد الناشط بمحافظة مدنين رياض بوبكري، لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة أصبحت عاجزة تماماً عن إدارة مشكلة النفايات في جزيرة جربة، علماً أنها ترفض إشراك المجتمع المدني في أخذ القرارات". وأضاف "حين اقترحت الحكومة مشروع لف النفايات، أكد المسؤولون آنذاك أن شركات تونسية وأجنبية ستتسابق لشراء المكعبات من أجل رسكلتها، لكن هذا لم يحدث وكانت النتيجة تراكم أكثر من 50 ألف مكعب نفايات بمنطقة سوديكش، يزن الواحد منها نحو 800 كلغ، علماً أن لف النفايات يكلّف الدولة خمسة ملايين دينار سنويا".
اقرأ أيضاً: نفايات غزة تتحول إلى "إسمنت"
ولفت إلى أن المكعبات أصبحت مرتعا للحيوانات السائبة ومصدراً للروائح الكريهة، ما جعل الأهالي يمنعون مرور شاحنات النفايات ورمي المزيد من المكعبات.
واعتبر أن الحل يكمن في التخلي عن المشاريع المستوردة الفاشلة، واقتراح مشاريع جهوية صغرى بكلفة معقولة يشارك في اقتراحها وإدارتها ناشطون بيئيون بعد عجز الحكومات المتتالية عن الحل.
ورأى بوبكري أن إقدام الحكومة على مقايضة السكان المحتجين بالصمت مقابل توفير مشاريع تنموية لصالحهم يعتبر تسييساً لملف النفايات في جربة، ويعكس فشلاً في إيجاد الحلول المناسبة، وخصوصاً أن مقايضة صحة المواطنين بالتنمية ليست منّة بل أمر مخجل.
وكان وزير البيئة قد عقد أخيرا جلسة بحضور ممثلين عن السلطات الجهوية وعدد من ممثلي المجتمع المدني وأهالي منطقتي جربة وسوديكش، خلصت إلى وعود بتحسين الوضع البيئي والتي لا تزال مجرد وعود.
اقرأ أيضاً: إضراب أهالي جربة بسبب الوضع البيئي يشلّ حركة مطارها