قلما تساءل نظام بشار الأسد وحكوماته الرشيدة، عن كيفية سد الفجوة بين دخل سوريي الداخل وإنفاقهم، وعقابيلها على ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 90%، وآثارها على الجانب الاقتصادي، من ركود وبطء دوران عجلة الإنتاج والاستهلاك، أو حتى على المستوى الاجتماعي والأخلاقي.
بيد أنه، وعلى ما يبدو، مسألة التفقير خطة موضوعة من مستويات عليا، يمنع المساس بها، حتى تؤتي أُكلها بالإذلال والتهجير، أو الرضى بإعادة تدوير نظام الأسد، الذي يؤثر على تثبيت الأجور عند 35 ألف ليرة "70 دولاراً"، في حين لا يقل الإنفاق للأسرة السورية، ووفق أقل التوقعات والأبحاث، عن 180 ألف ليرة سورية شهرياً.
أمام هذا التفاوت الهائل، بين أجور السوريين، وبين إنفاقهم وإن بحدوده الدنيا، يتوثب على الشفاه سؤال، كيف يتدبر السوريون أمور معيشتهم، بواقع التصميم على التفقير، لأكثر من خمس سنوات.
ثمة مصادر متنوعة يعتمد عليها بعضهم للتغلب على الغلاء والهروب من أنياب الجوع، كتحويلات خارجية من أهل أو أصدقاء، أو بيع الممتلكات بما فيها المنازل للغرباء الذين يتحينون تلك الفرصة.
وربما من طرائق أخرى، ترتجف اليد أثناء كتابتها، تتعلق ببيع ما يباع لمرة واحدة، وكذا اقتراف الجريمة كحل إجباري، وإن غير مبرر، من منظور قانوني وأخلاقي.
قصارى القول: أعلن "مصدر مسؤول" بوزارة الداخلية بحكومة الأسد، أن عدد المساكن التي تعرضت للسرقة، في مناطق سيطرة النظام السوري، منذ بداية العام الحالي حتى مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بلغ 872 مسكناً، في حين تعرض 390 متجراً للسرقة، مقابل 654 سرقات موصوفة أخرى، 7 حالات سرقة باستعمال السلاح، 6 حالات سرقة بالإكراه والعنف، وفي سرقات الموبايل وصل الرقم إلى 2136.
وطاولت السرقات الممتلكات العامة، بحسب ما أشارت مصادر قضائية، إلى ارتفاع الدعاوى المتعلقة بالجرائم الاقتصادية الخاصة بسرقة المال العام أو اختلاسه أو إلحاق الضرر به من ألف دعوى العام الفائت إلى نحو ألفي دعوى هذا العام، إضافة إلى الصرافة غير المشروعة، وحالات التهريب وإدخال سلع للسوق السورية، غير صالحة للاستخدام البشري.
نهاية القول: بعيداً عن المفهوم العام للجريمة الاقتصادية الذي يتمحور حول مخالفة السياسة الاقتصادية للبلد، لأنه وقتذاك ستكون حكومات الأسد المتعاقبة، جميعها مجرمة.
وبصرف النظر عن الجرائم الاقتصادية الكبيرة، التي يقوم بها الأسد وآله وصحبه، من رهن وبيع لثروات ومصير السوريين، أو ما يحضّر اليوم، لجريمة إعادة الإعمار لتغسل عبر رشى وقروض، الدم والعذابات لست سنوات من الجرائم، أو حتى جريمة النظام السوري بالتفقير المتعمد للسوريين لدفعهم للجريمة، والتي-مجمل تلك الجرائم- لا يأتي عليها القضاء، تبقى محاولات الفقراء بالاحتيال على لقمة العيش، على الرغم من أنها غير مبررة قانونياً وأخلاقياً، الجريمة المعلنة والتي لا تغتفر.