قال المختص في المواريث والأحوال الشخصية بكلية الحقوق في تونس، محمود يعقوب، إنّ مقترح رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، ينص على تكليف لجنة للنظر في مسألة المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، مبينا أن هذا المقترح عُرض سابقا في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، ولكن المبادرة فشلت لأنها اصطدمت بالجانب الديني، وانتهت اللجنة التي نظرت في المبادرة إلى أنه لم يكن من الممكن فصل الديني عن القانوني.
وأوضح يعقوب لـ"العربي الجديد"، أن النص الدستوري الحالي، وتحديدا الفصل الثاني منه، يعتبر مناسبا لإعلان مثل هذه المبادرة، لأنه ينص على أن الدولة مدنية، ما يعني أن الجانب القانوني غير مرتبط بالشريعة. ولفت إلى أنه "رغم عديد المحاولات التشريعية السابقة، إلا أن المساواة في الإرث لم تجد مؤيدين، وليس من السهل تطبيق هذا المشروع، لأنه مرتبط بمسائل أخرى مالية تهم النفقة والمهر، خصوصا أن الرجل مسؤول عن الأسرة وهو الذي ينفق عليها، لذلك يحصل على نصيبين من الميراث، ما يعني ضرورة تغيير مجلة الأحوال الشخصية لتتلاءم مع النص الجديد".
وبيّن أن المسألة معقدة ومركبة، وأن العقليات في تونس لا تزال غير مهيأة لتقبّل مبادرة مماثلة، لأن المطلوب منظومة متكاملة لكي تفعّل على أرض الواقع، بالإضافة إلى أنه يمكن التلاعب بالنصوص القانونية إذا أُقرت المبادرة وتحولت إلى نص قانوني، لأن عديد الحالات يتخلى فيها الأب عن الميراث لفائدة أحد أبنائه ليحرم الآخرين، وبالإمكان إذن أن يحرم المرأة في مثل هذه الحالات، وبالتالي لا يوجد ما يمنع من التلاعب بالقانون إذا أقرت هذه المبادرة طالما أن الكثير من العقول ترفضها.
وأكد أن "المساواة في الإرث مبادرة يجب أن تتحول إلى مشروع قانون يمر على مجلس نواب الشعب"، مشيرا إلى "إمكانية اللجوء إلى المحكمة الدستورية في كل مرحلة عندما تقابل المؤدين والرافضين عراقيل كبيرة، وبالتالي تحتاج المسألة إلى عدة ترتيبات وإلى الكثير من الوقت، وربما كان من الأنسب البحث عن حلول أخرى قابلة للتنفيذ، مثل المبادرة المصرية التي تتضمن السماح للوارث بترك وصية، في حين أنه في تونس لا وصية لوارث، أو البحث عن حلول أخرى لا تحتاج إلى مثل هذه التعقيدات".
وقال يعقوب، إن المرور عبر استفتاء شعبي للنظر في مدى أهمية هذه المبادرة غير مناسب، لأن هناك مسائل وقوانين أهم، مشيرا إلى أن على الأب أن يربي أبناءه على قبول مسائل مماثلة، وأن الأرضية الاجتماعية والسياسية في تونس غير مهيأة لقبول المساواة في الإرث في الوقت الراهن.
ورأت فائزة، وهي عاملة، "أن أغلب الناس سيرفضون المبادرة لأنه يصعب تقبلها، خصوصا أن الرجل لا يتقبل المساواة في الميراث، كما أن النصوص الدينية لا تساوي بين الجنسين في الميراث".
واعتبرت أن "المرأة نفسها قد لا تقبل بالمساواة في الميراث، فما بالنا بالرجل"، مبينة أن هناك حقوقا ومكاسب أخرى أهم، مثل القضاء على العنف المسلط على النساء.
وأكدت سامية، أن المبادرة جيدة وقد تكون حلمها وحلم عديد النساء إن طُبقت، لكنها ترى أنها غير قابلة للتنفيذ، لأنها ستصطدم بعراقيل وإشكاليات، لأن عقلية الرجل ترفض المساواة في الإرث. واعتبرت أن هذه المبادرة ستؤدي إلى تغيير نصوص أخرى، بما أن الرجال قوامون على النساء وينفقون على البيوت، فإنهم سيطالبون مع طرح هذه المبادرة بتغيير أحكام النفقة ومسائل أخرى.