احتشد آلاف التونسيين، اليوم السبت، في مسيرة دعت لها جبهة الخلاص الوطني (تضم أحزاباً ومبادرات أهمها حركة النهضة، وقلب تونس، وائتلاف الكرامة، ومبادرة مواطنون ضد الانقلاب)، وانطلقت من ساحة الباساج إلى شارع الحبيب بورقيبة، بحضور عدة شخصيات وقيادات حزبية، للمطالبة بإسقاط الاستفتاء على الدستور ورفضاً لإجراءات الرئيس قيس سعيّد منذ 25 يوليو/تموز 2021.
ورُفعت عدة شعارات مطالبة بإسقاط الاستفتاء، منها "يسقط يسقط الانقلاب"، "لا استفتاء، لا استشارة، فلوس الشعب ذهبت خسارة". وقال نائب رئيس حركة النّهضة نور الدين البحيري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "تونسيين من مختلف الانتماءات الحزبية والسياسية حضروا اليوم قبل الاستفتاء بيومين، وسيحضرون بعد هذا الموعد رفضاً للانقلاب والقرارات الظالمة"، مؤكداً أنه "لا لإرساء سلطة الفرد ونظام دكتاتوري، فهذا الانقلاب مرفوض".
وأوضح البحيري أن "الشعب التونسي مهما كانت اختلافاته وتناقضاته، لا يمكن أن يقبل هذا الانقلاب"، مؤكداً أن "التجاوزات التي حصلت في شارع بورقيبة أمس، خلال مسيرة لأحزاب رافضة للاستفتاء، دليل على عدم وجود أي مبادئ لهذا النظام، فالشعب التونسي حرّ وناضل من أجل حقوقه ولن يفرط فيها".
من جهته، قال رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، في كلمة ألقاها أمام المتظاهرين: "إننا باقون على العهد والمبادئ منذ اغتصاب السلطة، إلى حين موعد سعيّد للاستفتاء للمزيد من وضع اليد على السلطة، واقتياد الأحرار للمحاكم، وهم يرددون بصوت واحد لا للانقلاب"، مجدداً التأكيد على أنه "لن يتم الصمت على الانقلاب، وعلى دستور يعود بالبلاد إلى حكم الفرد، حيث يسدل الستار غداً على مرحلة أولى".
وبيّن أن "سعيّد سيتلقى يوم 25 يوليو صفعة غير مسبوقة، حيث تزداد عزلته بالعزوف على التصويت"، مؤكداً أنهم كأحزاب ومنظمات يرفضون هذا المسار منذ يومه الأول.
ورأى الشابي أن "الستار سيسدل على هذه المرحلة، وأن الكفاح سيستمر إلى حين انعقاد حوار وطني، والذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها، حيث ستتتالى اللقاءات إلى حين العودة إلى الشرعية".
بدوره، أكد عضو مجلس شورى حركة النهضة أحمد بوجريبة في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الاستفتاء خطوة ضمن مسار الانقلاب، ونتائجه مسبقة ومعلومة"، مؤكداً أن "هناك تضارباً في أرقام المشاركين وأعداد الرافضين التي تزيد يوماً بعد يوم، وما سيحصل الإثنين سيكون مجرد مسرحية لن يبالوا بها لأن هدفهم تصحيح المسار".
وقالت مواطنة تدعى زكية، إنها "عانت من نظام بن علي القمعي وفقدت عملها، وبالتالي لا سبيل لقبول عودة الدكتاتورية"، مضيفة في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الانقلاب جاء ضد الشرعية وضد دستور 2014، وأنه رغم التوافق حوله، وتضمنه أبرز الحقوق والحريات، إلا أنه تم الانقلاب عليه"، مؤكدة أن دستور 2014 "تضمن الفصل بين السلطات، وحدد طبيعة النظام السياسي لتونس، وكان نتيجة 3 سنوات من العمل والنقاشات، ولكن تم وضعه جانباً".
وأوضحت زكية أن "مشروع الدستور الحالي أنجزه شخص واحد بطريقة فردية، وهو دستور سلطاني، وهو بالتالي مرفوض".
من جهتها، أكدت النائبة الأولى لرئيس مجلس نواب الشعب المنحل سميرة الشواشي، أن "المحاسبة ستأتي يوماً، وستكون على التجاوزات وإهدار المال العام، وعلى توظيف الأطفال في حملة باطلة للترويج للاستفتاء"، مبينة أن "دستور 2014 سيبقى دستور الوحدة الوطنية، أما الانقلاب فسيسقط". وتابعت أن "مشروع الدستور الحالي دون كرامة ودون ديمقراطية، وهو دستور باطل".
وأكد عضو مبادرة مواطنون ضد الانقلاب جوهر بن مبارك، أنه "لن يتم الاعتراف إلا بدستور 2014"، مبيناً أن "يوم 26 يوليو (بعد يوم من الاستفتاء) سيكون يوماً عادياً في صف المقاومة، ورص الصف الوطني، والدفاع نحو تكتل وطني جامع ضد سعيّد، تحت شعار وحدة وطنية ضد الهجمة الشعبوية، حيث وضعت الجبهة الوطنية تصوراً وطنياً لتثبيت الموقف، ورفض الاستفتاء، وما يبدو للبعض تراخيا هو في الحقيقة تجنب لبث الروح في جسد ميت وهو الاستفتاء".
وبيّن أن "النظام لن يزيد سوى في عزل نفسه، والشعب سيتعامل مع استفتاء سعيّد بلامبالاة، لأن لديه مشاكل واهتمامات أخرى اجتماعية"، مضيفاً أن "يوم 26 هو يوم جديد من أيام المقاومة لنجاحات الشارع الديمقراطي، وتشكيل الجبهة الوطنية".
وأوضح بن مبارك في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "ما سيحصل يوم 25 يوليو الجاري، هو مواصلة لما حصل على امتداد سنة، وستتم مواجهة ما يحصل من استشارة مزورة واستفتاء، وهم يطالبون بعودة الشرعية وبدستور 2014، وعودة المؤسسات القضائية، والتراجع عن الانقلاب، مشيراً إلى أنه لا بد من رحيل سعيّد لأنه جزء من المشكل".
وشدد بن مبارك على أنه "لا بد من محاسبة من تورط في الانقلاب، لأنه ارتكب جريمة في حق تونس، وكذب وخادع التونسيين".
وترى الأمينة العامة لحزب حراك تونس الإرادة لمياء الخميري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الشعب التونسي سيقاطع الاستفتاء لأنه غير قانوني، مبينة أنه بتعلية الخطر الداهم، وتأويل الفصل 80، وصلنا إلى تأسيس دستور جديد، والسؤال كيف وصلنا لهذا المآل؟".
ولفتت الخميري إلى أن "تونس كانت تحت دستور 2014، ولكن وصلنا إلى تأسيس جديد دون أسس شرعية وقانونية"، مؤكدة أن أغلب الأحزاب والأطياف ستقاطع هذا الاستفتاء، وجل المسيرات جاءت لتأكيد هذا الرفض.