جدل في الجزائر بعد بث التلفزيون الحكومي صوراً صادمة لمجازر التسعينيات

30 سبتمبر 2017
طُرحت تساؤلات حول خلفيات البث (تويتر)
+ الخط -


أثار بث التلفزيون الحكومي في الجزائر صوراً مروعة عن مجازر ارتكبتها جماعات إرهابية خلال الأزمة الأمنية الدامية التي شهدتها البلاد في التسعينيات جدلاً كبيراً في الجزائر حول الخلفيات السياسية التي دفعت السلطة إلى السماح للتلفزيون الحكومي ببث هذه الصور في الذكرى الـ12 للمصالحة الوطنية في الجزائر.

وانتقد أغلب المتابعين إقدام التلفزيون الحكومي على بث صور وصفت بالبشعة والقاسية "كان يفترض ألا تبث أو يتم التنبيه على الأقل من عدم مشاهدتها من قبل الأطفال وذوي القلوب الضعيفة".

ووصف رئيس كتلة حركة مجتمع السلم في البرلمان، ناصر حمدادوش، بث هذه المشاهد بأنه "مزايدة بالمصالحة الوطنية، واستغلالٌ ممجوجٌ للذّكرى 12 للاستفتاء على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية". 

وقال بمنشور في صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك" "إن بث مشاهدَ مروعةٍ لسنوات المأساة الوطنية، يعتبر اعتداءً على الذوق العام، ومساساً بالسكينة العامة في المجتمع. ولذلك نتساءل عن خلفيات ودوافع ذلك، هذه إيحاءاتٌ سلبية، توحي بالابتزاز والمساومة والمقايضة بين الأمن والاستقرار أو القبول بالوضع الحالي".


وأضاف: "إنه اعتداء على ذاكرة الشعب الجزائري، تحقيق الأمن والاستقرار والمصالحة الوطنية إنجازٌ مشترك بين جميع الجزائريين، ولمّا كان الجيش والشعب ينجز ويدفع ثمن ذلك، عبر الحوار مع الجماعات المسلحة، وقانون الرحمة والوئام المدني كان البعض هارباً في الخارج".

وطالبت أطراف عدة بتدخل سلطة ضبط السّمعي البصري بشأن مشاهد الرعب التي بثها التلفزيون الحكومي، ومساءلة وزير الاتصال في البرلمان، والتحذير من تكريس انحرافات خطيرة، كذلك تعهّدت كتل برلمانية بمساءلة وزير الاتصال الجزائري، جمال كعوان، في البرلمان عن بث هذه الصور القاسية.

وعلّق الإعلامي، رياض هويلي، على بث هذه الصور الصادمة قائلاً "مناقشة ملف المأساة الوطنية يتم تناوله من خلال ملتقيات وبحوث وأفلام سينمائية، وليس بهجوم تلفزيوني مباغت واستخدام صور تحرف حتى المادة 46 من قانون المصالحة التي تمنع النبش في ملفات العشرية الحمراء، نحن أمام ديكتاتورية استغلال الصورة من قبل السلطة".

واعتبر الإعلامي توفيق يداني أن "التلفزيون الرسمي يقلب في الذاكرة الموجوعة وينشر مشاهد مرعبة وصوراً صادمة للعشرية السوداء لا يسمح الضمير المهني ببثها"، مشيراً إلى أن "الأمر يتعلّق ببعد سياسي يشير إلى محاولة السلطة الدفاع عن منجزات الرئيس بوتفليقة وأبرزها المصالحة الوطنية التي أتاحت تحقيق استقرار أمني نسبي".

وكتبت الإعلامية مسعودة بوطلعة تقول عن الموضوع "إذا كنت تخوف الناس بإمكانية عودة الإرهاب والقتل، فهذا له معنى واحد أن الإرهاب صناعة ويمكن إنتاجها وقت ما يشاء من يرغب فيها".


وكان التلفزيون الحكومي في الجزائر قد بث صوراً مروعة وقاسية عن مجازر لرمكة ومستغانم وبن طلحة عشية الذكرى 12 لاستفتاء المصالحة الوطنية في الجزائر الذي صادق عليه الجزائريون في 28 سبتمبر/ أيلول 2005، إذ أصدر الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، في هذا التاريخ، قانون المصالحة الوطنية، بعد استفتاء شعبي أقر القانون بنسبة 85 في المائة، استكمالاً لقانون الوئام المدني الذي كان أصدره في عام 1999.

وينصّ قانون المصالحة الوطنية على جملة من الإجراءات والتدابير المتصلة بتسوية آثار الأزمة الأمنية التي عصفت بالبلاد، بينها العفو عن المسلحين الذين يقبلون وقف العمل المسلح وتسليم أسلحتهم، بلغ عددهم بحسب آخر الأرقام  15 ألف مسلح سابق استفادوا من إجراءات العفو القضائي، وإلغاء المتابعات القضائية التي كانت تلاحقهم خلال فترة نشاطهم في صفوف المجموعات المسلحة.

وينتمي هؤلاء المسلحون إلى تنظيمات عدة كالجيش الإسلامي للإنقاذ، والجماعة الإسلامية المسلحة، والجماعة السلفية للدعوة والقتال، وحماة الدعوة والسلفية، إضافة إلى عدد قليل من المسلحين التابعين لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذين سلّموا أنفسهم إلى السلطات بعد عام 2007.

كذلك تضمّن القانون تدابير عفو وإفراج عن 2200 عنصر من الجماعات المسلحة، وعناصر شبكات الدعم والإسناد الذين كانوا موقوفين في السجون، ومنح تعويضات لعائلات المسلحين الذين قضت عليهم القوات الحكومية، إضافة إلى إجراءات أخرى تخص فئات أخرى متضررة من المأساة الوطنية، وإعادة أكثر من 4300 شخص من العمال والموظفين الذين تم فصلهم في التسعينيات بتهمة الانتماء إلى المجموعات المسلحة أو شبهة توفير الدعم المادي لها.

المساهمون