فقبل أنّ تغادر نفقا أرضيا لتصعد إلى الضفة الأخرى من شارع مزدحم بالسيارات تحذرك عبارة أنّ "حيط" النفق الذي مررت به "يسمع ... ويشوف".
تجول ببصرك في المكان فترى بقع طلاء متقاربة الألوان تحاول إخفاء عبارات ورسوم كُتبت بلون أسود عريض على جدران النفق الممتد على مدى أربعين متراً.
ترى هنا خيالا لشعار يطالب الحكومة بعدم رفع أسعار الكهرباء بينما يصعب عليك فك شيفرة خطوط جملة هناك بعد رشها بلون أسود حالك.
تغادر المكان فتنهال عليك سلسلة طويلة من إعلانات بسيطة لأصحاب مهن على أسوار وجدران تقع على شوارع العاصمة الرئيسية. فهنا "معلم دهين" يعلن عن خدماته، وهناك "نجار متنقل" يبدي استعداده لإصلاح خزائن المواطنين بأسعار منافسة.
على أنّ أكثر ما تقابله على جدران شوارع العاصمة الرئيسية هو الإعلان عن توفر "ونش" لجر السيارات والاستعداد "لتشييك" مزارع المواطنين وأراضيهم. ويندر أنّ ترى كتابات ذات صبغة سياسية على الجدران في شوارع العاصمة الرئيسية خاصة مع تشدد أمانة عمان في منع ذلك حتى لا يشوّه وجه العاصمة الجميل.
فعندما أطلق ناشطون قبل أربع سنوات حملة "تيرشرش"، لكتابة عبارات تطالب بالإصلاح على الجدران والميادين العامة، أوقف رجال الأمن أربعة منهم لساعات قبل الإفراج عنهم بينما أزالت كوادر أمانة عمان تلك العبارات بسرعة.
هناك تتناسل بعيداً عن مقص الرقابة الحكومية شعارات تدعو "لملء الأرض مقاومة"، تحيّي غزّة لمقاومتها، فيما تشدد عبارات أخرى على "عروبة فلسطين من النهر إلى البحر" وتطالب بإلغاء معاهدة وادي عربة" التي وقعها الأردن مع إسرائيل لإنهاء حالة الحرب بينهما.
وتزدهر بجانب تلك الشعارات السياسية مكاتيب غرام يخطها مراهقون على أسوار المدارس. هنا يبث ما يجده هؤلاء من الحب وشجونه فيبوح أحدهم بسره قائلاً، "لم أحب قبلك ولن أحب بعدك" بينما يعلن آخر حبه ويضيف "مش حقول تاني".
بينما يدون ثالث شكواه بعبارة تؤكد أنه من "السهل أن تضحي من أجل فتاة لكن من الصعب أن تجد فتاة تضحي من أجلها".
امتزاج السياسة بالغرام على جدران مباني العاصمة عمان لا يمنع من كتابة عبارات طريفة تذكر المارين أن لا ينسوا إحضار خبز عند عودتهم إلى منازلهم.
اقرأ أيضاً: دراما رمضان الأردنية.. التاريخي قبل البدوي