وبدأ غبار المعارك ينجلي، بعد تأكيد وجود قتلى من التابعية التونسية في صفوف "داعش"، اختلفت الروايات في إحصائهم وتحديد هوياتهم، وبرز إجماع على أن من بين هؤلاء أحمد الرويسي، المُتهم باغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وشرح الناشط السياسي والاجتماعي الليبي محمد القاضي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، كيفية بدء المواجهات. وذكر أن "تنظيم أنصار الشريعة، الفصيل الرئيسي لداعش، كان البادئ بالعدوان وإعلان الحرب على قوات فجر ليبيا التي تحارب قوات اللواء خليفة حفتر".
وأشار الى أن "أنصار الشريعة عارضت، وتعارض المسار السياسي المتبع في ليبيا، وتُعادي كل من يدخل في حوار سياسي أو يشارك في العملية السياسية، وانطلاقاً من هذا التشدد الفكري، وبمجرد انخراط قوات فجر ليبيا في مفاوضات الجزائر والمغرب، تحوّلت إلى عدو لأنصار الشريعة حسب منظورها".
وأوضح القاضي أن "قوات فجر ليبيا مستفيدة من هذه المواجهة مع أنصار الشريعة، فهي بهذا القتال ضمنت إعادة تصنيفها إقليمياً ودولياً بحكم محاربتها الإرهاب والتطرف. وبهذا تكون قوات فجر ليبيا قد رضخت لشروط المجتمع الدولي ودول المنطقة". ورأى أن "ذلك سيسمح لها بالمشاركة في الحوار السياسي، حتى تُثبت أنها قوة سياسية ومدنية، قد تختلف في بعض الجزئيات والسياسات مع أطراف أخرى داخل ليبيا، لكنها في المقابل تُصرّ على أن تقدم نفسها كجهة سياسية مدنية ترفض التطرف، وهي مستعدة لتحمل تبعات العداء مع أنصار الشريعة".
اقرأ أيضاً: الحوار الوطني الليبي.. بين غياب الرؤية الوطنية ودور الوسطاء
وتشاطر الناشطة السياسية الليبية ليلى بن خليفة، رأي القاضي، وتُشير في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "قوات فجر ليبيا كسبت بعض الثقة والتأييد دولياً وإقليمياً، وفرضت نفسها كمحاور أساسي وكقوة سياسية في ليبيا بعد حربها مع داعش". واستدركت بن خليفة، قائلة بأن "حرب فجر ليبيا مع التنظيم سيصبّ في مصلحة خصمها الأقوى، ممثلاً في حفتر وقواته المدعومة من أكثر من جهة، والذي يحظى بتأييد سياسي دولي متأتٍ من حكومة عبد الله الثني وبرلمان طبرق".
وفي السياق، اعتبر مسؤول عسكري ليبي، رفض الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات فجر ليبيا رفعت السلاح أصلاً للدفاع عن الثورة الليبية، ولمنع قيام الثورة المضادة بقيادة حفتر وقواته". وأضاف المسؤول الذي ينشط في المنطقة الحدودية التونسية الليبية في راس جدير، أن "قوات فجر ليبيا بمواجهتها لداعش تحمي ثورة فبراير من التطرف والإرهاب، لأن ليبيا التي تريدها هي ليبيا حديثة وديمقراطية ومدنية".
من جهته، رأى مدير فرع الجنوب لـ"المعهد العربي لحقوق الانسان" مصطفى عبد الكبير، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "فجر ليبيا لها من الوزن السياسي والشعبي والعسكري، ما يجعل منها شريكاً في حل الأوضاع في ليبيا"، مثمّناً قرار السلطات التونسية بالتعامل معها بتعيين قنصل في طرابلس وآخر في طبرق. ولفت إلى أن "فجر ليبيا بمواجهتها لداعش تؤكد أنها قوة سياسية مجهزة عسكرياً، وترفض الإرهاب وتحاربه وتسعى إلى أن تكون جهة سياسية".
وعن سبب هذا التصعيد في هذا الوقت بالذات، أكد عبد الكبير، أن "الشركاء الدوليين والإقليميين لليبيا كان لهم دور كبير في الضغط على فجر ليبيا، ودفعها نحو محاربة التطرف والإرهاب لتنال الاعتراف الدولي والإقليمي، وتصبح قوة سياسية يمكن التعامل معها وإشراكها في العملية السياسية والحوار الليبي في الجزائر والمغرب".
اقرأ أيضاً: "فجر ليبيا" تتصدى لمحاولة قوات حفتر التسلل إلى طرابلس