ثمن كرسي الأسد: موت ودمار بمليارات الدولارات

03 يونيو 2014
انتخابات على ركام القصف (تامر الحلبي/فرانس برس/getty)
+ الخط -

يستذكر محروس الخطيب، في يوم المسرحية الانتخابية التي تعيشها سوريا اليوم، بيته الذي هدمته طائرات النظام السوري وضياع كل ممتلكاته، بين سرقة ومصادرة، إضافة إلى فصله من عمله كمدير النقل في إدلب، بتهمة تأييده الثورة .

ويقول مدير النقل المنشق عن النظام لـ "العربي الجديد": "لقد تغيّرت ملامح سورية بعد ثلاث سنوات من الثورة، أدخل إلى المناطق المحررة في ريف سوريا الشمالي وأشاهد حجم الدمار الذي خلفته آلة النظام العسكرية، في ريفي ادلب وحلب، وألمس مدى المعاناة التي يعيشها السوريون، إثر الحصار وانعدام الرواتب وشح السلع وغلاء الأسعار".

ويتساءل المهندس الخطيب، المقيم في تركيا: "أيساوي كرسي الأسد كل هذا القتل والدمار؟ وهل يعقل أن ينظر العالم إلى يوم الانتخابات بعين عدم الرضى والاشمئزاز، ليس إلا؟".

أما كيبرا، وهي مواطنة كردية من ريف حلب، فقد تركت منزلها وأرضها ونجت من قصف الطائرات بأسرتها إلى تركيا.
وتقول لـ "العربي الجديد": "أعمل وابنتاي في مشغل خياطة في اسطنبول كي نؤمن مستلزمات معيشتنا، ريثما ننتهي من إجراءات الهجرة إلى أوروبا. تركنا بيوتنا وممتلكاتنا، وكل سورية لبيت الأسد".

وتضيف: "تخسر سورية طاقاتها البشرية والشابة، وهذا الأخطر، لأن النظام السوري الذي تعامل بسياسة الأرض المحروقة وهدم المنازل وقتل كل من لا يقف إلى جانبه، شتت طلاب الحرية والمواطنة".
وتضيف: "كيف ستعود سورية إلى أهلها وسط الصمت الدولي ومباركة الأسد القتل؟ .. سأهاجر مع أسرتي وأبدأ من جديد بعد أن استحال العيش في سورية".

ثمن بقاء الأسد

 محروس وكيبرا هما عيـّنتان عشوائيتان من مئات آلاف الأمثلة السورية... فما هو ثمن بقاء بشار الأسد على كرسي الحكم، الذي ورثه عن أبيه عام 2000؟ وما هي الخسائر، التي لحقت بالاقتصاد السوري خلال ثلاث سنوات؟.

لا تقل تقديرات خسائر سورية الاقتصادية، وفق أكثر الأرقام تفاؤلاً، التي أصدرها مجلس الوحدة الاقتصادية التابع للجامعة العربية، عن 200 مليار دولار. في حين قدرها المعارض، هيثم مناع، بأنها  "تجاوزت 350 مليار دولار خلال فترة الثلاثين شهراً الأخيرة".

وقال مناع، في تصريحات صحافية سابقة: "لدينا اليوم في سورية أكثر من 50% من المجتمع عاطل عن العمل، و45% ممن يعمل لا يستطيع أن يكسب عيشه حتى آخر الشهر، فضلا عن تحطم  40ـ 45 في المائة من البنية التحتية الصناعية في سورية، ومعظم مصانع الأدوية تم تدميرها، كما لدينا قوائم حصرية بمائة وعشرة آلاف ضحية، و600 ألف معاق جراء الحل الأمني العسكري، الذي اعتمده الأسد ، هذا إذا لم نتحدث عن  2.5 مليون لاجئ خارج البلاد و4 ملايين نازح داخل البلاد. لقد خسرت سورية في مأساتها قرابة 350 مليار دولار".

أما لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، "إسكوا"، فقالت: "تراجع تصنيف سورية في كل المؤشرات التنموية لتحتل المركز قبل الأخير عربياً، حيث خسرت سورية 37 عاماً من التنمية، وتخسر في كل يوم إضافي من حرب النظام على الشعب 109 ملايين دولار من الناتج المحلي الإجمالي".

بطالة وهجرة وفقر

فصّل تقرير "اسكوا" في بعض القطاعات نسب الخسائر، حيث لفت الى أن نسبة البطالة وصلت إلى 24%، في حين قال اقتصاديون لـ "العربي الجديد" إن" البطالة تزيد عن 50% من أصل قوة العمل، خاصة بعد فصل نظام بشار الأسد كل الموظفين المؤيدين للثورة أو القاطنين في البيئة الحاضنة لها من عملهم، ودون ذكر السبب".

وقال التقرير الأممي: "يخرج 300 شخص سوري من بيوتهم كل ساعة، بسبب الحرب وقصف النظام البيوت على نحو عشوائي، بحجة ملاحقة الثوار، ويدخل نحو 9 آلاف سوري تحت خط الفقر كل يوم، ويفقد 2500 سوري القدرة على تأمين قوتهم كل يوم".
لينتهي التقرير بأن استمرار حرب النظام على الحرية يعيد سورية كل عام 8 سنوات إلى الخلف، في جميع المؤشرات الاقتصادية والتنموية.

في السياق ذاته، قال الاقتصادي، عماد الدين المصبح، لـ "العربي الجديد" إن "الخسائر الاقتصادية هي آخر اهتمام عصابة بشار الأسد، لأن الأخيرة هي من بددت الاحتياطي النقدي الأجنبي المعلن في المصرف المركزي، والذي كان مطلع 2011 نحو 18 مليار دولار، ونظام الأسد هو من حول سورية من بلد زراعي مصدر إلى بلد مستورد".

وأضاف المصبح لـ"العربي الجديد": "حوّل النظام سورية إلى مأساة العصر، فالخسائر التي كبدها للبلاد تفوق تكلفة الحرب العالمية الثانية، فبعد أن هدم البنى التحتية وتوقفت عجلة الإنتاج الصناعي والتجارة الخارجية وأرهق سورية بالقروض وقايض بالثروات عبر منحها لحلفائه عبر عقود نفط وغاز، ها هو يستمر في سياسة القتل والتهجير وسط صمت وتخاذل عالمي، لتبقى سورية تعاني لأجيال، بعد حالات اليتم والابعاد عن التعليم وهجرة العقول والكفاءات".

وتتضارب أرقام الخسائر التي ألحقتها آلة نظام الأسد العسكرية بسورية، اذ تشير التقديرات الأخيرة، التي وردت في تقرير "المركز السوري لبحوث السياسيات"، الى ان 45% من السوريين يتركون أماكن إقامتهم، وأن ثلاثة أشخاص من كل أربعة تحولوا إلى فقراء.

المساهمون