ارتسمت ابتسامة الحياة مجدداً على وجه الفلسطيني السيد أسامة وصفي عثمان (51 عاماً) من سكان مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية، بعد أن تفوقت بناته التوائم الثلاثة (ضحى وآلاء وإسراء) في امتحان شهادة الثانوية العامة "التوجيهي" هذا العام، في ما يستذكر الأب ابتسامته الأولى لحظة ولادتهن قبل 18 عاماً.
التوائم الثلاثة حصلن أمس الإثنين، على معدلات مرتفعة تجعلهن من الأوائل على مستوى الأراضي الفلسطينية، حيث حصلت إسراء على المستوى الرابع في فلسطين في الفرع الصناعي والأولى على محافظة طولكرم بمعدل 96.8 في المائة، وآلاء على معدل 95.1 في المائة في الفرع العلمي، وضحى على معدل 94.8 في المائة في الفرع العلمي.
منذ اللحظة الأولى لدخول أبنائه المدرسة، فإن عثمان وزوجته اهتما بتدريس أبنائهم بشكل تراكمي، إلى أن أصبحوا في صفهم الثامن الأساسي، وبعد ذلك اكتفوا بتقديم المعلومات التي يحتاجونها، حسب قول الأب لـ"العربي الجديد".
وتمتاز الفتيات الثلاث بعلاقاتهن الاجتماعية الواسعة، علاوة على التحاقهن بفرق رياضية، ما جعلهن يتمتعن بمحبة الجميع، ما جعل السرور واضحاً على الكثير من صديقاتهن وأقربائهن لدى إعلان النتائج.
تخطط إسراء وضحى وآلاء لدراستهن المستقبلية، لم يحددن بعد ماذا سيدرسن، لكن إسراء تميل لدراسة هندسة الحاسوب أو الهندسة المعمارية، وآلاء تود أن تدرس طب الأسنان أو الهندسة المعمارية، بل ربما الأدب في اللغة الإنكليزية، لكن ضحى تصر في حديثها لـ"العربي الجديد"، على دراسة طب الأسنان الذي أحبته منذ كانت صغيرة.
في فترة دراسة التوجيهي، كانت التوائم الثلاثة يدرسن معاً في غرفة واحدة، وهو ما جعل دراستهن مشتتة ومربكة، لكنها مفيدة في آن واحد، حيث يناقشن ما يردن معرفته مع بعضهن، ويساعدن بعضهن في الدراسة، وحين جاء وقت الامتحان قررن الدراسة بشكل منفرد، حسب ما تقول إسراء لـ"العربي الجديد".
وتنصح آلاء في حديثها لـ"العربي الجديد"، طلاب التوجيهي بتنظيم أوقاتهم ضمن برنامج متنوع يشمل الدراسة والترفيه والعلاقات الاجتماعية، فليست كل الأوقات للدراسة.
يقول الأب لـ"العربي الجديد": "أشعر بالسعادة لتفوقهن، وبقدر تلك السعادة إلا أن قضية تأمين دراستهن مقلقة لي، خاصة أن التعليم في فلسطين مرتفع التكاليف، لدي 3 يدرسون وأضيف لي عبء 3 طالبات جدد مرة واحدة".
"لو كنا في إحدى الدول المتقدمة لكان تدريسهن على حساب الحكومة، فهو واجب وليس منة"، يقول عثمان، لكنه يدرك أن الرزق من الله فقد استطاع تربيتهن حتى وصلن تلك المرحلة، وهو مؤمن أن الله سيمكنه من استكمال تدريسهن.
عاش الأب حياة عادية، فبعد أن تخرج من دراسته قبل نحو 25 عاماً، في تخصص هندسة الكمبيوتر لم يتمكن من العمل بشهادته، فاضطر للعمل سائقاً لنقل طلاب المدارس في مدينة طولكرم، ولم تتمكن زوجته من العمل بشهادتها وهي حاصلة على دبلوم في اللغة الإنكليزية.
وأعلن وزير التربية والتعليم الفلسطيني، صبري صيدم، أمس الإثنين، نتائج امتحان الثانوية العامة "التوجيهي" خلال مؤتمر صحافي عقده بمدينة رام الله، وفي المؤتمر تذكر 16 طالباً من طلاب التوجيهي استشهدوا على أيدي قوات الاحتلال خلال العام الدراسي الماضي، بينما تعتقل قوات الاحتلال، بحسب تصريحات لهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، عشرين من طلاب "التوجيهي" داخل سجونها.
ووفق وزارة التربية والتعليم، فقد بلغ عدد المسجلين في كافة الفروع الدراسية للتوجيهي (78585) طالباً، وكان عدد المتقدمين للامتحان (77772)، وعدد الناجحين (50284) بنسبة بلغت 64.66 في المائة، موزعين على فروع العلوم الإنسانية، والعلمي، والتجاري، والشرعي، والفروع المهنية.