ثلاثة تناقضات بحديث السيسي في مؤتمر الشباب

25 أكتوبر 2016
قال السيسي للحاضرين: "أجيب لكم منين؟" (فرانس برس)
+ الخط -


حملت مداخلات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، خلال المؤتمر الوطني للشباب، بمدينة شرم الشيخ، تناقضات بين التصريحات التي يطلقها وطريقة إدارته على أرض الواقع.

السيسي افتتح المؤتمر الوطني اﻷول للشباب، بكلمة قصيرة للغاية، حيث أعلن انطلاق المؤتمر، الذي سيعقد في نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، لمناقشة قضايا الشباب.

وكان أول تناقضات السيسي، حديثه خلال جلسة استراتيجية التعليم، بقوله: "قبل طرح فكرة لكي تطبقها الدولة يجب السؤال (بكام ومنين)".

وأضاف السيسي، رداً على تخصيص ميزانية أكبر للتعليم، "يا ترى المصريين يستحملوا أن كل الفلوس المتاحة وهي قليلة تتحط للتعليم فقط؟".

تصريحات السيسي أثارت ردود أفعال سلبية وسط المراقبين، بتساؤل "ما فائدة المؤتمر الشبابي إذا لم تكن هناك خطط ورؤية واضحة لتنفيذ توصيات المؤتمر بتوفير ميزانيات؟".

ثاني التناقضات في حديث السيسي، جاء خلال جلسة تقييم المشاركة السياسية للشباب في مجلس النواب، عند الحديث حول أوضاع الشباب المسجون.

ورداً على طلب من أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أسامة الغزالي حرب، بضرورة إصدار عفو أو اﻹفراج عن الشباب المحبوس الذي لم يثبت تورطه في العنف، قال السيسي "لا نريد احتجاز أحد من الشباب، وإنما نتخذ إجراءات قانونية محدودة للمصلحة العامة"، متابعاً "من يرضى أن يرى أولاده في السجون؟".


وطالب السيسي عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد عبدالعزيز، وهو أحد مؤسسي حركة "تمرد"، بتشكيل مجموعة من الشباب أعضاء البرلمان، ومجموعة من الشباب المتواجدين في المؤتمر الوطني، لدراسة ملفات الشباب المحتجزين على ذمة قضايا سياسية، تمهيدًا للإفراج عنهم، طبقا للقانون والدستور.

حديث السيسي المنفتح على اﻹفراج عن بعض الشباب المحبوس، ليس اﻷول من نوعه، ففي أكثر من لقاء صحافي وتلفزيوني مع وسائل إعلام محلية أو أجنبية، أطلق مثل تلك التصريحات، ولكن من دون تنفيذ فعلي.

ووفقاً لمصادر خاصة تحدثت إلى "العربي الجديد"، فإن اﻷجهزة اﻷمنية وأطرافاً بمؤسسة الرئاسة تدخلت مرتين على اﻷقل، لمنع إفراج السيسي عن الشباب المحبوس في قضايا ولم يثبت تورطهم في العنف، أو بعض النشطاء عقب تصريحات مماثلة للسيسي.

وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إنه في إحدى هذه المرات حدث تدخل قبل تنفيذ عملية إطلاق سراح بعض الشباب، ومرة أخرى فرضت أجهزة اﻷمن كلمتها برفض اﻹفراج عن أحد بدعوى أن هذه الخطوة تضر باﻷمن القومي وهي خطر على نظام السيسي.

ثالث التناقضات في أحاديث السيسي التي جاءت متقطعة، هجومه الشديد على اﻹعلام المحلي، في حين يؤكد على احترامه الإعلام في أكثر من مناسبة.

وقال السيسي "الناس اللي بتتكلم على التلفزيون دي منفصلة عن الواقع وبتزيّف وعي الناس، أيوه بتزيّف وعي الناس عن حجم التحدي الموجود فيكي يا مصر".

انتقاد السيسي للأداء اﻹعلامي ليس اﻷول من نوعه، حيث أبدى انزعاجه من زيادة الانتقادات لأدائه شخصياً والحكومة، والتقليل من حجم الإنجازات والتحديات، فضلاً عن التطرق للأوضاع المعيشية السيئة وارتفاع اﻷسعار، ولكنها المرة اﻷولى التي يشن فيها هجوماً حاداً على اﻹعلام.

وقال الخبير السياسي، محمد عز، إن "مؤتمر السيسي للشباب ليس إلا ما يعرف بالعامية (المكلمة)، حيث كثير من الكلام، قليل من الفعل والرؤية".

وأضاف عز لـ"العربي الجديد"، أن "مؤتمر الشباب في يومه اﻷول لم يشهد مشاركة من الحضور بشكل كبير، حيث اقتصر اﻷمر على متحدثين محددين، أغلبهم من كبار السن، متسائلاً "طالما المؤتمر لن يتيح مشاركة واسعة من أكبر عدد من الحضور، لماذا إذن هذا العدد الكبير من الحشود المشاركة؟".

وتابع أنه بدا على السيسي تحولات في خطابه بشكل واضح وصريح، حيث تصدير فكرة "أجيب لكم منين؟"، بعد أحاديثه عن اﻹنجازات والطموحات الكبيرة، وتعليق قطاع من الشعب آمالا عليه في الاستقرار، ولكن ما تمر به مصر هو أسوأ مرحلة منذ 2011.

ولفت إلى أن "هجوم السيسي على اﻹعلام ليس مجرد موقف عابر، خاصة أنه لم يكن هناك سياق واضح لهذه التصريحات، ولكنه أراد توجيه رسالة بضيقه من المعالجات اﻹعلامية، والتي تظهر حجم الخلل والمشكلات في إدارته".

من جانبه، قال خبير في مركز اﻷهرام للدراسات السياسية، إن "مؤتمر الشباب لن يقدم جديدا، ولكن جاء في إطار تحسين الصورة للنظام الحالي وبالتأكيد السيسي، باعتباره راعي الشباب".

وأضاف الخبير بمركز اﻷهرام لـ"العربي الجديد"، أن "السيسي يبدو أن لديه مخططا لبناء قاعدة شبابية له، مثل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، يمكن استغلالها في ما بعد في تأسيس حزب سياسي، فضلاً عن صناعة رجال له في المستقبل، وهي رسالة باستمرار في الحكم ربما لما بعد الفترة الرئاسية الثانية، وهذا يستدعي تعديلا في الدستور".

وتابع أن "المؤتمر الشبابي منفصل في الحقيقة عن أزمات الشباب العادي، حيث أزمة بطالة وحرية وعدالة اجتماعية، حيث إن الشباب المصري لا يمكنهم حصره في خريجي الجامعات وتحديداً من الطبقات العليا في الدولة، وحتى هؤلاء مجرد منفذين فقط، وليس لهم رأي في شيء".