أساس العمل الإنساني كما أي نشاط آخر هو المال؛ فهو المحرك لكل مشروع ولكل نشاط، والمال عادة في غالب الأمر لا يكون مجرداً، لكنه يحمل ثقافات وقيم وشروط الممول وتوجهاته، ويختلف ذلك حسب خلفية الممول وهدفه من دفع المال، وهو ما يخالف مواثيق العمل الإنساني التي تنص على مبادئ الحيادية وعدم التحيز وعدم التمييز.
فقد يستخدم المال للتأثير على دين أو مذهب الفئة المستهدفة وهو أكثر أنواع الدعم شيوعاً في الدول النامية، وقد يستخدم من قبل دول ذات سيادة أو دول عظمى كأداة ناعمة لاستعمار الشعوب والسيطرة عليها، وقد يستخدم في أمور أدق من ذلك لأغراض حزبية أو سياسية، وقد يصل الحد إلى التأثير في المنظومة القيمية والأخلاقية السائدة في المجتمع.
في النظر إلى مجتمعات الدول النامية وخصوصاً تلك التي اعتمدت على التمويل الخارجي وأموال المؤسسات غير الحكومية الدولية والإقليمية لسنوات، ومقارنة حالتها قبل وبعد تلقي الدعم؛ فسيظهر جلياً ما تؤثر به تلك الأموال على اللغة والثقافة والدين والمعتقدات والقيم، ويكون واضحاً التغييرات الجغرافية والديمغرافية التي طرأت بسبب المال الخاضع لسلطة الممول.
إن هذا النوع من المقارنات سيظهر الفرق والبون الشاسع بين التمويل المطلوب المستند على المبادئ والقيم الإنسانية والذي يضمن مبادئ عدم التمييز وعدم التحيز، وبين الواقع الذي تسعى فيه الدول والتكتلات الدينية فرض مبادئها ومصالحها من خلال استغلال حاجات الضعفاء والفقراء الذين لن يقفوا بوجه الدعم الموجه أمام حاجتهم الماسة والشديدة، فغريزة الحياة ستسبق الدفاع عن المبادئ والقيم والثوابت.
تكمن خطورة المال الموجه والخاضع لشروط الممول في نقطتين أساسيتين؛ الأولى هي عدم مراعاة أولويات المجتمع المحلي، والثانية؛ التعارض -في غالب الأحيان- مع المنظومة القيمية للمجتمع المحلي على المدى القريب والبعيد.
إحدى المؤسسات الدولية في مدينة سورية قامت بتوزيع قصص أطفال تحوي نصوصاً من الكتاب المقدس وذلك ضمن حقائب تعليمية في مدينة لا يوجد فيها أي مسيحي مما سبب توتراً حاداً بعد اكتشاف الأهالي لذلك وقاموا بطرد طواقم الجهة من المدينة.
في بعض الأحيان تسعى الجهات الممولة إلى فرض تصور معين من خلال المساعدات الإنسانية خلافاً لطبيعة المجتمع وقيمه وعاداته؛ ففي أحد المدن السورية قامت وكالة إنسانية بتوزيع عباءات سوداء ونقاب على الفتيات في تلك المدينة وهو زي مخالف للزي المتعارف عليه في المدينة بسبب أن الجهة تعتبر أن زي الفتيات غير "شرعي" من وجهة نظرها!
ويصبح المال الموجه أكثر خطورة حين يحاول ترسيخ ثقافة الممول في ملفات أساسية كالتعليم والصحة وحتى السكن، حيث يراهن الممول الخارجي على التأثير على أجيال صاعدة متكيفة مع قيمه التي يريد، فلا يجد مستقبلاً عائقاً في فرض القيم والثقافة التي يريد.
وكالات إنسانية حكومية وغير حكومية لدولة ما تعمل في دولة إفريقية عربية فقيرة أسست العديد من المدارس والجامعات - التي باتت تشكل أساس المؤسسات التعليمية في تلك الدولة – ثم قامت بفرض لغتها في المؤسسات التعليمية التي تديرها لتكون لغة أساسية إلى جانب اللغة العربية، وأقامت مسابقات وطنية للشعر والأدب بلغتها التي لم يكن يعرفها المجتمع قبل سنوات.
المال الموجه والخاضع لشروط الممول هو أداة استعمارية ناعمة تفوق بتأثيرها على المدى البعيد تأثير الدبابات والمدافع والصواريخ.
(سورية)
فقد يستخدم المال للتأثير على دين أو مذهب الفئة المستهدفة وهو أكثر أنواع الدعم شيوعاً في الدول النامية، وقد يستخدم من قبل دول ذات سيادة أو دول عظمى كأداة ناعمة لاستعمار الشعوب والسيطرة عليها، وقد يستخدم في أمور أدق من ذلك لأغراض حزبية أو سياسية، وقد يصل الحد إلى التأثير في المنظومة القيمية والأخلاقية السائدة في المجتمع.
في النظر إلى مجتمعات الدول النامية وخصوصاً تلك التي اعتمدت على التمويل الخارجي وأموال المؤسسات غير الحكومية الدولية والإقليمية لسنوات، ومقارنة حالتها قبل وبعد تلقي الدعم؛ فسيظهر جلياً ما تؤثر به تلك الأموال على اللغة والثقافة والدين والمعتقدات والقيم، ويكون واضحاً التغييرات الجغرافية والديمغرافية التي طرأت بسبب المال الخاضع لسلطة الممول.
إن هذا النوع من المقارنات سيظهر الفرق والبون الشاسع بين التمويل المطلوب المستند على المبادئ والقيم الإنسانية والذي يضمن مبادئ عدم التمييز وعدم التحيز، وبين الواقع الذي تسعى فيه الدول والتكتلات الدينية فرض مبادئها ومصالحها من خلال استغلال حاجات الضعفاء والفقراء الذين لن يقفوا بوجه الدعم الموجه أمام حاجتهم الماسة والشديدة، فغريزة الحياة ستسبق الدفاع عن المبادئ والقيم والثوابت.
تكمن خطورة المال الموجه والخاضع لشروط الممول في نقطتين أساسيتين؛ الأولى هي عدم مراعاة أولويات المجتمع المحلي، والثانية؛ التعارض -في غالب الأحيان- مع المنظومة القيمية للمجتمع المحلي على المدى القريب والبعيد.
إحدى المؤسسات الدولية في مدينة سورية قامت بتوزيع قصص أطفال تحوي نصوصاً من الكتاب المقدس وذلك ضمن حقائب تعليمية في مدينة لا يوجد فيها أي مسيحي مما سبب توتراً حاداً بعد اكتشاف الأهالي لذلك وقاموا بطرد طواقم الجهة من المدينة.
في بعض الأحيان تسعى الجهات الممولة إلى فرض تصور معين من خلال المساعدات الإنسانية خلافاً لطبيعة المجتمع وقيمه وعاداته؛ ففي أحد المدن السورية قامت وكالة إنسانية بتوزيع عباءات سوداء ونقاب على الفتيات في تلك المدينة وهو زي مخالف للزي المتعارف عليه في المدينة بسبب أن الجهة تعتبر أن زي الفتيات غير "شرعي" من وجهة نظرها!
ويصبح المال الموجه أكثر خطورة حين يحاول ترسيخ ثقافة الممول في ملفات أساسية كالتعليم والصحة وحتى السكن، حيث يراهن الممول الخارجي على التأثير على أجيال صاعدة متكيفة مع قيمه التي يريد، فلا يجد مستقبلاً عائقاً في فرض القيم والثقافة التي يريد.
وكالات إنسانية حكومية وغير حكومية لدولة ما تعمل في دولة إفريقية عربية فقيرة أسست العديد من المدارس والجامعات - التي باتت تشكل أساس المؤسسات التعليمية في تلك الدولة – ثم قامت بفرض لغتها في المؤسسات التعليمية التي تديرها لتكون لغة أساسية إلى جانب اللغة العربية، وأقامت مسابقات وطنية للشعر والأدب بلغتها التي لم يكن يعرفها المجتمع قبل سنوات.
المال الموجه والخاضع لشروط الممول هو أداة استعمارية ناعمة تفوق بتأثيرها على المدى البعيد تأثير الدبابات والمدافع والصواريخ.
(سورية)