ثائر العجلاني: "شبيح" هنا و"بطل" هناك

28 يوليو 2015
جدل واسع على وسائل التواصل (تويتر)
+ الخط -
في الأزمة السورية المشتعلة، أزيد من أربع سنوات، يكاد ينقطع الخيط الرفيع بين ما هو مهني وسياسي، حيث يتلطى كل جانب بالآخر، ويتماهيان بشكل موارب في كثير من الحالات.

وبينما يتقدم أحياناً الموقف السياسي على المهني دون مواربة، قلما نعثر على حالات تقدم فيها المهني على السياسي.

حالة الصحافي ثائر شمس الدين العجلاني، الذي قتل الاثنين، خلال مرافقته قوات النظام السوري في جبهة جوبر قرب دمشق، تُشكّل نموذجاً للحالة التي تقدم الصحافي صاحب الموقف بوصفه "بطلاً" في نظر جمهوره، بينما يرجمه "الجمهور الآخر" بتسويق رواية القاتل، وتبرير أفعاله... لدرجة تجعل منه شريكاً في جرائمه، وتنزع منه صفة الصحافي، كونه "أحد أدوات الآلة الحربية للنظام، له دور محدد في إكمال معالم الجريمة، وإن يكن بالكاميرا أو الكلمة وليس بالبندقية".

اختلاف التقويمات بدا واضحاً في رصد ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أجمعت في جبهة المعارضين على اعتبار العجلاني مجرد "شبيح إعلامي" جنّد نفسه لإسناد عمليات النظام العسكرية، فضلاً عن عمليات حزب الله ومليشيا الدفاع الوطني، التي كان مدير جهازها الإعلامي، إضافة إلى عمله كمراسل لإذاعة "شام أف أم" ولمحطة "ال بي سي آي" اللبنانية.

مرافقة العجلاني الدائمة معاركَ قوات النظام في جبهات دمشق، جعلته مصدر معلومات هاماً لكثير من شرائح الجمهور الموالي، خصوصاً داخل سورية، سواء عبر رسائله الإعلامية، أو من خلال حسابه على "فيسبوك".

وكان آخر ما كتبه، في الساعة الخامسة من فجر اليوم الذي قتل فيه، إنّ "منطقة جوبر تتعرض لطلقات صاروخية مكثفة"، ليلقى بعدها، بأربع ساعات، حتفه مع ضابطين وضابط صف من جيش النظام بقذيفة أطلقها مقاتلو المعارضة... لتبادر بعدها قوات النظام إلى إمطار المنطقة بوابل من القذائف والغارات الجوية، استخدمت فيها مادة الكلور السامة، مما أدى إلى إصابة العشرات بحالات تسمم.

في معرض دفاعه عن العجلاني، كتب أحد الصحافيين السوريين على "فيسبوك" أنّه "كان دائماً يتابعه كي يعرف ما يجري على الأرض". ووصفه بأنّه "مقاتل الصوت والصورة والكلمة والحقيقة. هو الذي كان يفرح بالمصالحات وينبئنا بها، كان أمامه مسلحون لم ينسَ أبداً أنهم بشر تورطوا في عويل بلد ضاعت فيه الحقائق وضاعوا معها".

وأضاف: "كان ثائر العجلاني إنساناً يقاتل من أجل الإنسان. وكان يحب السلام ويقاتل من أجل السلام وكانت سورية وجراحها تنبض في خطاه الحثيثة التي ترافق الجنود".

وفي المقابل كتب صحافي آخر إنّ "العجلاني انتفت عنه صفة الصحافي، حين رضي أن يكون في صف قوات النظام مبرراً جرائمها، بل ومصوراً تلك الجرائم بما تتضمنه من قصف عشوائي وبراميل متفجرة وصواريخ تائهة، على أنها بطولات وانتصارات على الإرهابيين بحسب رواية النظام".

والحقيقة أن هذا الشاب، وهو ابن الكاتب المعروف، شمس الدين العجلاني، لم يكن مجرد مراسل موالٍ للنظام، حيث تشير صفحته الشخصية على "فيسبوك" إلى مدى الشهرة الواسعة التي حققها في صفوف الموالين الذين كان في نظرهم مصدراً رئيسياً للمعلومات، في ظل التعتيم الإعلامي الذي ينتهجه الإعلام الرسمي.


اقرأ أيضاً: "داعش" والحوثيون أخطر منتهكي حرية الإعلام في العالم العربي

المساهمون