تيماء "بائعة السوس" في ريف إدلب تشغل السوريين

26 ابريل 2020
تأثر بالغ بمشهد الطفلة (فيسبوك)
+ الخط -
احتلت صورة الطفلة تيماء "بائعة السوس" الصفحات، التي يستخدمها السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، مع الكثير من التعاطف مع طفلة جميلة لا يتجاوز عمرها أربع سنوات، التي اضطرت لبيع السوس في أحد مخيمات ريف إدلب، ربما بالمشاركة مع أحد أفراد عائلتها (لم توضح الصورة)، لكن من المؤكد أن ما أقدمت عليه الطفلة من خطوة كبيرة بالنسبة لعمرها يأتي بهدف إعالة العائلة في ظل تفاقم الوضع الاقتصادي جراء النزوح والمعارك الأخيرة، ولا يشمل تردي الوضع الاقتصادي إدلب وحدها، وإنما كافة أنحاء البلاد.

الصورة التي التقطت في اليوم الأول من شهر رمضان، علقت عليها صفحة "إدلبيون" بعد نشرها: "على كتف صخرة في أرض قاحلة تجلس بعمرها الطفولي لتبيع ما تيسر من رزق قسم الله لها لتعيل أسرتها المتعففة؛ طفلة صغيرة عمراً ولكن بعملها تعلم شعوبا بأكملها أن البرد أجمل والحجر يؤكل.. ولكن لا تصافحوا من هجرها.. ولا تصفحوا".


ونشر الطبيب دلامة علي من "فريق الاستجابة الطارئة"، الذي ينشط في إدلب وما حولها، مقطعاً مصوراً لأحد أفراد الفريق أثناء جولته في إدلب، وقد التقى الطفلة تيماء، مصوراً إياها أثناء قيامها ببيع السوس، ما أظهر الكثير من براءتها وعفويتها، وعلّق عليه: "أثناء عمل أعضاء الفريق وتجوالهم بالمخيمات... شاهدنا تيماء... بائعة السوس الجميلة".


فيما شارك الكاتب والصحافي أحمد عمر صورة تيماء "بائعة السوس" معلقاً عليها بصيغة أدبية: "أشهر قصة أطفال عالمية هي قصة بائعة الكبريت التي تؤنس وحشتها بحرق أعواد الكبريت ونهايتها حزينة، فلم يشتر الكبريت أحد. اقتبست عنها أفلام وصور وموسيقى حزينة، وهي للأخوين غريم... بائعة السوس السورية، طفلة في عمر بائعة الكبريت؛ باسمة، خجلة من عين الكاميرا التي اقتحمت خلوتها، غير مكترثة بحقوق النشر المحرمة دوليا، واعتدت على كرامتها... كأنها حسناء موشكة على الخطبة.. أو كأنها أميرة جار عليها الزمان... هي لا تبيع ناراً وإنما شراًبا طيباً، يروي ظمأً وشوقا إلى الله والجنة... وهي تبيع السوس وأخواتها من المشروبات في البرية الموحشة.... وقد انثنت أكياس السوس والتمر على أجنابها من الحنين... وعددها سبعة وهو رقم مقدس! كيس السوس هو ذو الرغوة... الجلاب سيجلب لها السعد... خلفها سور وصخور جلاميد ذات بأس شديد... وأعشاب وزهور لم تزهر بعد.... خلفها أيضا شاخصة تشبه شاخصات المدن البعيدة.... كأن هذه الطفلة مدينة أو مملكة مفقودة مثل الأطلنتس أو مدينة النحاس... والخط خجول، جميل، فيه أخطاء الحبو والعثرات الأولى.... تقول الشاخصة إنها شركة عالمية تبيع الحب بالجملة والمفرق... تنظر إلى صورتها الخالدة... وتكاد تموت من الظمأ".

فيما هاجم حساب لمن سمى نفسه "غريب الدار أبو فارس" من وصفهم بباعة الوطن، بعد مشاركة صورة تيماء، وقال: إننا نعلم من كانت بائعة السوس ونعلم أيضاً بائعة التفاح والورد والكبريت ولكننا لا نعلم من باع الوطن. ليتنعم بعيشه على جثث الأبرياء ويقاسم لقمته بلقمة الفقراء والمساكين، التي سرقت الحرب أحلامهم وبراءة طفولتهم".

ويعتبر السوس مشروباً شعبياً بالنسبة للسوريين في رمضان، وفي الفترة الأخيرة وسنوات الحرب، بات المتضررون من فقدان أعمالهم، بسبب النزوح أو التهجير، يضطرون للجوء لمهن مثل بيع السوس وغيرها من المهن المشابهة، في محاولة لتأمين مردود مادي بسيط في ظل الضائقة الاقتصادية التي خلفتها الحرب، لكن أن تضطر طفلة لا يتجاوز عمرها أربع سنوات للعمل في بيع السوس، متحملة ظروف البرد والوقوف على أقدامها لكسب رزقها، فهذا لم يكن للسوريين أن يتخيلوا رؤيته، لكنه حدث.
المساهمون